الصراعُ الغربي مع روسيا.. إلى أين؟ بقلم/ محمود المغربي
يتصاعدُ الصراع الغربي مع روسيا منذ اندلاع الحرب في أُوكرانيا في فبراير 2022م، وبلا شك كان هناك عددٌ من الأسباب التي أَدَّت إلى هذا الصراع، من أهمها التجاهل الغربي للمخاوف الروسية من سياسة النظام الأُوكراني المعادية لروسيا وغير المسؤولة.
والمطالب الأُوكرانية بالانضمام إلى حلف الناتو بالإضافة إلى التواجد والتحَرّك الأمريكي في أُوكرانيا وما يشكل ذلك من خطر حقيقي على الأمن القومي الروسي وتلك عوامل دفعت بالقيادة الروسية إلى التحَرّك العسكري في أُوكرانيا وفتحت الأبواب أمام صراع روسي غربي تم تأجيله وتحاشيه من قبل روسيا التي كانت تتجنب صراعًا يستنزف الطاقات والإمْكَانيات الروسية ويدخلها في معركة لا يمكن التنبؤ بنتائجها وكيف سوف تنتهي.
إن التجاهل الغربي للمخاوف الروسية والإصرار الأمريكي على استفزاز روسيا وغباء وعمالة القيادة الأُوكرانية للغرب لم يترك لروسيا من خيار آخر بعد أن أعربت عن مخاوفها تلك وحذرت من أن انضمام أُوكرانيا إلى الناتو سيشكل تهديدًا لأمنها القومي وسوف يسمح للولايات المتحدة بنشر صواريخها في أُوكرانيا، مما سيضعف دفاعات روسيا، كما أن قيام الولايات المتحدة بنشر قواتها في أُوكرانيا، وإجراءَها تدريبات عسكرية مشتركة مع القوات الأُوكرانية قد يجاوز الخطوط الحمراء وأثار حفيظة الروس.
والآن يؤدي الدعم العسكري الغربي لأُوكرانيا إلى تصاعد الصراع وتوسيع جغرافيته وإطالة أمد الحرب ويزيد من حجم الضرر والخسائر البشرية والمادية الأُوكرانية ويرفع من قيمة الفاتورة التي سوف يدفع ثمنها الشعب الأُوكراني وتمتد التكاليف والخسائر لتطال المواطن الأُورُوبي الذي وجد نفسه أمام تضخم هائل في أسعار السلع والمواد الغذائية وفاتورة ثقيلة يدفعها كُـلّ شهر مقابل الكهرباء والتدفئة وتصل إلى 500 % عما كان يدفع في السابق.
بل إن تداعيات الحرب في أُوكرانيا وصلت إلى كُـلّ العالم وقد تتجاوز آثار تلك الحرب الآثار الاقتصادية إذَا استمر التعنت الغربي والعبث الأمريكي بأمن روسيا وأُورُوبا والعالم، وقد نجد أنفسنا جميعاً أمام حرب نووية شاملة لا تبقي ولا تذر وليس لها رابح، خُصُوصاً أن الدعم الغربي لأُوكرانيا بدأ يأخذ منعطفًا خطيرًا، وأصبح يستهدف الأراضي الروسية ويتجاوز العقيدة النووية الروسية التي تحرم استهداف الأراضي الروسية.
وأعتقد أن الصراع الغربي مع روسيا لن ينتهي قريبًا، فالطرفان لا يبدوان مستعدين للتراجع ومن المتوقع أن يستمر الصراع في التأثير على الأمن الأُورُوبي والعالمي في السنوات القادمة، خُصُوصاً أن للصراع الروسي مع الغرب جذورًا تاريخية قديمة وعقودًا من الحرب الباردة والمخاوف المتبادلة، والأهم من ذلك تبعية الدول الأُورُوبية لأمريكا وانحيازها للمصالح الأمريكية التي أظهرت الأيّام تعارضها مع المصالح الأُورُوبية.