مهمةٌ مشتركةٌ للأمن وَالجيش.. تطهيرُ الجوف من عصابات التقطع
المسيرة: محمد ناصر حتروش
تبذُلُ الأجهزةُ الأمنيةُ جهوداً كَبيراً؛ لتثبيت دعائم الاستقرار وبسط الأمن وردع المجرمين وقطاع الطرق في عموم محافظات الجمهورية؛ وهي جهود تتكلل بالنجاح من يومٍ إلى آخر، وتعكس الفارق الحقيقي بين الأمن في المناطق “الحرة” مع الأمن في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ والذي وصل إلى ذروة فشله.
وفي واحدة من أهم الإنجازات الأمنية لوزارة الداخلية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، نفذت القوات الأمنية، وبالتعاون مع القوات العسكرية ورجال القبائل، العديد من الحملات لكف الاعتداءات على المواطنين والمسافرين في صحراء الجوف شمال شرقي صنعاء.
كان الهدفُ من الحملة الأمنية والعسكرية ملاحقةَ وضبطَ عناصرَ عصابة إجرامية تمارس جرائم التقطع ونهب وسلب المسافرين، وتهريب المخدرات بحسب شرطة الجوف، التي أكّـدت أن الحملة نفذت مهامها بالتعاون مع وجهاء وأبناء القبائل، وفي مقدمتهم مشايخ وأبناء قبائل بني نوف، الذين كانوا الأكثر تضرراً من جرائم العصابات.
وأكّـد مدير عام شرطة محافظة الجوف، العميد محسن مهدي الشريف، أن “رجال الأمن لن يسمحوا بتواجد العصابات الإجرامية التي كانت تعبث بالأمن والاستقرار وتستهدف حياة وممتلكات أبناء المحافظة، خلال فترة ما قبل تطهير محافظة الجوف من مرتزِقة العدوان”، لافتاً إلى أن الشرطة لن تألوَ جهداً في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار والسكينة العامة، وضبط كُـلّ من تسول له نفسه العبث بالأمن واستهداف حياة وممتلكات المواطنين، معبراً عن شكره لوجهاء ومشايخ وأبناء المحافظة على تعاونهم الملموس مع الحملة الأمنية.
قبائلُ الجوف في المقدمة:
جاءت هذه التحَرّكات بعد أَيَّـام من اغتيال قائد محور الزرانيق، اللواء الركن محمد النصرة، المشهور بـ (عقيل المطري) على يد قطاع طرق من قبيلة بني نوف، في فاجعة هزت كُـلّ أرجاء اليمن؛ إذ إن الشهيد كان معروفاً بقوة بأسه وشجاعته في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ والمرتزِقة خلال السنوات التسع الماضية في الجوف، وقد حقّق الكثير من الانتصارات، فكان من المؤلم أن يتم تصفيته على يد عصابة إجرامية تمتهن التقطع والحرابة.
وإذا كان الوجع قد وصل إلى كُـلّ بيت في اليمن حزناً على مقتل النصرة، فَــإنَّ هذه الحادثة قد سببت إحراجاً كَبيراً لقبائل الجوف؛ ولهذا تداعى كبارُ مشايخ ووجهاء المحافظة قبل أَيَّـام، وعقدوا اجتماعاً قبلياً موسعاً بحضور رئيس هيئة الأركان اللواء الركن محمد الغماري، وقائد المنطقة العسكرية السادسة، اللواء جميل زرعة ومحافظ الجوف فيصل حيدر.
وناقش الحاضرون أوضاع المحافظة خدميًّا وأمنيًّا واجتماعيًّا، والوسائل الكفيلة بالتصدي للخارجين عن القانون والمتعاونين مع تحالف العدوان؛ بهَدفِ زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة، وهنا أكّـدت قبائل الجوف مساندتها وتأييدها الكامل لكافة الجهود الأمنية والعسكرية التي تبذلها قيادتا وزارة الداخلية والدفاع وهيئة الأركان العامة، في سبيل تثبيت الأمن وضبط قطاع الطرق والمجرمين، وتأمين طرق المسافرين والمواطنين من اعتداءات قطاع الطرق وتجار المخدرات.
وقالت قبائلُ بني نوف في بيان لها: “إن من يقومون بالتقطع في الطرق والاعتداء على المسافرين لا يمتلكون ذرة من الأخلاق والقيم الإسلامية، مشيرة إلى أن من يقوم بهذه الأعمال الإجرامية لا يمثل قبائل دهم بأي شكل من الأشكال، وأنها تتبرأ من أي شخص يسعى إلى الإخلال بالأمن والاستقرار”.
وأكّـدت القبائلُ مساندةَ رجال الأمن في ملاحقة أي شخص أَو عصابة تقطع الطريق أَو تعتدي على المسافرين، مجددة التأكيد على مساندتها للدولة في ملاحقة العناصر الإجرامية وتأمين كُـلّ شبر في المحافظة، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه قطع الطرق وسفك دماء المواطنين.
لقد كان لزيارة رئيس هيئة الأركان لمحافظة الجوف والتحام قبائل المحافظة مع أبطال القوات المسلحة والأمن الدور في التحَرّك الجاد لمطاردة العناصر الإجرامية في المحافظة.
