اليمنيون في مواجهة الطغيان الأمريكي.. امتدادٌ لثورة الحسين عليه السلام
المسيرة| خاص:
يعيشُ الشعبُ اليمني منذ 9 سنوات مأساةَ كربلاء، وواقعة كربلاء؛ فاليمنيون حين يواجهون العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم فهم (حسينيون)، ووحشية العدوان وآل سعود تجاوزت وحشية “يزيد” وأتباعه.
وخلال الأيّام الماضية، استذكر اليمنيون مأساة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب -عليهما السلام- والواقعة الحزينة في كربلاء، مؤكّـدين أن مظلوميتهم شبيهةٌ بمظلومية الحسين، وأنهم على الدرب ماضون؛ ولذا كان واضحًا شعاراتُ الأحرار في المسيرات والوقفات الاحتجاجية “هيهات منا الذلة” وهو الشعار الذي رفعه الإمام الحسينُ في وجه الطغيان الأموي، ووجه المجرم يزيد بن معاوية.
يؤمن اليمنيون أن ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- هي من أرقى الثورات في التاريخ الإسلامي، فهم يستفيدون منها دروساً في العقيدة التي لا تضعف، والإيمان الذي لا يقهر، والتي ستبقى خالدة، ومصدر عز وفخر وشرف لكافة المسلمين، ومشعل النور والهداية للأُمَّـة، في الانتصار للمبدأ والقيم السماوية والوقوف بوجه الطغاة والظالمين.
وكان لافتاً تصريحاتُ المسؤولين والعلماء خلال المسيرات والفعاليات؛ فهم يؤكّـدون أن الأُمَّــة بحاجة إلى الإمام الحسين كعَلَمِ هداية للأُمَّـة في كُـلّ المجالات، وفي مواجهة مشروع الزيف والتحريف، والتخلص من هيمنة المستكبرين والطغاة، كما يقول ذلك وزير الصحة الدكتور طه المتوكل.
ويضيف المتوكل الذي كان حاضراً في المسيرة الجماهيرية بمحافظة صعدة أن المعتدين فرضوا على الأُمَّــة الحربَ والمواجهة، وسعَوا لاستهدافها في أمنها واستقرارها وتدميرها في كُـلّ المجالات.
وتتزامن فعالياتُ إحياء ذكرى عاشوراء مع أحداثٍ كبيرةٍ مؤلمةٍ تمُسُّ المقدسات الإسلامية؛ فالاستكبار العالمي يواصل غطرسته؛ لتدنيس الأقصى الشريف في فلسطين، بالتوازي مع دعم يهودي غربي منظم للعدوان على المصحف الشريف وتكرار إحراقه كما هو الحال في السويد والدنمارك.
هنا يشدّد وزير الصحة الدكتور المتوكل على ضرورة أن يعرف الأعداء أن الرسول والقرآن وكل المقدسات خط أحمر، مطالباً في الوقت ذاته الأنظمة الإسلامية بطرد سفراء السويد وكل من يدنس القرآن الكريم، وكذلك إخراج القواعد الأمريكية من المنطقة العربية والإسلامية.
وباتت مطالب طرد السفراء ومقاطعة الدول المسيئة للإسلام ومقدساته هي الأكثر الحاحاً لدى أحرار الأُمَّــة، الذين لا يقبلون هذا الانحراف، وحالهم هنا كحال الإمام الحسين عليه السلام الذي خرج ليصحح المسار وإصلاح وضع الأُمَّــة.
امتدادٌ لإجرام الطغاة:
وعانت محافظة صعدة منذ سنوات العدوان الأمريكي السعوديّ مظلومية كُبرى كمظلومية الحسين -عليه السلام-؛ فالطغيان الأمريكي السعوديّ “اليزيدي” لم يتردّد -طيلة تلك السنوات وإلى يومنا هذا- في قصف المحافظة بأفتك أنواع الأسلحة، واستشهد وأُصيب الآلاف، بينهم النساء والأطفال، دون أن يرأف العالم لحالهم أَو يحاول الانتصار لمظلوميتهم، من هنا نفهم الخروج الجماهيري الكبير لأحرار صعدةَ؛ إحياءً لكربلاء، فالدماء واحدة، والمظلومية واحدة، والمواجهة للطغاة والمستكبرين واحدة، حتى وإن اختلفت الأزمة، وبعدت المسافات، فجرح صعدةَ اليوم ينزف كما نزفت دمُ أهل بيت رسول الله في كربلاء.
هنا يشدّد محافظ صعدة محمد عوض على أهميّةِ التحلي بأخلاق ومكارم الإمام الحسين، وأخذ العبر والدروس من سيرته ومنهجه وتضحياته وخروجه في وجه الطغاة والظالمين، معتبرًا العدوانَ على اليمن امتدادًا لإجرام الطغاة قاتلي الإمام الحسين -عليه السلام- ورفاقه.
