كربلاءُ ثورة العصر الحاضر.. بقلم/ خـديـجة الـمـرّي
ما نُشاهِدُهُ اليومَ في واقعنا وعصرنا الحاضر ممّا يجري من أحداث ومُتغيرات في الساحة العربية والإسلامية، نجد أننا نعيش العصر نفسه والواقع الذي عاشه الإمام الحسين -عليه السلام- الواقع السيء الذي يسعى فيه الكثير من أبناء هذه الأُمَّــة بتدجينها وإبعادها عن الجهاد في سبيل الله، عن التحَرّك ومواجهة الأعداء والتصدي لِمُؤامراتهم الشيطانية التي يسعون إلى تربية هذه الأُمَّــة على الذلة والهوان والتخاذل والخنوع والاستسلام، والانقياد في صفهم مهما كلفهم ذلك.
ونحنُ نُشاهد الشعوب والأمم في عصرنا كيف أصبحت مقهورة ومظلومة، وهي تُظلم كُـلّ يوم، وتعيش المآسي والأوجاع، والظلم بشتى أنواعه وأساليبه، والقهر والاضطهاد تحت رحمة اليهود والنصارى، أَو على حساب ممّن يُسمون أنفسهم مُسلمين ويتلبسون باسم “الإسلام”، وللأسف الشديد لقد عانت الأُمَّــةُ نفسُها من ذلك اليوم الذي قُتل فيه سبط رسول الله الإمام الحُسين -عليه السلام- وإلى يومنا هذا، نتيجةً لتفريطها، وتقصيرها، وتخاذلها عن الحق، وانجرارها في صف الباطل والسكوت والجمود عنه، وعدم التحَرّك في إطار الموقف المبدئي الديني الإنساني الصحيح.
فمأساة الأُمَّــة ما زالت قائمة ومُستمرّة منذ حادثة كربلاء وما جرى بعدها من أحداث مأساوية، وصلت إليها الأُمَّــة ونتائجها واضحة ودون أدنى شك في ذلك.
وأمتنا اليوم كافة، والشعب اليمني خَاصَّة نواجه نفس الطغيان اليزيدي ووحشيته وإجرامه بِما تعنيه الكلمة، مُتمثلة “بأمريكا وإسرائيل” وآل سلول وكلّ من انجر في صفهم من صهاينة العرب، ولحادثة كربلاء امتدادها ولم يطوِها النسيان فهي ثورة العصر الحاضر وقضية الأمس هي نفسها قضية اليوم، وما حدث لشعبنا العظيم من جرمٍ واستهداف وعدوانٍ غاشم ومظلومية وحصار خانق، فيُمكننا القول بأنها كربلاء العصر من جديد، وحُسين عاد بثورته الجهادية، وعاد معهُ الطاغية يزيد، فكل حُر على الدنيا يسمى “حُسين”، وكلّ طاغٍ يُسمى “يزيد”.
فالقضية هي نفس القضية لا تختلفان امتداداً للمعاناة من ذلك الزمن، وما شاهدناه في شعبنا العظيم هي كمظلومية كربلاء رأيناه يُقتل بأفتك الأسلحة، ويُستهدف بكافة أشكال الاستهداف، ناهيك عن تمزق الأشلاء والدماء التي تسيل في الشوارع والطُرقات؛ لإخضاع شعبنا بأكمله، وتركيعه وإذلاله، وإبعاده عن عزّة الإيمان، وتربية القرآن، تلك التربية الحُسينية المحمدية العلوية الإيمانية.
ولكن خيار شعبنا كان الصمود والثبات، والاستبسال في ميادين النضال، وكان موقفه الإصرار والعزيمة والصبر، والتضحية في سبيل الحق، وعدم السكوت والتخاذل عنه، وبهذه الروحية والوعي الذي جسده الإمام الحسين عليه السلام، عندما قال: (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة وبين الذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت، وأرحام طهرت ونفوس أبيّة وأنوف حمية من أن نُؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام) ألا إن شعبنا ما زال يحملها ويجسدها مُقتبَسًا من ذلك النور الساطع، والمدرسة الحُسينية مُواصلًا المسيرة القرآنية، في طريق الجهاد والاستشهاد، مُنطلقاً من خلال المبادئ الراسخة، متزودًا من مدرسة الحُسين العزة والإرادَة والحرية والكرامة والإباء، مؤسّس بنيانٍ شامخ من العزة والمجد متحَرّك بإيمانٍ صادق، معتمدًا ومتوكلٍ على الله، ورافعًا شعار: (هيهات منا الذلة).