انتفاضةُ إفريقيا في وجه الهيمنة الغربية.. بقلم د/ فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
تعرَّضت القارةُ الإفريقيةُ لظلمٍ كبيرٍ من الدول الغربية التي سيطرت عليها في الماضي، من خلال الاحتلال المباشر لكافة دولها دون استثناء، وفي الحاضر من خلال الاحتلال غير المباشر وفرض الهيمنة عليها، ففي هذا العصر قامت الدول الغربيةُ بتقاسم النفوذ في القارة الإفريقية؛ بهَدفِ نهب ثرواتها والسيطرة على مقدراتها؛ لأَنَّ الجميع يعلم أن دولها تملك ثرواتٍ هائلةً من النفط والغاز واليورانيوم والذهب ومعادنَ أُخرى إلى جانب ثروة زراعية وحيوانية كبيرة، وبرغم هذه الثروات المتنوعة التي تملكها الدول الإفريقية إلَّا أن غالبيتها تعيش ظروفًا اقتصادية وسياسية صعبة، وشعوبُ هذه الدول تعيش حياةً بائسة، وأقصى مُنية لأفرادها هي الهجرة إلى أُورُوبا، وثرواتها تنهبُها الدولُ الغربية لتوفير وسائل الرفاهية لشعوبها.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت الشعوب الإفريقية تعملُ على تحسين أوضاعها، ولكن في ظل الهيمنة الغربية لم تتمكّن من تحقيق طموحاتها، برغم أن بعض تلك الشعوب خاضت تجاربَ ديمقراطية لم تحقّق لها الاستقلال والتنمية المطلوبة، فاضطرت بعض تلك الشعوب لتنفيذ انقلابات عسكرية؛ لتغيير واقعها الذي هيمنت عليه أمريكا وفرنسا وبريطانيا بالتحديد، والتي كان لها الدورُ الرئيسيُّ في منعِ الشعوب من تغيير واقعها.
وقد بدأت هذه الانقلاباتُ في جمهورية إفريقيا الوسطى ثم في مالي وبوركينا فاسو، حَيثُ قام الجيش في تلك البلدان بالإطاحة بالحكومات الموالية للغرب، وصمدت في وجهة العقوبات والتهديدات الغربية، وكان أول عمل قامت به الحكومات العسكرية هو طرد القوات الأجنبية التي كانت في أراضيها، وفي هذه الأيّام نتابع الأحداث في النيجر بعد الانقلاب العسكري والموقف الغربي من الانقلاب والتهديدات بالعقوبات والتدخل العسكري.
إن الانقلاباتِ التي حدثت في بعض الدول الإفريقية تعتبر مؤشرًا على الرفض الإفريقي للهيمنة الأمريكية والغربية التي تسببت في الظروف الصعبة التي تمر بها معظم تلك الدول، وَأَيْـضاً تلك الهيمنة هي التي منعت الشعوب الإفريقية من تنفيذ برامجَ تنموية واقتصادية تخرجها من الحالة التي تعاني منها.
ولم يعد لدى أمريكا والغرب من أوراق ضغط تستخدمُها ضد قادة الانقلابات سوى العقوبات الاقتصادية؛ وهذا يؤكّـد حالة الضعف التي أصبحت تعاني منه أمريكا والغربُ في مواجهة من يتمرد على هيمنتها، وَأَيْـضاً أصبحت الشعوبُ في إفريقيا أَو في غيرها على استعداد أن تتحمَّلَ العقوباتِ والتهديداتِ مقابل الحصول على حريتِها واستقلالِها.