الاستهدافُ الممنهجُ ضد الإسلام.. بقلم/ محمد سلطاني- تونس
إن ما نشهده اليوم في عصرنا الراهن، ارتكاب أعمال لا يتقبّلها أي عاقل راشد الذهن على الإطلاق، هو الاستهداف الممنهج ضد ديننا الإسلام الحنيف، فتارة نرى رسوماً ساخرة كاريكاتورية تحطّ من مكانة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) العظيمة وطوراً يتعمّد الغرب على تشجيع إحراق القرآن الكريم والتنكيل بصحف آياته.
لا شك أنّ مجتمعنا اليوم بأسره يقبع تحت وطأة حرب ثقافية، حرب غير مباشرة تشن بأُسلُـوب خبيث خفي بعدما أُسْكِتَ أزيز الرصاص وأُخْمِدَ هدير المدافع، هذه الحرب تعادي الثقافات والهُــوِيَّات الأُخرى، ذلك بترويج دعاية تفوّق العرق الأبيض.
كما كُرِّست بنزعة استعلائية ظاهرة الإساءة لدين الإسلام عبر تدنيس المصحف من قبل بعض مَنْ يسلكون التيار اليميني المتطرّف في السويد والدنمارك، على مرأى أعين النّاس، دون أية درجة من الاستحياء والخجل.
بهذا المنهج السّاقط تتكرّر عملية الإساءة للإسلام بين الفينة والأُخرى، منذ سابق عهد وليس وليد اللحظة.
لئن أردنا فرط عقدة هذه القضية المصيريّة، فَــإنَّه يجب البوح بإحدى الأساليب القذرة التي تستخدمها لتمرير مخطّطاتها الشيطانية هو “التطويع”.
أخرجت الدول الغربيّة كُـلّ ما في ثقلها من أدوات إعلامية، ولم تكتف بهذا فقط وإنّما صاغت سردية روايتها المبنية على أبراج من الخداع والأوهام والأكاذيب، فلذلك لا بُـدَّ من استقطاب نخب من مثقفين وكتاب تنحدر أصولهم من بعض بلدان العالم الإسلامي ليتحولوا كتلة طيعة لا تنفلت من قبضة سطوة الغرب مثل سلمان رشدي مطلق الآيات الشيطانية الهاتكة لحرمة الدين، لتصبح الإساءة للإسلام من بيت أبيه أسهل طريقة يستطيع من خلاله تهشيم كُـلّ مَـا هو مقدس.
مسلسل متتالي من حلقات مشاهد العداء للإسلام وإن تباين سياق هذا الفعل الشنيع يبقى مخطّطاً مدروساً تعده أياد خبيثة خلف أروقة كواليس الإعداد.
لم يعد خافياً علينا ضلوع أمريكا وبني صهيون الاستخباري في تدبير هذه الحادثة بإحكام، حَيثُ يتجلى هذا الأمر عندما ننصت مراراً لأبواقهم المشحوذة بنفس عدائي حول كُـلّ ما يتعلّق بالإسلام والمسلمين.
وفي هذا الاتّجاه، يقول ديفيد بن غوريون: “نحن لا نخشى الثوريات ولا نخشى الديمقراطيات، نخشى فقط الإسلام أن يتململ من جديد”.
أما مؤسّس حزب شاس الحريدي الصهيوني المتطرف الحاخام عوفاديا يوسف، يوصم المسلمين بالأفاعي وأن دينهم قذر، حسب تعبيره البذيء السخيف وكثيرون من هذه النماذج ابتدعوا ورسّخوا في أفكار المجتمع الغربي مصطلح يدعى “الإسلاموفوبيا”.
ينفذ النظام العالمي من هذا المسير ذو المعاول الهدّامة ويحفر من جديد فجوة فكرية عميقة نتاج موجة فوضى الأفكار الإمبريالية العبثية، من أحدثتها معضلة ثقافة الاستهلاك وثورة الاتصالات كسلع مروّجة صدّرتها العولمة، بل ترك هذه الموجة تلاطم أفكار عقل بقية أفراد الشعوب الأُخرى، ويداعبهم نعومة حياة الغرب المترفة فيغترّون بفردوسيتها الوهمية، إذ سرعان ما ينقلب على حياتهم وبالاً بدليل ما تخلفه من تقسيم دول إلى كيانات يتصارعون فيما بينهم، حتى يتحولوا إلى أدَاة استعمالية تنفّذ أجندة بنك أهداف الاستعمار ومن حروب أهلية وفتن مذهبية تحيك نسج خيوطها ضدنا وفقر وبطالة.
إن آيات القرآن الكريم نظم، قيم وهداية وتشريعات مستقيمة تنسجم مع قيم العدل والحق والخير، كُـلُّ ما يتطلّب منّا هو الدفاع عن حرمة المصحف بالشكل المطلوب كمقاطعة البضائع التجارية الصهيونية والأمريكية والدنماركية والسويدية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع أية دولة تتجرّأ على تشويه سمعة الإسلام السمح.
القرآن عامل فعّال ومؤثر يقف سداً منيعاً في وجه قوى الاستكبار العالمي الأمريكي الصهيوني، سيف شاهر مشرّع لكل جبروت، يرتكب بحق الأُمَّــة كافّة أنواع الظلم بفداحة، ولكل جحود يتهكّم متطاولاً على شرف إسلامنا الأصيل ذا النهج القويم بأعلى درجة من الوقاحة.
القرآن يختبر مدى إيماننا الخالص بديننا ومدى التزامنا بالتمسك به، ما أحوجنا اليوم إلى ثورة فكرية تستنهض بالأمة الإسلامية لتكون موحّدة على كلمة سواء، وتتلاقى مع بعضها البعض بمعزل عن الاختلافات المذهبية الطائفية، لا يتحقّق ذلك إلّا بإيمان حقيقي يصحو في ضمائر الأحرار ونخوة مشاعرهم تنتصر على أضاليل أفواج قوم تبع للاحتكار الفكري الإمبريالي الاستعماري، عكس إيمان مخدّر لا يتجذر فيه الوعي بالمسؤولية تجاه قضايا الأُمَّــة ودينها وهُــوِيَّتها.