العدوانُ يقتل الشعب اليمني وينهب ثرواته ويمتنع صرف المرتبات.. بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي
منظومة المخطّط الاستراتيجي للعدوان على اليمن، التي شملت الاستهداف بالطيران للإنسان في الأسواق والمدارس والبيوت السكنية والمساجد والمستشفيات وشبكات الطرقات ووسائل النقل للغاز والنفط والمواد الغذائية وللبنية التحتية والحيوية والخدمية، وكذا الحصار الخانق لمنع وصول السفن الغذائية وسفن الوقود وَالدواء، ومنع الرحلات العلاجية للمرضى وكلّ ذلك خلف الملايين من الضحايا والكوارث والجرائم بحق الإنسان اليمني.
يأتي الحصار الاقتصادي وذلك لتعسير سبل العيش وتضييق الخناق على المواطن اليمني، وكذا سلسلة الحصار الاقتصادي ونقل البنك المركزي، ونهب الثروات اليمنية وإفقاد العملة اليمنية قيمتها من خلال طباعة عملة ورقية جديدة بدون غطاء نقدي، مما أفقد الريال اليمني قيمته، وهذا ما حصل في الجنوب الذي اعتمدوا على العملة الجديدة في التعامل النقدي، في المقابل اللجنة الاقتصادية في صنعاء تتخذ الخطط والإجراءات السليمة والمناسبة أمام أي مخطّط من دول العدوان يستهدف الاقتصاد، وهذا بدوره حافظ على استقرار سعر الدولار وقيمة الريال اليمني وَاستقرار سعر السلع والمنتجات الغذائية، وعزز من عملية الاستقرار النسبي للسلع الغذائية والعلاجية.
لقد تحَرّكت دول العدوان بخططها العدوانية في كُـلّ الجوانب العسكرية البرية والبحرية والجوية وَالاقتصادية الداخلية والخارجية والاجتماعية من خلال التدجين والحرب الناعمة، وبإمْكَاناتها الهائلة وميزانيتها الضخمة، ولكن حكومة صنعاء عملت جاهدة بإيرادات لا تذكر على مواجهة المحتلّ وتأمين البلاد وتشغيل مؤسّسات الدولة والحفاظ عليها من الانهيار وتوفير الخدمات الممكنة.
اعتمدت الدولة سابقًا في دفع الرواتب على عائدات النفط والغاز بنسبة 85-90 %، ففي عام 2014م، بلغت فاتورة الأجور والمرتبات في اليمن حوالي 75 مليار ريال شهرياً (منها 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية) يستفيد منها 1.25 مليون موظف وأسرهم، بينما تبلغ معاشات المتقاعدين 5.4 مليار ريال شهرياً يستفيد منها 124.015 متقاعداً، أما المساعدات النقدية للحالات المسجلة في صندوق الرعاية الاجتماعية فتبلغ 22.7 مليار ريال ربعياً تغطي 1.5 مليون حالة أي حوالي 8 ملايين شخص، وإجمالاً تبلغ فاتورة مرتبات موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين والمساعدات النقدية حوالي 1.055 مليار ريال سنوياً (ما يعادل 2.2 مليار دولار عند سعر صرف يوازي 485 ريالاً/دولار).
وفي المقابل، بلغت حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام التي سلمتها للمصافي المحلية وصدرتها للخارج 34.3 مليون برميل عام 2014، وبافتراض انخفاض القدرة الإنتاجية لحقول النفط حَـاليًّا بحوالي 25 % عما كانت عليه عام 2014، وأن سعر برميل النفط 70 دولاراً، فهذا يعني إمْكَانية تعبئة 1.8 مليار دولار سنوياً، بما يمثل 97 % من إجمالي مرتبات موظفي الدولة، وفي حال استئناف تصدير الغاز الطبيعي المسال الذي بلغت حصة الحكومة منه 753.5 مليون دولار عام 2014، فسيكون بالإمْكَان تغطية ليس فقط مرتبات موظفي الدولة ولكن أَيْـضاً معاشات المتقاعدين والمساعدات النقدية للحالات المسجلة في صندوق الرعاية، وفي أسوأ الحالات، سيكون بإمْكَان عائدات النفط والغاز تغطية مرتبات موظفي الدولة.
إن حجم صادرات النفط الخام خلال الفترة من 2016م إلى 2021م، بلغ نحو 189 مليوناً 170 ألفاً و730 برميلاً، فيما وصلت قيمة العائدات ما يقارب 13 ملياراً و25 مليوناً761 ألفاً 831 دولاراً، وهذه معلومات شبة تقريبية وإلا فالمبالغ أكبر من ذلك وفقاً لإحدى شركات النقل للملاحة الدولية.
هذه الإيرادات للنفط والغاز اليوم تسيطر عليها قوى العدوان ومرتزِقتهم في المناطق المحتلّة أَيْـضاً وهذا ما فعله تحالف العدوان في حربه الاقتصادية على بلدنا: نقل عمليات البنك المركزي من صنعاء، وتجميد أي نشاط له مباشر في خارج البلد: كي لا يتمكّن من صنعاء أن يواصل نشاطه، لا على مستوى الوضع الخارجي، ولا على مستوى العمليات الأَسَاسية في الحركة التجارية للتجار، وهذه العملية هدفوا منها: إلى تعطيل صرف المرتبات وإلى رفع الأسعار وإلى التحكم بالنشاط التجاري وإلى الإضرار بالعملة؛ لأَنَّ من الأهداف الرئيسية التي يحرصون عليها، هو: ضرب قيمة العملة الوطنية؛ لأَنَّ هذا يعتبر من أكبر ما يمكن أن يضروا به الشعب اليمني في اقتصاده، وهم يريدون هذا.
هم عملوا على أن يضروا الشعب، كيف يظلمون هذا الشعب، كيف يؤثرون على واقعه المعيشي، هدف رئيسي بالنسبة لهم، وقاموا أَيْـضاً بطبع كميات كبيرة من العملة، واشتغلوا من خلال ذلك في هذه السياسة التي تهدف إلى ضرب قيمة العملة الوطنية؛ وبالتالي ارتفاع الأسعار جِـدًّا، إفقاد المواطنين القدرة على الشراء، ورفع معاناتهم، وظلمهم، والتعذيب لهم، والتجويع لهم.
ولكن رعاية الله وقوة الله هي الأقوى والأعظم، والتي تحافظ على الشعب اليمني إلى اليوم، نحن نطالب قوى العدوان بصرف المرتبات.