مؤامرةُ “الكحّالة” الفتنويّة التي أفشلتها حكمةُ المقاومة وقيادتها الحكيمة
المسيرة – سندس الأسعد
بلا شك، فرضت حادثةُ الاعتداء على مجموعة من مجاهدي المقاومة في منطقة الكحالة في محافظة جبل لبنان عادية، بوقائعها وأبعادها، على المِلفات الشائكة التي تعج بها الساحة اللبنانية.
ففي الوقت الذي عرضت فيه قيادةُ المقاومة الإسلاميّة -عبرَ بيان أصدرته العلاقات الإعلامية- حقيقة ما حصل، بذلت القوى السياسية المعادية، بالتوازي مع ماكيناتها الإعلاميّة الخبيثة جهدًا حثيثًا للهجوم على سلاح المقاومة، وحتى على إيران، كعادتها.
كالت هذه الوسائل الإعلاميّة -المعروفة التمويل والهدف- الشتائم والتهم على الهواء مباشرةً. ساقت الأكاذيب، وفعلت كُـلّ ما بوسعها لتضليل الرأي العام، لكنّها فشلت، كما فشلت غيرها من الأساليب الرخيصة في اضعاف المقاومة وتشويه صورتها.
نذكّر هنا القراء -الذين لا يعلمون بالجغرافيا اللبنانية- أن الجميع في لبنان، وخَاصَّة أبناء بلدات طريق البقاع – بيروت الدولي الذي عبرته شاحنة أسلحة المقاومة، يسلكه عناصر حزب الله بشكلٍ يومي ومنذ عشرات السنوات؛ فليس جديدًا أَو طارئًا اليوم أن تسلك تلك الشاحنة. بيد أن ما حصل فضح النوايا العدائية المبيَّتة التي تنسجمُ مع نوايا العدوّ لزعزعة السلم الأهلي وإشعال نار الفتنة.
من هنا يبرز السؤال: ما الذي أثار حفيظة أعداء المقاومة؛ لكي يختلقوا مشكلًا خطيرًا كاد أن يشعل فتنة دموية؟
أولًا، ما ورد في بيان العلاقات الإعلامية يؤكّـد دقّته ما نُشر من كليبات مصورة، تفضح -بالصوت والصورة- من افتعل الحادثة وتسبب بها عمدًا، بعد اكتشافهم أن الشاحنة تابعة للمقاومة، ومحملة بذخائر.
اللافت كيف تعمدت العناصر الحزبية تلك الهجوم على المقاومين المكلفين بحماية الشاحنة، وكأنّه طُلِب منهم فعل أي شيء ممكن لاستدراج المقاومة إلى الرد بالمِثل، رغم معرفة هؤلاء أن عناصر المقاومة لا يتهاونوا -ولو قيد أنملة- في التفريط بمسؤوليتهم الشرعيّة الحقّة.
ثانيًّا، يشهد لبنان اليوم، وبشكل عام الإقليم، ظروفًا حسّاسةً جِـدًّا؛ إذ تكثر التكهنات بشأن إمْكَانية نشوب مواجهة كبرى مع كيان الاحتلال المؤقت، خَاصَّة بعد ما حصل من استنفار على الحدود مع فلسطين، في تلال كفر شوبا ومزارع شبعا وبلدة الغجر المحتلّة.
بالتالي، يمكن التأكيد بأن مفتعلي الحادثة حاولوا استدراجَ حزب الله إلى فتنة داخلية واسعة تتوافق مع نوايا العدوّ الصهيوني؛ أي أن هؤلاء أرادوا استغلال الحادثة للتصويب على سلاح المقاومة بما ينسجم مع الاعتداءات المتواصلة على سوريا ضمن استراتيجية العدوّ المعروفة بـ “الحرب ما بين الحروب”، الهادفة إلى استهداف ترسانة ردع المقاومة.
أما في التوقيت الزماني، فيتوافق اعتداء الكحالة مع محاولات الإدارة الأميركية العدوانيّة الحثيثة لقطع الطريق البري بين العراق وسوريا. ومن المعروف أن هذا الطريق يشكل شريانًا لوجستيًّا لإمدَادات المقاومة. وكأن قاطعي طريق الكحالة مكلفون بتنفيذ المهمة ذاتها وهي إحكام القبضة على مصادر تحقيق الاقتدار لدى المقاومة.
ثالثًا، ليس أمرًا طارئًا على كُـلّ المتابعين أن هناك أطرافا لبنانية معادية للمقاومة تجاهر سياسيًّا وإعلاميًا وأين استطاعت أنها تحارب سلاح المقاومة، حتى لو كلفها استدراج لبنان، في ظلّ الظروف المحيطة به من شغور رئاسي وازمة اقتصاديّة خانقة وغيرها، إلى فتنة داخلية.
لذا نحمد الله أن الحادثة الفتنويّة أُخمِدت في أرضها وذلك؛ لأَنَّ المقاومة قدمت نموذجًا أخلاقيًّا ساميًّا في الخصومة السياسيّة يعجز أمراء الحرب الأهليّة وعملاء الصهاينة عن تقديمه في ظروف مشابهة، وقد خبر اللبنانيون ما فعله هؤلاء سابقًا لا سِـيَّـما خلال الحرب الأهليّة المشؤومة وإبان الاحتلال الإسرائيلي.
نعم ظُلمت المقاومة، واعتُدي عليها في الكحالة، لكنها تحلّت بأعلى مستويات المسؤولية الأخلاقية والوطنية؛ وذلك حرصًا منها على تفادي الاقتتال الداخلي الذي لن ينجوَ منه أحد.
الحقيقة الوحيدة الثابتة أن تل أبيب وواشنطن هما رأس كُـلّ فتنة في كُـلّ أوطاننا. فالكيان الصهيوني وضمان أمنه هو مصلحة أولى لواشنطن، التي تسعى سعيها لتهيئة الأرضية لعمل عسكري صهيوني -واسع النطاق والمدى- يستهدف إضعاف المقاومة وإعادة عقارب الساعة للوراء بما يضمن دوام هيمنة الكيان المؤقت اللقيط.