الإمامُ الحسين وفاجعةُ كربلاء.. التحَرُّك الشجاعُ لتصحيح المسار

المسيرة – خاص

تعتبر ذكرى عاشوراء من المحطات الهامة التي يستذكرها المسلمون في كُـلّ عام، مستلهمين الدروس والعبر من تلك الفاجعة المؤلمة التي حدثت لسبط النبي محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه.

ويرى باحثون وناشطون أن فاجعة كربلاء لم يحدث لها مثيلٌ على مر التاريخ، وهي دليل فضيع على مدى الانحراف الذي حدث للأُمَّـة الإسلامية من بعد موت رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه-، معتبرين تلك الحادثة نتاجاً لتفريط المسلمين بتوليهم لأعلام وولاة غير أعلام أهل البيت عليهم السلام.

ويقول الناشط الثقافي عبد الله إدريس: إن “إحياءَ يوم عاشوراء يشدنا نحو المدرسة الإسلامية الأصيلة التي حفظت للإسلام أصالته، وحفظت للحق امتداده عبر الأجيال”، مُشيراً إلى أن الإمام الحسين بن علي -عليهما السلام- في موقفه، وفي ثورته أعاد للأُمَّـة الإسلامية المسار الصحيح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما أكّـده بمقولته الخالدة إنه لم يخرج لا أشراً وَلا بطراً ولا متكبراً، وإنما لطلب الإصلاح في أُمَّـة جده محمد صلوت الله عليه وعلى آله.

ويؤكّـد إدريس أن “بطولة وشجاعة وتضحيات الإمام الحسين مثّلت قُدوةً للأجيال من بعده، الذين جاهدوا أعداء الله بكل بسالة وشجاعة مستلهمين الدروس والعبر من يوم عاشوراء”، ذاكراً أنه في زمننا الحالي تغيّرت منطلقات وحسابات الكثير من الناس، حيثُ إنهم يتحَرّكون في مواجهة الغزاة والمعتدين بناء على منطلقات دنيوية بعيدة عن الدين والقيم والإحسان والمبادئ الإسلامية التي تدخل المرء الجنة، وتنجيه من عذاب النار، مؤكّـداً ضرورة استلهام الدروس والعبر من محاضرات قائد الثورة التي تلقى في المناسبة.

 

فاجعةٌ لا مثيلَ لها:

وتعتبر حادثة الطف فاجعةً عظيمةً، وحدَثًا مهولًا مأساويًّا لم يشهده التاريخ طوال مراحله المظلمة والمعتمة التي كان عليها قبل الإسلام بحسب ما يؤكّـده الناشط الثقافي إبراهيم غالب.

ويؤكّـد غالبُ أن “فاجعة كربلاء التي حصلت في عصر الإسلام الموافق سنة 60 للهجرة وسط الساحة الإسلامية وبسيوف من يسمون أنفسهم مسلمين وعلى يد من أصبح يلقب نفسه أمير المؤمنين دليل على انحراف رهيب في مسيرة الأُمَّــة عن أعلام الهدى من بعد رسول الله، مبينًا أن ابتعاد المسلمين عن أعلام الهدى أَدَّى إلى وصول الطغاة والظالمين من بني أمية إلى سدة الحكم وموقع القرار والقيادة، مستدلاً بما قاله الرسول الأكرم فيهم “إذا بلغ بنو أمية أربعين شخصاً اتخذوا دين الله دغلاً وعباده خولاً وماله دولاً”.

ويبين غالب أن “حكام بني أمية انتهكوا حرمة المقدسات فاستهدفوا الكعبة بالمنجنيق، وأحرقوها واستباحوا المدينة، وحكموا بالظلم والجبروت والطغيان”، موضحًا أن تحَرّك الإمام الحسين -عليه السلام- ضد الطاغية يزيد الملعون كان وقت ذروة الطغيان الأموي؛ وهو ما أكّـده الإمامُ الحسين بقوله: “ألا ترون أن الحَقَّ لا يُعمَلُ به وأن الباطلَ لا يتناهى عنه فليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً فَــإنَّي لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلَّا برمًا”.

ويشير إلى أن “موقف الإمام الحسين في معركة كربلاء هو أصحابه رغم قلة عددهم وتكالب الأعداء عليهم والذين كانوا بالآلاف في حينها دليلٌ على عظمة الدروس والعبر التي قدمها الإمام الحسين للأجيال من بعده مفادها أنه لا يجوز السكوت على الظالم مهما كان الأمر ولو كلفك لأن تضحي بنفسك وأهلك ومالك وكلّ ما تملك”، لافتاً إلى بشاعة وقبح الأمويين في التعامل مع أهل البيت نموذج وامتداد للفكر الداعشي والوهَّـابي في عصرنا الحالي والذي يرتكب المحرمات ويقتل النساء والأطفال بكل برودة.

