وجهاتُ نظر منفصلة حول “قرار الفصل”.. بقلم/ محمد محسن جلّاس
مع مرورِ الأسبوع الأول من العام الدراسي الجديد بكلية الإعلام جامعة صنعاء، نلحظ جدلاً واسعاً وتساؤلات حول قرار الفصل بين الطلاب والطالبات وحيثياته ومآلاته.
وفي حين يعتقد البعض أن حيثيات القرار ناتجة عن فكر متطرف، والبعض الآخر يتكهن بأن في القرار نوعاً ما من الإساءة إلى الطلاب والطالبات -وكلتا الحالتين هي تصورات خاطئة- فَــإنَّ حيثيات ودوافع وأغراض القرار تختلف كَثيراً عن ما أشيع من آراء وتصورات وتكهنات.
الدين الإسلامي لا يدعو حامليه للتطرف أَو التزّمت ولا يسيء إليهم، فمثلاً في السنة النبوية، عقوبة شارب الخمر الجلد، وفي القرآن الكريم عقوبة الزاني الجلد أَيْـضاً، وعقوبة السارق قطع اليد، ومن السائد لدينا كمسلمين أن تفشيَ هذه الجرائم تساهم في إضعاف تماسك النسيج الاجتماعي، وتجعل منها بيئة لا تتناسب مع الفطرة الإنسانية، لذلك ينبغي أن تكون هناك ثمة طرق تكافح تلك الجرائم للحد من انتشارها في أوساط المجتمع، وهذه الطرق موجودة فعلاً في الساحة الإسلامية، فمثلاً الخمر يمنع بيعه جهاراً ويتم ملاحقة عمليات التهريب أَو البيع السرية، وذلك لتحصين المجتمع، وهذا الإجراء هو للحد من انتشاره وليس اتّهاماً بأن المجتمع يندفع نحوه، وعندما نضع احتياطات أمنية على ممتلكاتنا فهذا ليس؛ لأَنَّ مَن حولنا متهمين بالسرقة، وإنما للحيطة وصون ممتلكاتنا وعدم ترك بيئة خصبة للسرقة، وعندما يضع الأبوين إجراءات رقابية على أبنائهم، فهذا ليس اتّهاماً لهم بالانحراف ولا سوء تقدير لمستوى التربية التي عكفا عليها لسنوات، وإنما لتعزيز حماية الأبناء أنفسهم.
وهكذا هو حال قرار الفصل، فهو ليس اتّهاماً بوجود ممارسات أَو سوابق تخل بالآداب في صفوف الطلاب والطالبات، وإنما قراراً تراه قيادة الكلية أنه إجراء لإغلاق الأبواب الممكن سدها أمام هجمات الحرب الناعمة، لا سيَّما أن منتسبي الإعلام هم الأكثر ارتباطاً بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والتي عبرها تتدفق الظواهر السلبية ومسارات التحريف التي تستهدف هذا الجمهور.
وأيضاً لا ننسى أنه في الجانب المقابل من تداعيات هذا القرار، نتائج يراها الكثير قد تؤثر على طبيعة سير العملية التعليمية، وذلك في جوانب الأجواء التنافسية بين الطلاب والطالبات، وكذلك قلة الالتزام السلوكي داخل قاعات المحاضرات، حيثُ إنه بحسب تجربتي الدراسية على المستوى التربوي والأكاديمي في حالتي الفصل والاختلاط، لاحظت في الحالة الأولى غياباً نسبياً في المنافسة، وَأَيْـضاً غياباً نسبياً للهدوء واحترام الأجواء الدراسية داخل القاعات، حَيثُ يمثل تواجد الجنس الآخر داخل القاعات رادعاً للكثير من الغوغائية والفوضى التي يقدم عليها بعض الطلاب، فضلاً عن أن الكثير من الطلاب في حالة الاختلاط يتحاشى الوقوع في موقف محرج من قِبَل المدرس في حال صدر منه ما يقوده لذلك.
وفي السياق ذاته أَيْـضاً، فَــإنَّ هذا القرار حتماً سيقلل فرص الحصول على المحاضرات التعويضية حال تغيّب المدرس عن محاضرة أَسَاسية لظرفٍ ما.
وعلى كُـلّ حال، فَــإنَّ للقرار وجهات نظر لدى المستهدفين فيه، تتراوح بين الإيجابية من حَيثُ تحصين النفس والتفرغ لمزاولة المسؤوليات الأُخرى ومراجعة الدروس خلال فترة الإجازة الأسبوعية الطويلة التي تحتل غالبية الأسبوع، وبين اللا إيجابية من حَيثُ الجوانب المذكورة سلفاً.