ما بين كربلاء الطف وكربلاء الجرف.. بقلم/ مالك الغنامي
في سنة 61هـ كانت جريمةُ كربلاء بحقِّ سبط رسول الله، وفي سنة 1425هـ كانت جريمة كربلاء الجرف بحقِّ حفيد رسول الله الحسين الحوثي.
ما بين هذا وذاك تاريخٌ طويلٌ من الصراع بين الحق والباطل، والنور والظلام، والخير والشر، صراع مُستمرّ ولن يتوقفَ، وهذه سُنَّةٌ إلهيةٌ ثابتةٌ منذ أن خلق اللهُ الأرض.
فقط الزمان تغيَّر، والشخصيات والمسميات فقط، أما الطغيان والباطل ورموزه وأتباعه فهم حاضرون، وفي مقابل ذلك فَــإنَّ الحقَّ وأعلامَه ونورَه وأتباعه حاضرون كذلك، فما أشبهَ كربلاء الجرف بكربلاء الطف، من حَيثُ مكانة الشخصيتَينِ بين الأُمَّــة والمنهج الذي حملاه.
فيزيدُ اليوم أمريكا امتدادٌ ليزيد كربلاء، ومرتزِقة اليوم كذلك امتداد لمرتزِقة كربلاء ممن باعوا الإمام الحسين، فمن باعوا الحقَّ وأعلامَه اليوم بوعودٍ كاذبة، هم الامتدادُ التاريخي لمن باعوا الحسين بنفسِ الوعود، وإن اختلفت نوعيتها.
تكالبت على الإمام الحسين -عليه السلام- أممُ الكفر وأتباعُهم، وتكالب على حسين العصر أمم الكفر ومرتزِقتهم، يريدون أن يزيحوا الحقَّ ويحل محلَّه الباطلُ؛ ليسفك ويظلم وينتهك الأعراض؛ فكان موقف الإمام الحسين هناك “هيهاتَ منا الذلةُ”، وكان موقفُ الحسين هنا “الصرخة في وجه المستكبرين”.
وإن ظن الباطلُ أنه انتصر فلم يعِ أن دماءَ الحسين أوقدت ثوراتِ الحقِّ المتتاليةَ ضد الباطل من ذلك العصر إلى عصر حسين العصر.
وهكذا يستمرُّ الحقُّ في عنفوانه وتصديه للباطل، مهما كان جَورُه وظلمُه؛ فأتباع الحق يوقنون أن دماءَ العظماء تصيرُ وقوداً لمواصلة مواجهة الباطل وأتباعه، مهما كلَّف الثمن، وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون.