القواتُ المسلحة وصواريخُنا الباليستية لديها القدرةُ على تحقيق الأمن البحري
المسيرة – خاص
كَثُرَ الحديثُ قبلَ أَيَّـامٍ عن خلفية تصريحات القيادة السياسية والعسكرية حول التجارب الأخيرة على عدد من الصواريخ البحرية والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة، وَما مناسبة هذا الإعلان في هذا التوقيت بالتحديد، وهل يمكن أن نشهد خلال الفترة القادمة تصعيداً عسكريًّا في البحر أم لا؟
في البدء، قال رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن مهدي محمد المشاط: “إننا سنعملُ في الأيّام القادمة على ترسانتنا العسكري، وسنجري في المستقبل تجارب إلى بعض الجزر اليمنية بإذن الله”، مؤكّـداً أن “عدوَّنا متغطرِسٌ متكبِّرٌ لا يعرفُ إلا لُغةَ القوةِ، وسنعملُ كُـلَّ ما نستطيعُ لردع العدوان”.
كان هذا التصريحُ لافتاً للغاية، ولا سيما أنه تحدث عن تجارِبَ بحرية، وكما هو المعروفُ أن قيادتَنا لا تلقي الكلامَ جزافاً، وإنما توصلُ رسائلَ للعدوان؛ لعله يعي أَو يفهم؛ كي يرفعَ يدَه عن اليمن، ويغادرَ مربَّعَ الغرورِ والاستكبار.
وللتأكيد على مصداقية القيادة السياسية، خرج وزير الدفاع، اللواء محمد ناصر العاطفي، اليوم التالي؛ ليؤكّـد أن “اليمن تمتلك القدرة الكاملة لتأمين وحماية واستقرار المسارات الملاحية الدولية على كُـلّ امتداد مياهنا الإقليمية السيادية”، مباركاً لمنتسبي القوات البحرية “نجاح التجارب التي أجريت على عدد من الصواريخ البحرية والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة”.
ومن خلال حديث وزير الدفاع تم التأكيد على أن التجارب بالفعل قد نُفِّذت، وأن العدوان على دراية بذلك، وقد وصلت إليه الرسالة وفهمها جيِّدًا.
بالنسبة لصنعاء فَــإنَّ التجارب ليست لتهديد الملاحة في البحر الأحمر، أَو لزعزعة الاستقرار الدولي، وإنما تأتي للدفاع عن النفس، وتحرير اليمن من الاحتلال الذي يفرض سيطرة بحرية عدوانية على الموانئ والجزر والمياه الإقليمية، وَهو الإرهاب بعينه، بحسب وزير الدفاع.
ومن هنا تؤكّـد القيادة العسكرية أنها لن تقبل التواجد غير المشروع للاحتلال في المياه الإقليمية اليمنية، وستكون كلفته باهظة الثمن، وهذا مغزى الرسالة التي بعثتها صنعاء لدول العدوان.
مؤشرٌ كبيرٌ على التطور:
وفي هذا السياق، يقول الخبير والمحلل العسكري العميد عابد الثور: “إن القوات البحرية اليمنية هي أحد الصنوف الرئيسية في القوات المسلحة، وإن التجارب الصاروخية التابعة للقوات البحرية تعطي مؤشراً إلى المستوى التكتيكي والتعبوي والاستراتيجي الذي وصلت إليه القوات البحرية وقدرتها وإمْكَانياتها على تأمين كُـلّ الحدود البحرية والمياه الإقليمية والحدود الدولية”.
ويشير العميد الثور إلى أن “العدوّ إذَا كان يرى في نفسه أنه يمتلك القدرة البحرية الأكثر فاعلية، فَــإنَّ اليمن وَ-بفضل الله- تمتلك القوة الصاروخية البحرية، ومنها ما عُرف سابقًا بصاروخ “البحر الأحمر” الباليستي وصاروخ “باب المندب”، وكُلُّها تعطي دلالات بأن هذه الصواريخ قادرة أن تحقّق الأمن البحري لبلادنا، وأن تستهدف أية محاولة عدوانية، سواءٌ أكانت في مياهنا الإقليمية، أَو خارجها، أَو أية محاولة للعدو”، لافتاً إلى أن “القدرة الصاروخية البحرية اليوم قادرة ومتمكّنة بأن تنال هذه الأهداف، سواءً في البحر العربي أَو البحر الأحمر”.
ويزيد العميد الثور بقوله: “حينما تعلن القيادة البحرية، بلسان وزير الدفاع بأننا نمتلك القدرة اليوم على أن نؤمِّنَ بحارَنا ومياهنا الإقليمية، فهذا مؤشر كبير إلى أن التطور الكبير في الأسلحة الاستراتيجية البحرية بات حقيقةً واقعية موجودة بالفعل، والأعداءُ يعتقدُون إذَا كانت المواجهة القادمة بالسلاح البحري بأن تكون للقوة البحرية المعادية فاعليةٌ في الميدان فهم واهمون؛ فالقوة البحرية اليوم أصبحت في مستوى تستطيع ردع العدوان والرد على العدو”.