ويعتبر غالب “معركة كربلاء مدرسة يتعلم منها أحرار الأُمَّــة الإسلامية الكثير من الدروس والعبر أبرزها أهميّة القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

 

كربلاءُ مشروعُ الأحرار في مقارعة الباطل:

بدوره، يقول الناشط الثقافي محمد العستوت: “عندما رأى الإمام الحسين -عليه السلام- أن الأمور قد تغيرت وتنكرت وتبدلت قرّر الخروج ضد الأمويين لإعادة الرسالة إلى مسارها الصحيح”.

ويؤكّـد العستوت أن “إحياءَ ذكرى عاشوراء هي بمثابة استلاهم الدروس والعبر وكذا تعلم الصبر العملي في مواجهة طواغيت العصر ويزيد العصر، المتمثلة في قرن الشيطان السعوديّ والإماراتي ومن ورائهم رأس الشرك أمريكا وإسرائيل”.

ويوضح أن “الإمام الحسين صنع دروساً في الحرية والكرامة للأجيال من بعده إلى قيام الساعة، وأبرز تلك الدروس عدم الخضوع للباطل والاستكانة له مهما بلغ قوته وتكبره وتعاليه، ومهما قلّ المناصرون، وأن علينا التحَرّك في الحق وشعارنا كما كان شعار الحسين هيهات منا الذلة”.

ويشير إلى أن ثورةَ الإمام الحسين ستظلُّ مشروعاً لكل المؤمنين في مواجهة الباطل، وبذات الغاية التي كان عليها الإمام الحسين -عليه السلام- التحَرّك لطلب الإصلاح في واقع الأُمَّــة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس الخروج لسلطة أَو لغرض دنيوي”، مردفاً بالقول: “لا بُـدَّ أن يكون الإنسان المؤمن الحسيني طاهراً من كُـلّ فساد ساعياً في التحقيق لإصلاح أُمَّـة المصطفى -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- كما هو حال السيد القائد يحفظه الله”.

ويضيف القول: “هيهات منا الذلة، يحملون ثقافة إذَا كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني، يحملون ثقافة والله لأن نتحول إلى ذرات نبعثر في الهواء أحب إلينا وأرغب وأشرف إلينا من أن نستسلم لكل أُولئك الطغاة والمجرمين والمفسدين”.

ويلفت العستوت إلى أن “إحياء فعالية ذكرى عاشوراء كُـلّ عام هي لتجديد العهد والولاء الكبير لمواجهة الأعداء في أية مرحلة قادمة”.

بدوره يعتبر الناشط الثقافي أبو حسن الشرفي، “ثورة الإمام الحسين أول وأعظم ثورة في التأريخ الإسلامي فجرها سبط رسول الله -صلوات الله عليه وآله وسلم- بمبادئ الإسلام المحمدي ضد الإسلام الأموي الزائف، ونفخ فيها الروح الأبدي من دمه الطاهر عليه السلام”.

ويؤكّـد الشرفي أن “الإمام الحسين -عليه السلام- تحَرّك من نطاق مسؤوليته الدينية ومن موقعه كقائد للأُمَّـة وعلم هدى”، مؤكّـداً أن “مواجهة الطغاة والمستكبرين وتأسيس الحق وإنهاء الباطل إرثٌ لبيت النبوة صلوات الله عليهم”.

ويشير الشرفي إلى أن “ثورة الإمام الحسين ضد الطغيان الأموي أعادت للإسلام روحَه ومبادئه الجوهرية بعد الانحراف الكبير الذي حدث له آنذاك”، لافتاً إلى أن “الإمام الحسين -عليه السلام- أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، مرسخاً عناوين إيمانية يجب أن يحملها الإنسان المؤمن، ومبينًا كيف تكون السلطة في الإسلام”.

ويقول الشرفي: “الإمام الحسين -عليه السلام- أثبت لنا ولكل الأجيال أنه كما قال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: “حسين مني وأنا من حسين”، وعلّمنا كيف ينتصر السيف على الدم وأثبت لنا عمليًّا أن الإسلام لا يمكن أن يُهزم”.

ويضيف القول: “في معركة كربلاء سطّر الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه الأوفياء ملحمة بطولية إسلامية تداولها الأجيال عبر تاريخ البشرية”.

ويختتم الشرفي حديثه بالقول: “نحن اليومَ في يمن الإيمان والحكمة نرفعُ رايةَ الحسين في وجه طاغوت العصر أمريكا وإسرائيل تحت قيادة حفيد الحسين سيدي ومولاي عبدالملك بن بدرالدين الحوثي، بنفس المبادئ وعلى نفس الطريق، وكما كان مصير المجرمين الذين تصدوا للحسين نيابةً عن الشيطان سيكون مصير يزيدي عصرنا بإذن المولى عز وجل”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com