ويقولُ مساعد قائد المنطقة العسكرية السادسة، العميد جابر عبدالله أبو مهدي: “إن زيارة رئيس هيئة الأركان العامة لمحافظة الجوف، أكّـدت بما لا يدع مجالاً للشك مدى حرص القيادة الثورية والسياسية والعسكرية على نشر الطمأنينة والأمن والاستقرار في مختلف مناطق الجوف وبما يخدم مصلحة أبناء المحافظة وقبائلها الأوفياء لوطنهم وشعبهم وتأمين حياة وممتلكات المسافرين”.
ويؤكّـد أن “عمليةَ ترسيخ مداميك الأمن والاستقرار بالمحافظة واجبٌ ديني ووطني وأخلاقي وإنساني لا يهم فقط الدولة وأبناء وقبائل الجوف فحسب، بل يهم كُـلّ أبناء شعبنا من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله؛ باعتبار الأمن والاستقرار من أهم عوامل بناء الوطن والنهوض بأوضاع الشعب الخدمية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد”.
ويشير أبو مهدي إلى أن “أزمنة الانفلات والفوضى الأمنية والتقطع والاغتيالات قد ولَّت وذهبت أدراج الرياح”، مؤكّـداً أن من يحاولُ إقلاقَ السكينة العامة في المجتمع سيواجه بقوة وحسم من قبل الأجهزة المعنية الرسمية وبالتعاون والتنسيق مع القبائل الأبية التي تقف جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة والأمن وترفض بقوة الإساءة إلى سمعتها ومكانتها وأعرافها وعاداتها القبلية الأصيلة”، مشيداً بالموقف المشرف لقبائل بني نوف التي بادرت بتسليم اثنين من المجرمين المشاركين بعملية اغتيال الشهيد المطري.
ويوضح أبو مهدي أن “جريمة اغتيال القائد البطل الشهيد المطري هي جريمة تقطع بحتة نفذها مجموعة من قطاع الطرق الذين لهم سوابق في ارتكاب مثل هذه الجرائم وفي منطقة محدّدة”، لافتاً إلى أن تلك العصابة ليس لها أية علاقة بقبيلة بني نوف كما تحاول أبواق تحالف العدوان ومرتزِقته الترويج لتلك الحادثة.
ويشير أبو مهدي إلى أن “عدد أفراد عصابة الحرابة المتورطين في جريمة اغتيال الشهيد المطري يصل إلى (12) مطلوباً أمنيًّا، وسبق وأن وجهت أجهزة الدولة المعنية رسائل إنذار وتحذير للمتقطعين بالكف عن أفعالهم الإجرامية خلال الفترة الماضية وتسليم أنفسهم للعدالة لينالوا جزاءَهم الرادع”، مؤكّـداً أن “توجّـهات الدولة في اجتثاث قطاع الطرق جادة لاقتلاع هذه الظاهرة السلبية الإجرامية المقيتة من جذورها لينعم المواطنون بالاستقرار والأمن والسكينة العامة”.
تأمينُ حياة المواطنين واجبٌ ديني مقدَّس:
وفي ظل الإجماع الكبير لأحرار الجوف على ملاحقة قطاع الطرق وإنزال أشد العقوبة بهم، يؤكّـد رئيس وكالة الأنباء اليمنية سبأ، نصر الدين عامر، تلقيه الكثير من شكاوى المواطنين الذين تعرضوا للنهب والتقطع في طريق الجوف بالقرب من منطقة بني نوف، مؤكّـداً أن تلك المنطقة تتكرّر فيها عمليات قطع الطريق وقتل وسلب ونهب المسافرين.
ويقول في تغريدة له على تويتر: “الدولة تعاملت طيلة الفترة الماضية مع مشاكل قطع الطرق باحتواء للموقف وَأَيْـضاً تقديم المشايخ إزاء كُـلّ حادثة”، لافتاً إلى أن “المطلوب من الدولة التعامل بكل حزم وجدية في تأمين الطريق كاملاً وإنهاء القطاعات فالدولة مسؤولة على تأمين الناس والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وَإذَا لم تستطِع الدولة فلا خير فيها”.
ويتابع بالقول: “القضية قضية مجموعة مطلوبين للأمن، يعني الإخوة في المنطقة العسكرية السادسة طرحوا مجموعة أسماء الذين هم عصابة قطع الطرق، وعلى قبائل بني نوف الأحرار تسليمهم للسلطة دون أي نقاش لينالوا جزاءهم العادل”، مؤكّـداً أن “من واجه جحافل قوى الغزو والاحتلال ليس عاجزاً عن ضبط عصابات الحرابة وهو ما ستقوم به الدولة إن شاء الله دون أدنى شك”.
ولاقت الحملة الأمنية العسكرية المشتركة التي أقيمت بصحراء الجوف ارتياحاً شعبيًّا واسعاً من قبل المواطنين، الذين شكروا الأجهزة الأمنية والعسكرية على دورها الكبير والمشرف في تثبيت الأمن وردع المجرمين والمتنفذين.
وأشاروا إلى أن المحافظاتِ المحرَّرةَ تعيشُ استقراراً أمنيًّا غيرَ مسبوق، وهناك جهود حثيثة لحفظ كرامة المواطنين، بعكس ما تشهده المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال والمرتزِقة من التقطعات وأساليب إجرامية متكرّرة؛ نتيجةً لانتشار الجماعات المسلحة وعصابات التهريب وقطاع الطرق دون وجود أي ردع أَو تحَرّك من قبل مليشيات المرتزِقة تجاه أُولئك المجرمين.