مظلوميةُ مران.. كربلاء العصر.. بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي
ونحن نعيشُ هذه الأيّام ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي “عَلَيْهِ السَّلَامُ” ورفقاء الجهاد، ثلة من المؤمنين الأطهار الذين باعوا أنفسهم لله فربحت تجارتهم، وهم يواجهون طغيان وكفر بني أمية، أبناء الطلقاء، ومعاوية وبقية معاوية يزيد ومنافقي ذلك الزمن من عشاق المناصب مَن اشتروا الحياة الدنيا، وارتضوا أن يكونوا جنوداً للشيطان، وغرّتهم الحياة الدنيا.
مأساةٌ عظيمةٌ ومؤلمة وتآمر على أهل بيت النبوة، من أوصى الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، بولايتهم وبمحبتهم، والتسليم لهم.
إن السبب الرئيسي كان هو الاختراق وادِّعاء الإيمان وتنامي شجرة الخبث والكراهية داخل نفوس مَن كانوا يسمَّون أنفسهم بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، والانحراف عن خط الولاية، هو الذي حرف مسار الأُمَّــة من ذلك التاريخ إلى اليوم، جذوره وأَسَاسه الانحراف عن مبدأ ولاية الإمام علي بن أبي طالب “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهذا الانحراف هو الذي أوجد حالة الصراع الذي نعيشها اليوم وعاشتها الأُمَّــة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، وراح ضحيتها مليارات الشهداء من ذلك الزمن، وتخلف ثقافي واقتصادي وغزو ديني وضياع الأُمَّــة في كُـلّ الجوانب، والواقع اليوم من تخلف في كُـلّ جوانب الحياة يشهد بذلك.
ولو نأتي نستقرئ الأحداثَ التي حصلت للحسين بن بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، لوجدنا نفسَ المأساة وللمسنا يزيديي العصر موجودين إلى اليوم لا يريدون أن يستقيمَ واقعَ الأُمَّــة ولا أن يظهر دينُ الله، ولا أن يتحقّق للأُمَّـة الإسلامية التمسك بمنهجية الله الحقيقية التي منبعها كتاب الله وأعلام الهدى من آل البيت (عليهم السلام)، ما أعظمها من نعمة، منهجية القرآن “المشروع القرآني”، الرؤية العملية الأرقى والأكثر أثرًا في واقع الحياة، التي أحس الأمريكيون والإسرائيليون وأعداء الدين الإسلامي من المحسوبين على الإسلام والمسلمين من شذاذ الآفاق وعلماء السوء وأعداء الدين الإلهي منهجية الله؛ فقاموا بمحاربة المشروع القرآني بعدوان ممنهج وحرب ضروس على الشهيد القائد -رضوان الله عليه-، وكان الهدف من ذلك هو تقويض المشروع القرآني وإطفاء نور اللهِ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرين.
عشاق المناصب، هم من يضحون بالأمة ويميتون الدين في واقع الحياة، كم تردّد هذا المصطلح من الشهيد القائد في ملزمة “دروس من وحي عاشوراء”، كم هو مؤسف جِـدًّا أن يكون لنا تاريخ عظيم، ولا زال هنالك من يحملون هذه النفسيات اليوم، هنالك أناس متسلقون ومحبون وعاشقون للسلطة يضحون بكل شيء؛ مِن أجل السلطة؛ ومن أجل المكانة ومن أجل الوجاهة.
فيا عشاق المناصب ويا من تطبلون؛ مِن أجل الوصول إلى أهدافكم الدنيئة، اعلموا أن الإمامَ عليًّا (“عَلَيْهِ السَّلَامُ”) يقول (والله إن ولايتكم لا تساوي عندي شراكَ نعلي هذا إلا أن أقيم حقًّا أَو أزهق باطلًا)، هذه هيَ نفسية المؤمنين الصادقين مع الله. فكل ملذات الدنيا ومتاعها لا تسوي شيئاً مقابل أن يتنازل عن شيء معيَّن من إقامة حق وإزهاق باطل أَو تقديم تنازلات مقابل البقاء في السلطة، لتكن السلطة أدَاةً لإقامة حق وإزهاق الباطل وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخَاصَّة.
نحن في مرحلة مهمة جِـدًّا وأمامنا عدو لا يرحم وتفريطنا سيحملنا وزر الأُمَّــة منذ الانحراف الأول، ويوجد مسارات مهمة جِـدًّا لا بد من التحَرّك فيها وتقديم النموذج الراقي، في كافة الجوانب والمجالات، فمسارُ البناء الثقافي وتأصيل الهُــوِيَّة الإيمانية من خلال رفد المسارات العلمية القرآنية أولوية أَسَاسية، وتحصين المجتمع بالثقافة القرآنية في المساجد والمدارس والمجالس على مستوى كُـلّ أسرة وقرية وعزلة ومديرية ضرورة حتمية لا بد منها وإلا سنكون معرَّضين للباطل والغزو الفساد الأخلاقي الذي تصدّره قوى الفساد في العالم أمريكا وإسرائيل، الحشد ورفد الجبهات أولوية أَسَاسية وضرورة حتمية في وقتنا الحاضر، فالمسارعة إلى الميدان بالتوعية وتحريك المجتمع، ألا وإن الدعية ابن الدعي قد ركَزَ بين اثنتين: إما السلة وإما الذلة. فهيهات من الذلة.. هيهات منا الذلة.