من أحب الحياة عاش ذليلاً.. بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي
عبارة خالدة وَعظيمة تحمل معنى التعبير البديع: من أحب الحياة.. إن الحب للحياة والعشق للحياة والذوبان في الحياة والبحث عن مغريات الحياة والسعي الحثيث لها تجعل من الإنسان ينساق وراء رغباته وغرائزه الشيطانية، من متاع الحياة الدنيا، عندما يكون الإنسان محباً لاهثاً راغباً ساعياً شغوفًا مكباً على متاعِ الحياة الدنيا وغرائزها واقعاً في مصائدها الكثيرة والمتعددة من مظاهر الحياة الدنيا، من العشق للمناصب والعشق للسلطة واللهث وراء المال والاكتساب والاستحواذ، ينتج عنها أشياء كثيرة جِـدًّا، منها: الكذب والنفاق والمجاملة والبيع والشراء في الباطل والتوغل في الباطل والسرق والارتهان لأعداء الله وضياع من يقول الحق وانعدام الغيرة على قضايا الأُمَّــة العادلة والبعد كُـلّ البعد عن كُـلّ ما يرغب للإنسان أن يكون كما أراد الله له أن يكون في عبادة وفي زهد وفي استقامة وفي عزة وفي كرامة وفي رفعة وفي تقشف عن كُـلّ مظاهر الرفاهية الحياة الدنيا لماذا؛ لأَنَّه يطمع في رضا الله.
والجانب الثاني: عاش ذليلاً، لا ينطق بالحق ولا يتكلم في الحق ولا يطبق الحق ويجسد الحق ولا يذود عن حرم الله ولا يعلو كلمة الله، وَإذَا دُعِي لأمر فيه لله رضًا تهرَّب وتنصل عن المسؤوليات العظيمة والمهام العظيمة والمسؤوليات المقدسة، يخاف من لقاء أعداء الله، يخاف أن ينطق بالحق، لا يرتضي بالحق، ولا يجرؤ على أن يقول كلمة الحق، يكون كذابًا، يكون منافقًا، يكون نصاباً، يكون شاذاً عن الفطرة الإنسانية السليمة التي خلقه الله عليها، لا يرحم، لا يعدل، لا يستقيم، لا يكون صادقاً أبداً.. مهما حاول أن يكذب على نفسه، مهما حاول أن يتصنع الإيمان، مهما حاول أن يكون من حفظة القرآن الكريم، مهما كان مرائياً.. في إيمانه يعيش في ذلة..
مثل هؤلاء لا يجب أن يعتمد عليهم في شيء؛ لأَنَّهم عبّدوا أنفسهم للرغبات الشيطانية، فهم يرون المنكر معروفًا ويرون المعروف منكراً، ولا يتحقّق على أيديهم أي مظهر من مظاهر استقامة الحياة، فهم يقسمون الدين ويزهقون الدين في واقع الحياة، ولا يحملون في أنفسهم قضايا الأُمَّــة العادلة.
ونحن نعيش ذكرى استشهاد الإمَـام زيد (-عَلَيْهِ السَّلَامُ-)، حليف القرآن الذي رفض حياة الاستكبار والاستعلاء والرفاهية والبذخ ورفض كُـلّ مظاهر الترف وزهد عن الحياة الدنيا بالآخرة ودفع ثمن ذلك حياته وروحه، ولكن اشترى جنة عرضها السماوات والأرض، فسلام الله على الإمَـام زيد.