من أين اكتسب العقلُ الغربيُّ الجُرأةَ في الإساءة للمصحف الشريف؟ بقلم/ منتصر الجلي
تاريخياً:
بالأخذ بنظريات العقل، وكيف يتحول ذلك الجهاز الإداري، لذات وجسد الإنسان، إلى أدَاة وآلة تقف في وجه الخالق سبحانه، تساؤلات تطرح على بساط الواقع، وكلّ ذي فطرة يستنكر مستقبحاً ما يحول إليه العقل من سلبية تفكير، وفقدان المنطقية البحتة.
عمل العقل الغربي على زرع أفكار في أجياله المتعاقبة في النسل اليهودي: اتحاد الأديان، وكلّ مقدس، وعمل على التحجيم من أمر الأديان، كيفما كانت، وتحت أي نوع هي، في المقابل عمد إلى تأصيل الحياة المادية، وجعلها بوتقة الوجود، وأصله، في نظرة تسعى وسعت الماسونية إلى زراعتها قيمياً لدى الجيل اليهودي، مع ذلك حين يرجع الأمر من العقل إلى النفس، تصبح النفس ذات قرارات منبعها، الهوى، أساليب لها جذرها التاريخي في سلسلة اليهود، ذكر ذلك في عددٍ من آيات الله سبحانه، نحو قصة السامري، الذي أحال فعله حين أخرج لهم عجلاً له خوار، إلى النفس، وأن نفسه المادية هي من قادت الفعل وصنعت عجلاً من ذهب خالص، قائلاً: كذلك سولت لي نفسي، مما أكسب العقل اليهودي جرأة إلى العمل أكثر للاعتداء على الحرمات رغم معرفتهم ذلك، ونحو ما جرى في قصة أصحاب السبت، الذين قادتهم أنفسهم مخالفة أمر الله في عدم الاقتراب من البحر في اليوم الذي مُنع عنهم الصيد.
هنا ومع عملية التعود اكتسب العقل قدرة على كسر حواجز النهي الإلهي تمهيداً حتى أصبحت النفس مائدة كُـلّ جريمة.
واقع المادة:
مع تقارب العصور، ودخول أُورُوبا عقب الثورة الفرنسية الكبرى، وعصور الظلام، خرجت منها عبر العلوم التي أخذت سرقاً من مكتبات العالم الإسلامي، فجاءت الابتكارات شاهدة على مدى ما وصل إليه العقل العربي، أَيَّـام كانت العلوم الإسلامية نوراً يضيء المشرق والمغرب العربي، لكن الضعف الذي أصاب الحكومات المتعاقبة على حكم الدولة الإسلامية والتي آخرها تركة الرجل المريض بما سمي الدولة العثمانية، عقب الحرب العالمية الثانية، انقسم العالم إلى شرق وغرب، فيما سعت أوروبا استهداف المشرق، والعالم الإسلامي ككل، تحت عناوين وذرائع كانت تسقط تباعاً، أَسَاسها بغض اليهود للدين الحنيف.
في العصر الحالي:
وجد الغرب أنفسهم بين مآلات متعددة، فبعد إقامة وطن قومي لليهود، وتحت هذه الذريعة، للاحتلال الجديد بمساعٍ بريطانية أمريكية، على الأراضي الفلسطينية، وإعلان دولة الكيان الإسرائيلي من عام 1945م، بعد العهد الذي سمي سياسيًّا فيما بعد بوعد بلفور، كسرت حواجز الغرب، ووجدوا أرضية أمامهم للعودة الاستيطانية الاستعمارية للبلاد الإسلامية تمثلت في عاملَينِ:- الأول زعماء يسعَون للتطبيع، سهل انجرارهم واقتيادهم، وعملاء يبيعون الأوطان مقابل دراهم معدودات أَو غيرها.
حين أعلن الشهيد القائد السيد: حسين بدر الدين الحوثي، رافعاً شعار القرآن الكريم، والبراءة من أعداء الله، موجهاً البوصلة للشيطان الأكبر أمريكا، أدرك الغرب حقيقة المشروع وأن الحياة عادت إلى القرآن الكريم عبر السيد، أسرع لوأد المشروع في مهده واستهداف الشهيد القائد بستِّ حروب، من خلال أدواته، في آخرها بمشاركة السعوديّة.
هنا وبعد مرور ما سمي الربيع العربي وجد الغربيون طرقًا سهلة لاستهداف الشعوب الإسلامية، بلداً بلدًا، ودولة دولة، أصبحت القضية الفلسطينية في مهب الريح أكثرَ من ذي قبل، ونتجت عددٌ من مشاكل وحروب في البلدان العربية، حَيثُ وجهت بُوصلة الاستهداف في أغلبها لمحور المقاومة إعلامياً، وسياسيًّا، وعسكريًّا؛ إذ لم يكن آخرها العدوان على اليمن والذي لليوم في عامه التاسع.
ضعف عربي إسلامي، وتشرذم، طوائف تشدّدت حتى خرجت لذبح الإنسانية، فكانت نتاجًا أمريكيًّا وصنيعة أمريكا، في واقع كهذا وجد المتشدّدون فكرياً، من ذوي الحقد الأعمى على الإسلام والمسلمين الذريعة لاستهداف المسلمين في مقدساتهم، فكانت الدنمارك والسويد أشد تلك البلدان اعتداءً واستهدافاً لأبرز مقدَّسَينِ لدى المسلمين: الرسول صلوات الله عليه وآله، والقرآن الكريم؛ لإثارة السخط، ورسم صورة للمجتمع الغربي أنه انظروا للإسلام في مقدساته، أين هي ردة الفعل من العالمين الإسلامي والعربي؟.
ما صدر عن العراق وإيران من سخط وطرد سفراء السويد هو عمل في صميم القضية، وأحد أبرز ردة الفعل التي يجب أن تكون في مقابل حرق المصحف الشريف، وقبلها الاعتداء عليه وتمزيق نسخ منه.
كذا الإدانات، والمقاطعة الاقتصادية والسياسية وغيرها، وما يمكن أن يصدر من مواقف علمائية لها كلها دورٌ في أن يُعيدَ الغربُ النظرَ في مثل هكذا جرأة ومساس بأقدس مقدَّسات الله على وجه الأرض: القرآن الكريم.