كربلاءُ ومأساةُ الأُمَّــة.. بقلم/ محمد الضوراني
ما حدث للإمام الحسين-عليه السلام- في يوم العاشر من محرم على يد مجموعة من الطغاة والمتجبرين والمتكبرين والضالين، من ضلوا عن طريق الهداية الحقيقية أعماهم الحقد على الحق وعلى أعلام الهدى من آل البيت الصادقين في تحَرّكهم، المخلصين لله الثابتين على منهج الله وعلى المسيرة الرسالية للرسول صلوات الله عليه وعلى آله.
إن الحقد الذي وصل إليه أمثال هؤلاء جعلهم يستهدفون عترة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- بدأ الاستهداف للإمام علي-عليه السلام- باب مدينة العلم واستمر الاستهداف والإقصاء واستمروا في حقدهم ونفاقهم واستمروا حتى استشهد الإمام علي-عليه السلام- وخسرت الأُمَّــة عَلَمًا من أعلامها؛ نتيجة التقصير والتفريط والقبول بالظالمين والفاسدين ليقودوا هذه الأُمَّــة واستمرت المأساة والخسارة للأُمَّـة بفقدان أعلام الهدى فيها، واستشهد الإمام الحسن -عليه السلام- واستمر الظالمون بعد ذلك في استهداف آل بيت الرسول الأكرم، في ظل صمتٍ وجمودٍ واستسلام من كُـلّ الأُمَّــة التي أصبحت بعيدة بذلك عن منهج الله وعن المدرسة المحمدية الإيمانية.
واستمرت المآسي وفي كربلاء وصل الاستهداف من الظالمين والذين تسلطوا على رقاب هذه الأُمَّــة إلى حدود لا يقبلها العقل وأصبحوا كالوحوش المفترسة التي لا تعي ولا تبصر إلَّا رغباتها وشهواتها ومصالحها الشخصية، لم يعد للقيم والأخلاق أية قيمة لديهم، ولم يعد للرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- أي احترام وتقدير واستمروا في استهداف آل بيت الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- بالقتل والاستهداف؛ لأَنَّهم وقفوا مواقف حق ترفض أن تكون هذه الأُمَّــة تحت هيمنة الظالمين والمنحرفين والضالين في معتقداتهم ومنهجهم ليضلوا بعد ذلك الأُمَّــة جيلاً بعد جيل، استهدف هؤلاء الإمام الحسين وآل بيته من النساء والأطفال في مأساةٍ أدمت قلوب كُـلّ المسلمين وأبكت الأُمَّــة إلى يومنا هذا، كيف يستهدف آل بيت الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- وذريته من أوصاهم الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في آل بيته وفي اتِّباع هدى الله وهو القرآن الكريم والعترة الطيبة الطاهرة؛ لأَنَّهما لن يفترقا لما فيه سلامتهم من عذاب الله وسلامتهم من الضلال والتيه والضياع.
مأساة الأُمَّــة في فقدان القادة الصادقين المخلصين المجاهدين خسارة لا تعوض وَمأساة تدمي قلوب الجميع، كيف وصلت الأُمَّــة إلى هذا الحد أن يستهدف الحق وأعلام الحق وهي تقف متفرجة بل تشارك في هذه المأساة وتتخلى عن دورها في اتباع الحق وأعلام الحق، تخلت فتخلى الله عنها وعاشت هذه الأُمَّــة مأساة استمرت جيلاً بعد جيل، لدينا دروس وعبر واضحة وجلية عبر التاريخ عندما استهدف الظالمون والضالون والمنافقون للمخلصين وللصادقين المتقين ولأعلام الهدى، كيف أصبحت هذه الأُمَّــة ضعيفة في كُـلّ شيء، ضعيفة في مفاهيمها وفي ثقافتها وفي قيمها وأخلاقها وقوتها وعزيمتها وجهادها، فقدت كُـلّ عوامل القوة نتيجةً لذلك التقصير والتفريط، لا يمكن أبداً لأُمة تتخلى عن أعلام الهدى والمنهجية الصحيحة بأن تعيش في عزة وكرامة وإباء.
نتذكر هذه المأساة ونستغرب كيف وصلت الأُمَّــة لحالة القبول والاستسلام بل والمشاركة في استهداف هؤلاء الأعلام، ومن خلال هذا الاستذكار للماضي نراجع أنفسنا وندعو اللهَ أن يثبِّتنا على الحق ومع الحق وأعلام الحق وأن يبعدنا عن الباطل وحزب الباطل والضلال والفسادِ، وأن يجعل منا أُمَّـة قوية في مواجهة الأعداء أُمَّـة مستبسلة في مواقفها لا تخاف في الله لومة لائم وتسعى لإصلاح الخلل الذي حدث في النفوس في تلك الفترة من خلال تمسكنا بالله وبالمدرسة المحمدية القرآنية وبكل الصادقين والمخلصين وأن نفشل بذلك حزب الباطل وأنصار الباطل من امتد تأثيرهم من ذلك الزمان إلى زماننا هذا نكسر حزب الباطل؛ لأَنَّه مهزوم وضعيف في مواجهة الحق نلتمس من الثورة الحسينية معاني العزة والكرامة والاستبسال وعدم الضعف، ونجد حجم هذه الثورة الخالدة التي هزت عروش الظالمين الفاسقين وأفقدتهم السيطرة واستمر تأثيرها حتى يومنا هذا، وشعارنا الخالد بخلود من نطق به وتمسك به وثبت عليه وهو هيهات منا الذلة، هيهات منا أن نذل للأعداء الظالمين المتجبرين المتكبرين، هيهات أن نكسر ونحن نمتلك هذه المنهجية الثورية التحرّرية التي منبعها كتاب الله ومنهج الله، الذي لا يفقد من تمسك به عوامل العزة، بل تزداد وتزداد بقوة الله ورعايته.