الإنزالُ المِظلي في مأرب.. إنجازٌ جديدٌ في رصيد القوات المسلحة
المسيرة / منصور البكالي:
مثّل العرضُ العسكريُّ لوحدات نوعية من قوات الحرس الجمهوري، قبل أَيَّـام في محافظة مأرب، والذي تخلله إنزال مظلي لأول مرة منذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم على بلادنا، نقلةً نوعيةً في بناء وتأهيل وتدريب الجيش اليمني؛ ما يجعله أكثرَ قوة على المواجهة.
العرضُ المِظلي دشّـنه وزيرُ الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، وقيادات عسكرية كبيرة في محافظة مأرب، وحمل الكثير من الرسائل والدلالات، لا سِـيَّـما أنه جاء في ظل إصرار أمريكي على عرقلة جهود السلام والدفع نحو المزيد من المواجهة والانفجار.
وفي هذا السياق يرى الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري اللواء عبدالله الجفري، أن “تخرج أول دفعة من قوات الحرس الجمهوري في القوات الجوية قسم المظلات، يُعتبَرُ إنجازاً عسكريًّا متقدِّماً في مسار المواجهة مع العدوان الأمريكي السعوديّ؛ وهو إنجازٌ لا يستهانُ به في ظل استمرار العدوان والحصار، ووصول المفاوضات السياسية إلى طريق مسدود”.
ويقولُ اللواء الجفري في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “لقد شاهدنا وحدة الإنزال المظلي وهي تنفذ التدريب بطائرات حوامة؛ وهو ما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز الكبير، للتطور الكبير الذي وصلت إليه قواتنا المسلحة على مستوى تحقيق توازن الردع”، مُشيراً إلى أن “هذه المناورة وهي تنفذ أنواع الأسلحة في معركة افتراضية تم خلالها السيطرة على العدوّ؛ وهو ما يؤكّـد أن الإنزال المظلي في ميزان القوة الجوية له أهميّة كبيرة، ويشكل نقلة نوعية في إدارة المعركة من الداخل إلى عمق العدوّ؛ باعتبارها قوات تدخل سريع تستطيع فك الحصار عن أية وحدات عسكرية يتم محاصرتها من قبل قوات العدوّ، ومن خلال تلك الخطط وإدارة المعركة يتم قطع خطوط إمدَادات العدوّ؛ وهي من أخطر المعارك من حَيثُ أهميتها الاستراتيجية؛ لأَنَّ العدوّ مهما يمتلك من قوة وأسلحة لا يستطيع الصمود في المواجهة إن قطعت عنه خطوط الإمدَاد التي تغذي المعركة، وبالتالي تعتبر وحدات الإنزال ذات أهميّة قصوى في الاستراتيجيات الحربية، وإدارة المعركة بوحدات جوية فائقة التأثير على الميدان”.
ويعتبر الجفري أن “هذه القوات تستطيع دك مراكز العدوّ وتحصيناتها وقطع خطوط الإمدَاد والسيطرة على بعض المواقع الهامة والحساسة للاستخبارات الأمنية والحصور على المعلومات، وإيصالها إلى الجهات ذات الاختصاص ومعرفتها بكيفية إدارة المعركة من قبل العدوّ، وما هي الخطط والبرامج التي يعتمد عليها، والأسلحة التي يستخدمها، وبعض الأسرار العسكرية والأمنية ليتم استهداف مواقع العدوّ ومواقع قياداته؛ وهي تعتبر من أصعب المهام للقوات الجوية”.
ويشير الجفري إلى أن “استخدام هذه القوات لا ينحصر في الجانب العسكري فحسب، بل لها استخدامات في الجانب الاجتماعي والأمني لإنقاذ المواطنين أثناء الزلازل والفيضانات والحصار لأي مدنيين حال الحرائق والتقلبات المناخية وكوارثها”، مؤكّـداً أن العدوان “إذَا لم يجنح لتنفيذ مطالب صنعاء المعبرة عن الشعب اليمني سيكون لهذه الوحدات مهام خَاصَّة في المعركة المرتقبة، ودور محوري في تنفيذ معركة التحرير للأراضي اليمنية، وهذا من حَيثُ أهميّة هذه القوات”.
ويواصل اللواء الجفري: “هذه التدريباتُ تأتي في إطار الاستعداد والجهوزية العالية لقوات الاحتياط”، واصفاً العروض العسكرية في مختلف المناورات والوحدات والمناطق العسكرية بأنها تعكس مدى الاستعداد واليقظة العالية، وأنها تمتلك من التدريب والخصائص القدرة على خوض المعارك البرية والجوية والبحرية بمهارة وتفوق عال ليس في حسبان الأعداء، كما يؤكّـد بأن اليمن باتت تمتلك جيشاً محترفاً ومؤهلاً ويمتلك خبرة عالية في الميدان، ويمتلك أسلحة استراتيجية وفعالة لها أثرها في الميدان العملياتي، وفي الهجوم والدفاع”.