ووفقًا لهذه المعطيات، يقول العميد الثور: “نستطيع اليوم -بما تمتلكه القوات البحرية من صواريخ باليستية متطورة- أن نؤمِّنَ مياهَنا بأكملها؛ حتى تلك الواقعة تحت سيطرة العدوان، وأكبر دليل هو توجيه بلادنا لذلك التحذير والإنذار للشركات الأجنبية بمنعها سرقة النفط والثروات اليمنية”، مؤكّـداً أننا “استطعنا تحقيق الرسائل القوية بالطيران المسيَّر فما بال بالصواريخ الباليستية وهي الأكثر فاعلية؟”.
ويؤكّـد العميد الثور “أن اليمنَ تمتلك القوة الصاروخية الباليستسة البحرية كنوع من أنواع أسلحة البحر، إضافة للأسلحة الأُخرى من الألغام البحرية، والمتفجرة المتنوعة، وَكلها تصُبُّ في مصَبٍّ واحد، وهي أن بلادَنا اليوم تمتلك القوة الاستراتيجية للحفاظ على مياهنا الإقليمية والدولية”.
ويعتبر العميد الثور التجارِبَ البحريةَ مؤشراً كَبيراً على عجز العدوان في تحقيق مآربه في البحر الأحمر والبحر العربي، وأن القوات المسلحةَ اليمنية -بفضل الله- أصبحت في مرحلةٍ متقدمة وحقّقت نجاحاً كَبيراً في الصناعات العسكرية والإنتاج الحربي”، لافتاً إلى أن “القوات البحرية دائماً في كُـلّ جيوش العالم هي الأكثرُ فاعليةً في الميدان وفي المعركة، خَاصَّة وأننا اليوم استطعنا تحديدَ مسرحِ العمليات، وأن الجغرافيا السعوديّة بأكملها أصبحت بالنسبة لنا مسرحًا للعمليات، ولن تقومَ المرحلة القادمة مرحلة صراع على أراضينا، بل ستكون في عُمق أراضي العدوّ بحرياً وجوياً وبرياً”.
توقيتٌ مناسب:
ويتطرَّقُ العميد الثور إلى دلالةِ توقيت هذه التصريحات أَو التجارب للقوات البحرية، مؤكّـداً أن استمرارَ تعنُّت دول العدوان وجرائمهم وغطرستهم ومحاولة تسويفِ السلام العادل لليمن، كُـلُّ هذا يجعل من القيادة والبلاد على أهبة الاستعداد؛ ولهذا تمت المناورات العسكرية في أكثرَ من أربع أَو خمس مناورات في المنطقة العسكرية الرابعة والثالثة؛ وَكلها تعطي دلالةً على حجم الاستعداد والجاهزية لخوض المعركة القادمة؛ فالتدريب والمناورة هو إعلانٌ للمرحلة القادمة، منوِّهًا إلى أن “العدوّ إذَا كان مُستمرّاً في طغيانه وعبثه بالمِلف الإنساني فَــإنَّ القوات المسلحة ترسلُ تحذيراتِها وتهديداتِها وتوعُّدَها للعدو؛ لتؤكّـدَ له بأنها لن تسكُتَ على هذه المماطلة وهذا العبث”.
ويرى العميد الثور أن “السعوديّةَ والإماراتِ طالما هي تحت المِظلة الأمريكية، فلا خيرَ في السلام، وأن العدوَّ السعوديَّ والإماراتي لا يريد سوى كسب الوقت؛ ليعزِّزَ من قدراتهِ العسكرية”، موضحًا أن “استمرار السعوديّ في التكبر لن يزيدَ الأمورَ إلَّا أكثر تعقيداً، وأكبرُ دليل على ذلك هو استمرارُ ضرب مناطقنا الحدودية كشدا وقطابر وسقوطُ الشهداء والكثير من مناطقنا الحدودية تتعرض للقصف السعوديّ ومع ذلك ما زالت قواتُنا المسلحة إلى الآن ملتزمةً بضبط النفس”.
ويحذِّرُ العميدُ الثور النظامَ السعوديَّ من مغبة تجاهل هذه التحذيرات، وعليها ألا تجرِّبَ صبرَ القوات المسلحة؛ لأَنَّه إذَا نفد الصبرُ فلن ينفعَ الندم، وستشعُرُ السعوديّةُ حينها بأن الكُرةَ خرجت من ملعبها، وأن الأمورَ خرجت عن السيطرة، وأن القواتِ المسلحة ستضطرُّ إلى استخدام الخيار العسكري كورقة، وكسلاح، وهذا الخيارُ سيكونُ من أصعب القرارات؛ لأَنَّ العدوَّ السعوديَّ لن يستطيعَ تعويضَ ما سيخسرُه.
ويلفتُ العميدُ الثور إلى أن “الكيانَ الصهيونيَّ المؤقَّتَ أكثرُ خطراً وخشيةً من الأسلحة البحرية لقواتنا المسلحة؛ لأَنَّ هذه الأسلحة تهدّدُ عاصمةَ كيان العدوّ”، لافتاً إلى أن “حسمَ المعركة لن يستغرقَ سنواتٍ، بل قد يكونُ لساعاتٍ أَو أَيَّـامٍ”.