قـائـدُ الـجـوية يـعانـقُ السمـاء ويرحلُ شهيداً.. بقلم/ الاعتزاز خالد الحاشدي
ألا إن من أعظم نكبات الأُمَّــة أن تفقد عظماءَها..
وهَـا هي اليمن من جديد تعلن خسارتها برحيل رجل عظيم من رجالها الأوفياء.
إنه اللواء المجاهد/ أحمد علي الحمزي.
قائد القوات الجوية، القائد الفذ الشجاع، الذي كان من خيرة رجال الأُمَّــة، الذي مثل رحيله خسارة فادحة على الأُمَّــة عامة وعلى اليمن خَاصَّة.
كأنه صقر السماء في الدنيا، وجعفر الطيار بجناحيه في الآخرة، حارس الأجواء اليمنية، مرعب تلك الغربان التي كانت تحلق في أجوائنا، كان أشبه بالأسد في عرينه الذي لا تجرؤ حيوانات الغابة الاقتراب منه؛ خوفاً ورهبة.
الشهيد اللواء/ أحمد الحمزي، كان فعلاً رجل مسؤولية فاستحق منصبه وكان أهلاً له، استشعر هذه المسؤولية أمام الله وخوفاً من الله عَمِل بكل جوارحه ولم يتوان أَو حتى يضعف أمام مرضه الذي ألم به، وجروحه النازفة من آثار جبهات القتال.
لم يدع جبهة أَو موقعاً إلا وطئت عليه قدماه الطاهرتين، لم يتجاهل جهاده في سبيل الله على مواقع القتال، ولم يكتف بجهاده في الداخل، أية روحية يحملها، وأية إرادَة يمتلكها هذا القائد العظيم، لم يُنسه منصبه مسؤوليته في الدفاع عن وطنه وشعبه، فهل قد مر علينا كهذا القائد والمسؤول العظيم؟!
لم يمل أَو يسأم أَو يشتكي من تعب، بل كان يكابر ويدوس على الآمه، ويكافح تعبه، يزور الجبهات والمجاهدين ويقاتل معهم، وحين تولى منصبه الذي استحقه، لم يكتف بالجلوس على كرسي قيادة الجوية، بل جعله آخر همه، ولم يدعه منصبه أن يتخاذل أَو أن يفرط في مسؤوليته الجهادية أمام ربه.
لم يكن من أولئك القوم الذين يحبون الجلوس على كراسي المناصب، وممن يحافظون على مناصبهم أن تبقى لهم.
الشهيد الحمزي يجب أن يكون القُدوة لجميع قيادات الدولة ومسؤوليها، يجب أن يتعلموا من سيرته وقصة حياته، تفانيه وإخلاصه وجهاده، وورعه وأخلاقه، وكلّ ما يخصه من خصال وصفات عظيمة تجسدت فيه كرجل عظيم، هذه الصفات وهذه الخصال يجب أن تتواجد في كُـلّ قائد وفي كُـلّ مسؤول في الدولة، وأولاً وأخيراً يجب أن يستشعر مسؤوليته التي هو قائم عليها.
الشهيد اللواء/ أحمد الحمزي مثل أيقونة الوفاء والإخلاص بين القادة وأمام الله وشعب اليمن، من أوائل المجاهدين المخلصين الأوفياء مع أعلام الهدى، جاهد وجاهد ونال المنصب الذي يليق به، في الدنيا، ولم يكتف به؛ لأَنَّ غايته كانت أكبر من ذلك المنصب، كان يطمح للشهادة في سبيل الله، فعانى من مرضه ذاك ولم يستسلم لذلك المرض؛ لأَنَّه لا يريد أن يموت على فراشه، جاهد في الميادين حتى أُصيب ونتيجة تلك الإصابة عانى كَثيراً حتى شاء الله أن يأخذه لجواره وترتقي روحه الطاهرة لمقام مالك الملك ويعانق السماء حراً شامخاً، ويتقبله الله في مقام الشهداء.
حقاً إنه رجل أُسطوري لم نعرف عنه إلا القليل ومع ذلك سيكون قدوتنا في كُـلّ أعمالنا، ومهمها كتبنا عنه ومهما مدحناه فلن نفيه حقه سيجف حبر القلم ولن ينتهي الحديث عن قائد الجو، فلا يسعنا أن نقول إلا أن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا حمزي لمحزونون.