ولأن الشعب اليمن قد تعلَّم منذ سنوات خلال إحيائه لهذه المناسبة أنه لا يقبل الخضوع والذل والاستسلام كما فعل الحسين، فَــإنَّه لا يزال إلى يومنا هذا يواجه العدوان والطغيان الأمريكي السعوديّ بكل صلابة ورباطة جأش، حاملاً روحية الحسين التي تأبى الضيم والذل والخنوع والهوان.
ويؤكّـد العلامةُ محمد مفتاح -مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى- خلال كلمة له في فعالية نظمها مكتب إرشاد مديرية الوحدة بأمانة العاصمة بهذه المناسبة أن الشعب اليمني يعيش مظلومية كربلاء والتاريخ يعيد نفسه، وأن ما يشهده اليوم من صمود وعزة وكرامة وشموخ هو امتدادٌ لثورة الإمام الحسين عليه السلام ضد الطغاة والمستكبرين.
لقد جسّد الإمام الحسين -عليه السلام- وثورته معاني التضحية والبطولة والفداء، ومن هذه الثورة يستلهم اليمنيون الأحرار هذه المعاني، ويواصلون الدرب، ولولا أن اليمنيين حسينيون لَكان العدوان قد أحكم سيطرتَه على البلاد منذ وقت مبكر.
ويقول رئيسُ قسم الدراسات الإسلامية بجامعة صنعاء، الدكتور غالب عامر: “إن قدر آل البيت أن يضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل إعلاء كلمة الله وإسقاط رايات الطغاة والبغاة في كُـلّ عصر”، مشدّدًا على أهميّة الاقتدَاء بالإمام الحسين في البذل والتضحية لمواجهة أعداء الأُمَّــة، ولهذا يتشابه اليمنيون في قدرهم مع الحسين.
خطورةُ التفريط بأعلام الهدى:
ويظل تفريطُ الأُمَّــة بالإمام الحسين وعدمُ الانضمام في حركته واحداً من أبرز مساوئ الانحراف الذي حدث له عبر التاريخ، وقد دفعت الثمن كَبيراً لذلك؛ ولهذا يفهم اليمنيون جيِّدًا خطورة التفريط بأعلام الهدى وعدم المشاركة تحت راية قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في مقارعة الطغيان الأمريكي السعوديّ؛ حتى لا يصيبهم ما أصاب المتخاذلين عن نصرة الحسين -عليه السلام-.
ويقول وكيل محافظة تعز، إسماعيل شرف الدين: “إن الأُمَّــة لا تزال تعاني من تداعيات كربلاء إلى يومنا هذا”، مُشيراً إلى أن “الإمام الحسين -عليه السلام- خرج في مواجهة الظلم والطغيان الذي كانت تعيشه الأُمَّــة آنذاك، وإعلاء كلمة الله ونصرة الحق والمستضعفين، مضحياً بنفسه وماله وأبنائه وأهل بيته”.
إن ذكرى كربلاء ليست مسألةً عادية؛ فهي محطة تعبوية إيمَـانية؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومنها يجدد الأحرار ارتباطهم بالإمام الحسين وأهل البيت -عليهم السلام-، وليست هناك ارتباط في العالم بأهل البيت وأعلام الهدى كارتباط اليمنيين الذين يثبتون كُـلّ يوم أنهم على هذا الطريق لا يحيدون عنه ولا يبتعدون.
ولعل من أهم الدروس لإحياء هذه الفعاليات هي مواصلة الصمود والثبات ورفد الجبهات بالمزيد من قوافل الدعم بالمال والرجال؛ حتى تطهير الوطن من دنس الغزاة والمحتلّين؛ وهو ما يؤكّـده العلامة مقبل الكدهي، الذي يشير إلى أن ثورة الإمام الحسين ستظل نبراساً يضيء درب الحرية والعدل للأُمَّـة قاطبة.
ويرى عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، الفريق سلطان السامعي، أن “ذكرى عاشوراء بكل وقائعها وأحداثها تتكرّر على مر الأزمنة والعصور، ويعيش لحظاتها الشعب اليمني منذ ثماني سنوات وهو يواجه أحقر عدوان على وجه الأرض من أذناب محسوبين على الإسلام وعملاء لدول الاستكبار على رأسهم أمريكا وإسرائيل”، مواصلا حديثه بالقول: “لكن شعبنا اليمني يواجه العدوان بكل صمود وتحدٍّ، وأذهل العالم بتضحياته وصبره، مستلهمًا من يوم عاشوراء التي نعيش أحداثها الصبرَ والصمود والتضحية والفداء في مواجهة كربلاء العصر”.
لقد استطاع الإمامُ الحسين أن يثورَ ضد الظلم والاستكبار؛ وهو ما فعل الشعب اليمني الذي قطع يدَ الوصاية الخارجية على هذا البلد في عام 2014، ولا يزال يواجهُ الأعداءَ إلى يومنا هذا، ومن هنا يتضحُ عمقُ العلاقة المتجذرة بين الحسين والشعب اليمني والتي ستظلُّ راسخةً على مدى السنوات القادمة.