ما بين حسين الطف وحسين مران.. مظلوميةٌ وانتصار.. بقلم/ أرياف سيلان
من سُنة الله في هذا الكون الكبير وجود الحق وأنصاره، وضده الباطل وأعوانه، ودائماً الحق مُحارب من قِبل الباطل، ومن حكمة الله وتجلياته نُصرة ومؤازرة الحق إذَا تحَرّك أهله، انطلاقاً من قولهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}؛ فـمِن العظماء الذين وقف الباطل ضدهم، وبكل ما أوتي من تكبر وطغيان، ومن الذين ذاقوا المظلومية بشتّى أنواعها، ومن الذين تفنن الظالم بظلمه لهم وتجبره عليهم، ومن الذين نتكلم عن الفداء فتجيب التضحية بذكر أسماءهم الشريفة المطهرة، من الذين هم الحق نفسه، هم الطريق الصحيح، من أبحر معهم وفي سفينتهم فاز ونجا من غرق التيه والضلال والغوى، ومن تولّى عنهم خاب وخسر ومات قلبهُ وإن كان جسده حيًّا.
طُهر طهور من نسل الأخيار الأطهار، فتلطخت أيديهم المسمومة بدمه، سيد شباب أهل الجنة، فلم يبالوا وهُدِرت روحه، سبط رسول الله وقرة عين ابنة المصطفى، فقد زُهِقت نفسه المشرفة على أيديهم، عَلم من أعلام الأُمَّــة ووارث باب مدينة علم رسول الله، عادوه وحاربوه وقاتلوه حتى صار شهيدًا، وقتلوا ونكلوا بأسرته وسبوا أهله ومارسوا أشد أنواع العذاب حتى الموت مع مناصريه والمخلصين له والصادقين معه والمحبين المتبعين حقيقة لجده صلوات الله عليه وعلى آله، وهكذا عمل المنافقون بالحسين بن علي عليهما السلام، مظلومية ما زادتنا إلا حُبّاً وإخلاصاً لآل بيت رسول الله، وهكذا يتوالى الزمان، قرونًا تلو أُخرى والأعداء المنافقين لا يكفون عن محاربتهم لآل بيت رسول الله ومشاريعهم الحقة لكي تتوانى الأُمَّــة عن الدين ولكي يضيع الإسلام ويأتوا به بالشكل والتخطيط الذين يريدونه.
فقد أرسل الله مُنقذاً للأُمَّـة وقد كادت في الهاوية، أتى لنا عظيمٌ لإرجاع المسلمين إلى فهم دينهم وما يريد منهم دينهم، بعد أن كادوا على مشارف الزيغ بأيدي محسوبين على الدين في الظاهر وباطنهم نفاق وحقد على الإسلام، أتى من نسل الحسين بن علي، حُسينُ البدر في عصرنا رحمةً من الله للأُمَّـة في زمن انسلاخ الأُمَّــة عن الطريق المستقيم، فقد ناصروه، رجالٌ عاهدوه وتعهدوا له بالفداء ولمشروعه بالنُصرة والاتباع، ولمنهجه بالسير على النهج، هم قليل من عرفوا السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- حق المعرفة في عصره ولكن كم من الأجيال الحالية، عرفت واتبعت ونهجت وسلكت وضحت وقاتلت وقُتِلت في سبيل المشروع القرآني لقرين القرآن، بعد أن أدركت الخطر الذي يطأ الأُمَّــة والذي حذرنا منه من أتى لنا بكيفية مواجهتهم والوقوف ضد مخطّطاتهم، اليهود والمنافقون هم من يعادون ويحاربون آل بيت رسول الله، وولايتهم على الأُمَّــة من عهد النبي وإلى اليوم، فقد عادوا وحاربوا وقاتلوا مشروع الحسين ابن البدر حتى أراد له الله ما تمنى ونال ما أراد واستشهد في سبيل الله وإعلاء كلمته.
الحَسنان تربطهما المظلومية نفسها، ومن حارب حسين آنذاك هم أنصارهم وأحفادهم من حاربوا حسين البدر، ولكن شاءت عدالة الله إلا أن تعلو راياتهم على الباطل، وأن يموت الباطل وينال حزبه الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة، وأما الحَسنين فقد حزنا ونحزن عليهم ولكن ما زادنا حزنهم إلا تمسك وحب لهم وتشبث وإعلاء لقضاياهم ومشاريعهم، وقد اعتلوا بذكرهم واتباعنا لهم، وخسر وخاب ومُحي من عاداهم.