ويشير إلى أن معركتنا القادمة ستكون بأسلحة “نوعية”، تتجاوز الأسلحة التي استطاعت دك معاقل العدوّ خلال الأعوام الماضية”، وأن الجيش اليمني أصبح يمتلك أسلحة متطورة ومتقدمة في ظل الحصار والعدوان لم تستطع أية دولة على كوكب الأرض امتلاكها في وضع كهذا، وهذا إنجاز تأريخي على مختلف الأصعدة، موضحًا أن هذه القوات الجوية قادرة على نقل المعركة إلى عمق العدوّ الداخلي، وهي من تستطيع قطع خطوط الإمدَاد ومحاصرة أعداد من قوات العدوّ، وتستطيع أن تدك معاقل العدوّ وتحصيناته، والقدرة على جمع المعلومات الحساسة والدقيقة من قلب العدوّ، وتمهد للتقدم السريع للقوات البرية للدخول إلى أرض المعركة وفي مناطق وعرة، وتعيق تقدم بعض العربات والمعدات العسكرية للعدو، وسيكون لهذه الوحدات دور مهم جِـدًّا في رفد الجيش واللجان الشعبيّة بوحدات متخصصة وذات تأثير عال وفعال على مختلف الجبهات، تضاف إلى رصيد الجيش اليمني، وستكون المعركة القادمة حاسمة وقادرة على تحقيق أهداف ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
ويلفت الجفري إلى “حتمية استمرارية المعركة واستمرارية التحديث والتطوير والبناء للجيش اليمني بمختلف وحداته، وبالشكل الذي يكفل لليمن حريتها وسيادتها الوطنية وحفظ كُـلّ مقدرات الشعب وثرواته من الغزاة المحتلّين وأدواتهم، وأن اهتمامنا بالجيش والأسلحة مُستمرّ عبر القيادة الثورية والسياسية والعسكرية وهيئة التصنيع العسكري الذين يهتمون بالجيش اليمني”.
صنعاءُ على أُهبةِ الاستعداد:
بدوره يقول الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري، العقيد مجيب شمسان: إن “العروض العسكرية المُستمرّة للقوات المسلحة اليمنية في مختلف المناطق هي تعبر عن حالة الجهوزية واهتمام القيادة بعملية التدريب والتأهيل ومراكمة عناصر القوة؛ لما لها من فاعلية أكثر في الميدان”.
ويضيف في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”: “لاحظنا خلال العمليات المختلفة أن هناك اهتماماً بالجانب التدريبي في ما يخص الجانب العملياتي في كُـلّ القوات المسلحة اليمنية”، معتبرًا العرض المظلي في محافظة مأرب فارقاً جديدًا لقوات الإنزال المظلي التي كانت حاضرة لأول مرة في العروض العسكرية التي تقيمها القوات المسلحة اليمنية، بعد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، ويعكس مدى التطور الذي وصلت إليه القوات المسلحة اليمنية، ومدى اهتمامها بتطوير وتفعيل القوات الجوية؛ باعتبار أن الحرب والحصار الأمريكي السعوديّ على شعبنا اليمني لا يزالان مُستمرَّينِ”.
ويواصل: “المكان والزمان الذي أقيما فيهما العرض المظلي وعلاقتهما بما وصلت إليه المفاوضات والحديث عن الجانب الإنساني أنها لم تبدُ بأية جدية في هذه الملفات، ويمكن القول بأن صنعاء باتت اليوم على أفق الاستعداد لانتزاع الحقوق اليمنية انتزاعاً بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود، أمام تعنت قوى العدوان والتعنت الأمريكي الذي يصف الجوانب الإنسانية واشتراطاتها بأنها “معيقة للسلام”.
ويشير إلى أن “تزامن هذه المناورات مع حضور أمريكي مكثّـف عبر إرسال المزيد من قواتها إلى الأراضي اليمنية المحتلّة، وهنا تكون رسائل صنعاء إلى جانب تلك الرسائل والتحذيرات التي سبق أن وجهها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاباته، بأن على الأمريكي أن يرحل، وأن على البريطاني أن يرحل، وأن على الإماراتي والسعوديّ أن يرحلوا من بلادنا، بمعنى أن القوات المسلحة اليمنية ستكون حاضرة لتنفيذ تحذيرات السيد القائد وما على هؤلاء إلَّا أن يدركوا بأن العروض العسكرية اليمنية ليست مُجَـرّد حرب إعلامية، بل إنها ستنزل وتنفذ حرفياً على أرض الواقع، مع الاعتبار بأن القوات المسلحة اليمنية كما عرف عنها منذ بدء العدوان، أفعالها تسبق أقوالها وتترجمها، وهذا ما بات عليه الواقع اليوم، خَاصَّة بما راكمته صنعاء من عناصر القوة وأمسكت بزمام المبادرة خلال سنوات المواجهة مع العدوان والتحكم بها”.
وعن الأبعاد العسكرية والسياسية لهذه العروض العسكرية المتقدمة يقول شمسان: “لا شك أن لكل مناورة وعروض عسكرية أبعاداً ورسائلَ سياسية وعسكرية، سواءٌ أكانت على مستوى التدريب والتأهيل، أَو على مستوى التنفيذ العملياتي، ومن أبرزها أن الملف العسكري اليوم هو من يدعم الملف السياسي والمفاوضات السياسية وأوصلها إلى ما وصلت إليه؛ بمعنى أن المفاوضات اليوم تتكئ على الإنجازات التي حقّقتها القوات المسلحة اليمنية على الميدان، وأن تصل القدرات العسكرية بهذه القدرات وبهذه الإمْكَانات وبهذا الحجم الكبير من التقدم في مختلف الوحدات، والمفاجآت المتوالية خلال العروض العسكرية التي كان آخرها حضور القوات الجوية والإنزال المظلي تعطي الكثير من الرسائل والأبعاد التي ستنعكس على تعامل قوى العدوان على الصعيد السياسي وتجبره على الاستجابة لما تطرحه صنعاء، أَو تنفذ في الميدان العسكري وتعيد للشعب اليمني حقوقه السيادية كاملة على كافة أراضيه ومقدراته”.