الإمَـامُ زيد.. سيرةُ الجهاد وثورةُ العلم والإصلاح في زمن الضلال.. بقلم/ حسام باشا
لا شك أن سيرةَ الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عظيمة ومجيدة، تحمل في طياتها دروساً وعبراً لكل مسلم يسعى إلى الحق والعدل والجهاد في سبيل الله، فهو الذي أحيا نهضة الإمام الحسين -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وقام بالخروج على الطاغية هشام بن عبد الملك، وأظهر شجاعته وفدائيته وصبره في مواجهة الظلم والجور، ولكن للأسف فقد كانت هذه السيرة مظلومة ومهمشة في مناهجنا وإعلامنا لزمن طويل؛ نظرًا لسطوة الغرب على أمتنا، وتدخلهم في شؤوننا، وتأثيرهم على مفاهيمنا وقيمنا حتى وصل بهم الحال إلى الإساءة لرسول الله والكتاب الكريم.
إننا في زمن تتعرض فيه مقدساتنا وتاريخنا وهُــوِيَّتنا للمساس والتشويه من قبل الصهاينة الذين يحاولون إغلاق باب التاريخ علينا وإبعادنا عن سيرة قادتنا الأصليين، وإخفاء أدبياتنا ومبادئنا الإسلامية، مستخدمين كُـلّ أشكال الخداع والتضليل لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، وإثارة الفتنة والشقاق بين أفراد أمتِنا واستغلال ضعفنا وانقساماتنا للاستيلاء على ثرواتنا ومواردنا، وتدمير مستقبل أجيالنا، وإفساد أرضنا وسماءنا، فكيف نخرج من هذه المحنة التي تعصف بأمتنا؟ وكيف نسترد مجدنا الذي فقدناه؟ وكيف نحمي ديننا وأخلاقنا من الهجمات والتشويهات؟ وكيف نواجه كُـلّ من يحارب ديننا وأمتِنا؟
إن الجواب يكمن في اتِّخاذ سيرة قادتِنا من أعلام الهدى قُدوة ومثالًا لنا، فهم المستضيئون بنور القرآن في كُـلّ شؤون حياتهم، ومنهم حليف القرآن الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، الذي ارتبط ارتباطاً وثيقًا بالقرآن، وقائداً لأمة محمد -صلى الله عليه وآله- في مجاهدة الظالمين والطغاة، في انتفاضة شريفة وصادقة، لم تستثنِ أحدًا من المسلمين، بل دعتهم إلى التآخي والتعاون، فقد أبان بِرَّه الإلهي وَشجاعة بطولية في نهضته الإسلامية التي خرج بها في مدينة الكوفة في العراق ضد حكم الأمويين المستبدين، والتي لم تكن مُجَـرّد رفض للظلم السياسي، بل كانت حركة لإحداث التغيير والإصلاح في المجتمع، وتطبيق شرائع الإسلام وضمان حقوق الناس ومكافحة الفساد والظلم.
إن سيرة الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ملهِمةٌ ومشرقة في تاريخ الإسلام، فهو الإمامُ الذي أظهر معاني الولاء والبراءة، والتمسك بالقرآن، والالتزام بالشرع والأخلاق، والتوحيد والتقوى، والجهاد والإصلاح، والعزة والكرامة، والصبر والثبات في مواجهة الظلم والطغيان؛ فما أحوجنا في هذا الزمن إلى سيرة الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، ففي سيرته العطرة نجد الحلول والخروج من هذه التحديات الصعبة التي تواجهنا، نجد دعوة البراءة من أعداء الله والولاء لأعلام الهدى، نجد دعوة إلى التقوى والورع في طاعة الله تعالى، والحذر من المعصية، نجد دعوة إلى التراحم بين المسلمين، والتصدي للأعداء بالحكمة والبصيرة.
إن الدروس التي نستفيدها من سيرة الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- تدعونا إلى أن نكون أُمَّـة موحدة متمسكة بأعلام الهدى، تسعى لرفعة دينها وأمتها، تقف بوجه كُـلّ من يحارب الحق وينشر الباطل، تجاهد؛ مِن أجل إقامة العدل والإصلاح في مجتمعاتها، تضحي؛ مِن أجل المبادئ وقيم الإسلام التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن هذه الدروس تعلمنا كيف نقاوم الفساد بكل أشكاله، سواءٌ أكان فسادًا سياسيًّا أَو اقتصاديًّا أَو اجتماعيًّا أَو ثقافيًّا أَو دينيًّا، كيف نعمل على تحقيق الإصلاح بكل جوانبه، سواءٌ أكان إصلاحاً فكريًّا أَو عمليًّا أَو تربويًّا أَو دعويًّا أَو خدميًّا، كيف نكون سيفًا قويًّا للحق والعدل في وجه الظلم والظروف الصعبة التي تحيط بنا.
فلنستذكر سيرة هذا الإمام العظيم، فهو قُدوة لنا في كُـلّ حال، في نصرة المستضعفين والوقوف ضد المستكبرين، في القتال؛ مِن أجل حق المظلوم ضد أي ظالم، في أن ننادي بكتاب الله ونتمسك بالعترة الطاهرة.
ولنستفدْ ونجدِّدِ التزامَنا بسيرة الجهاد والإصلاح في زمن الضلال، ولنستلهم روحَ الإمَـام زيد -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ونعمل على تجديد العهد بقيمه، ونسعى جاهدين لتحقيق العدل والإصلاح في مجتمعاتنا.