العزفُ على أوتار الراتب والمعاناة الإنسانية.. بقلم/ محمود المغربي
بلا شك أن وجود الجيش واللجان الشعبيّة ووقوف والتفاف أبناء الشعب اليمني حول القيادة السياسية والجيش واللجان، بالإضافة إلى صمود الغالبية العظمى من اليمنيين في وجه العدوان والحصار والأزمات المتلاحقة طوال ثماني سنوات قد أحبط وأفشل مخطّطات وأهداف العدوان على بلادنا، وجعل الكثير من أحلام الغزاة تتبخر، وتحويل العدوان على اليمن الذي كان العدوّ يأمل أن يكون نزهةً إلى كابوس مرعب، خُصُوصاً بعد أن تحول الجيش واللجان من حالة الدفاع إلى الهجوم والمبادرة والتقدم وتحقيق الانتصارات، بل وتم نقل نار المعركة إلى أرض العدوّ وإلى عمقه الاستراتيجي وهو ما لم يكن بالحسبان ولا في خيال أكثر المتشائمين من العدوان والرافضين له؛ كون العدوّ قد عمل لسنوات على تهيئة الأجواء لهذا العدوان من خلال العمل مع أدواته في اليمن ابتداءً بعفاش وانتهاءً بهادي وحزب الإصلاح على تدمير القدرة الصاروخية لليمن وإفساد وتدمير وهيكلة الجيش اليمني والقضاء على قدراته الهجومية والدفاعية، بحيث أصبح العدوّ لديه ثقة تامة ومستحيلة بوجود أية مقاومة أَو ما قد يقف ويعرقل العدوان على اليمن، فما بالك بشيء قد يفشل العدوان ويحقّق انتصارات وينقل المعركة إلى داخل الأراضي السعوديّة والإماراتية، ويحرق منشآت وخزانات النفط ويهدّد بوقف عمل مطارات الإمارات.
إلا أن تشكيل الجيش واللجان وبزمن قياسي وظروف استثنائية ومستحيلة قد شكل صدمة للعدو وخلط الأوراق وأفشل المخطّطات والأهداف ودفع بالعدوّ الذي أدرك خطأه الكبير في العدوان على اليمن إلى اللجوء إلى الخطة البديلة وإلى بديل البديلة، بعد أن استطاعت القيادة السياسية إحراق الورقة الاقتصادية من خلال نظام مالي ومصرفي صارم حافظ على ثبات سعر الصرف وتأمين موارد مالية مكنت البنك المركزي في صنعاء من الاستمرار في صرف رواتب موظفي الدولة اليمنية لمدة عامين في ظل العدوان، وحتى تم نقل البنك المركزي إلى عدن وتجميد الأصول والموارد المالية، مع أن هادي وحكومة الإصلاح كانت قد أعلنت قبل قيام ثورة 21 سبتمبر عجز الحكومة في صنعاء عن توفير رواتب موظفي الدولة والإعلان عن جرعة جديدة.
وبعد فشل تحالف العدوان العسكري وفشل الخطة البديلة وإحراق أغلب أوراقه لم يكن أمام العدوّ إلا كسر العظام واستخدام ما لديه من نفوذ وقوة مالية واقتصادية لتدمير الاقتصاد اليمني غير عابئٍ بما في ذلك من أضرار ومآسٍ وسلبيات كارثية قد تلحق بكل أبناء اليمن، ويكون تأثيرُها أكبرَ وأخطر على النساء والأطفال والأغلبية من اليمنيين الذين هم من الفقراء وممن ازداد فقرًا بعد العدوان والحصار، ومستغلًّا نقل البنك المركزي إلى عدن والاستحواذ على الأصول الثابتة للبنك المركزي اليمني والسيطرة على منابع النفط والغاز التي هي عماد الاقتصاد والأَسَاس في الموازنة العامة وصرف رواتب موظفي الدولة اليمنية، حَيثُ كانت تصرف الرواتب من عائدات النفط وبنسبة 90 % ومن المستحيل تأمين عائدات مالية تغطي رواتب موظفي الدولة من غير عائدات النفط، والحديث عن ذلك هو ضحك على الدقون وتلاعب بعقول الناس ووتر يعزف عليه العدوّ والمرتزِقة لتحويل غضب الناس من انقطاع الراتب والمعاناة التي يتسبب بها العدوان والحصار الذي لا يزال قائمًا، ويتحَرّك على أرض الواقع نحو صنعاء والقيادة التي تقود معركة الدفاع عن الوطن ومعركة العزة والكرامة.
وإذا كان بالإمْكَان تغطية الرواتب من عائدات جمارك موانئ الحديدة كما يروج العدوّ والتي لا تشكل 30 % من عائدات ميناء عدن وشبوة وحضرموت، فكم هي عائدات ميناء عدن وشبوة وحضرموت وأين تذهب، ولماذا لا يتم صرف الرواتب منها مع أن تلك الموانئ تعمل بطاقة كاملة ومنذ ثماني سنوات، فيما موانئ الحديدة التي يطالب العدوّ بصرف الراتب من عائداتها لا تعمل إلا بنسبة 30 % ومنذ أشهر قليلة ويعمل العدوّ على عرقلة وتأخير السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة؟
ومع ذلك قامت الدولة في صنعاء بدعم صندوق المعلم وتوفير حافز شهري للمعلم بواقع 30 ألف ريال شهرياً ما يعادل 70 ألف بعملة شرعية الفنادق بما يصل إلى 5 مليارات ريال شهرياً، وأغلب موظفي الدولة التابعين لحكومة صنعاء المتواجدين في أعمالهم تصرف لهم رواتب، خُصُوصاً في القطاعات الإيرادية.
وعلينا تذكر أن تحالف العدوان وشرعية الفنادق هم من عمل وتعهد أمام المجتمع الدولي بصرف رواتب موظفي الدولة اليمنية في حال تم نقل البنك المركزي إلى عدن، حتى إن الدنبوع هادي وقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالباً ومتعهداً بصرف الرواتب لكافة موظفي الدولة في حال تم نقل البنك، مع العلم أن صنعاء كانت ملتزمة بصرف الرواتب لكافة موظفي الدولة، حتى أُولئك المرتزِقة الذين كانوا في الرياض والقاهرة وحتى آخر شهر لوجود البنك المركزي في صنعاء.