عوائقُ السعوديّ المراوغ وشمَّاعاتُ الفرصة الأخيرة.. بقلم/ فضل فارس
النظام السعوديّ وَبما أنه ينصاع ومن البداية للإرادَة الأمريكية والبريطانية في عدوانه الهمجي على اليمن فمن المؤكّـد أنه لن يكون هناك تقدم إيجابي في المفاوضات وإنهاء الاحتلال.
وذلك كون الإدارة الأمريكية والبريطانية لا تصبوا -وذلك من توجّـهها العدائي المبكر للأُمَّـة العربية والإسلامية- للسلام وإحلال الأمن في المنطقة، أضف إلى ذلك خشيتهم من ترك الساحة، وَعلى ما يبدو من سياساتهم في هذه المرحلة للمد الإيراني وتحَرّكات دول محور المقاومة المتصاعدة يوماً بعد يوم، وذلك حسب تفكيرهم “وهو الواقع” ما سوف ينهي ذكرهم وتنتهي كُـلّ أحلامهم وآمالهم في السيطرة على المنطقة.
لذلك فهم متمسكون وبشكل كبير بهذه الأذرع العميلة والأوراق وَالذرائع السياسية الزائفة التي هي وحسب تصورهم من سوف تبقيهم على رأس تلك الأهداف الشيطانية التي لهم في المنطقة.
وما إرسالهم لتلك القوات البحرية الأمريكية قبل أَيَّـام إلى البحر الأحمر بذريعة حماية الممرات المائية والملاحة الدولية إلَّا خير الشواهد لهذا المصداق.
وأما النظام السعوديّ وشريكه الإماراتي كما أنهما متكئَين من البداية على تلك الدول، لا يمكنه وبأي حال من الأحوال التخلي عن الإرادَة الأمريكية والبريطانية؛ لذلك فهو يسعى ومن واقع سياسته على مدى قرابة العامين من بدء التهدئة مع صنعاء إلى المراوغة والتحايل واختلاق المبرّرات وذلك لتجنب الخروج فقط عن توجيهات الأمريكي والبريطاني.
السعوديّ أَسَاساً وعبر توليه الأعمى للأمريكي والبريطاني وسفه سياسته المراوغة تجاه قضايا أمته لا يملك وليس لديه القدرة أَسَاساً في التصرف في بعض الأوراق التي من شأنها أن تنهي العدوان على اليمن.
ومن ذلك وكمثال مسألة المرتبات فَــإنَّ الأمريكيين ومعهم البريطانيون هم من يتحكمون بكثير من الأوراق ومنها مسألة المرتبات، وما يؤكّـد ذلك تصريح المبعوث الأمريكي إلى اليمن “تيموثي ليندر كينغ” الذي قال فيه إن مسألة المرتبات معقدة، وهذه هي إشارة بأن حلها أَسَاساً بيد الأمريكي وحده ووفق رؤيته، وأن النظام السعوديّ لا يملك القدرة على مخالفة توجيهات الأمريكي.
النظام السعوديّ وفي فترةٍ ما ضغطت صنعاء بعض الشيء عليه وعلى الوساطة العمانية، مع أَيْـضاً ما كان من تبدل العديد من الظروف الإقليمية والدولية وَناتج ذلك -وَلتبين الواقع بشكل أوضح- ما كان من لقاءات سعوديّة يمنية مباشرة بشأن تسوية بعض الأوراق، منها ما ظهر إلى العلن كما حصل في زيارة السفير السعوديّ محمد آل جابر إلى صنعاء في شهر رمضان، وخلال تلك اللقاءات عبر السعوديّ عن بعض البوادر في إطار المضي نحو السلام الكلامي.
وذلك عبر وعود زائفة في ما يخص بعض البنود والتي منها صرف المرتبات وإيجاد الحلول المناسبة لها، وَلكنها وفي وقت قصير سرعان ما تبخرت تلك الوعود بعد زيارات أمريكية في غير أوانها للعاصمة الرياض.
وفي هذه المرحلة قامت القيادة الثورية والسياسية لحكومة صنعاء بإعطاء الفرص -وذلك حرصاً منها على حقن الدم المسلم وَلتوحيد الأُمَّــة الإسلامية- وَإبقاء المجال مفتوحًا؛ فعسى أن يراجع السعوديّ حساباته ويعود إلى جادة الصواب في نهجه العدائي تجاه الشعب اليمني.
ولكن وعلى ما يبدو أن النظام السعوديّ قد فهم التهدئة وإعطاء الفرص له من قبل القيادة في صنعاء كُـلّ هذه الفترة على أنها بوادر ضعف وتململ من عودة التصعيد.
وذلك ما أعطى الجواب عليه وبوضوح قائد الثورة في خطابه الأخير من أنه إذَا لم يحصل تطورات إيجابية ومعالجة للإجراءات الظالمة ولم يقلع السعوديّ عن استمراره في نهجه العدائي فَــإنَّ موقفنا سيكون حازماً وَصارماً.
كذا وجه التحذير الجاد لهم في أنه لا يمكن أن نسكت ولن نسكت عما هو حاصل من حرمان شعبنا العزيز من ثرواته وكلّ مقدراته وقد أفسحنا المجال للوساطة بما فيه الكفاية.
وبناءً على ما تقدم -ومن واقع سياسة العدوان المراوغة كُـلّ هذه الفترة من بدء التهدئة وحالة اللا سلم واللا حرب- فَــإنَّ موقف القيادة الأخير هو بمثابة إنذار وفرصة أخيرة لقوى العدوان، فإما تحقيق مطالب صنعاء العادلة والمحقة أَو الذهاب نحو التصعيد، وذلك أمره بيد القيادة.
في حال وعلى ما يبدو من واقع المرحلة والصراع المحتدم أن مجريات الأمور -وذلك إذَا لم يفلح الوفد العماني الذي حَـلّ ضيفاً على صنعاء في تقارب الأمور وإحياء العملية التفاوضية من جديد- ترجح قرب التصعيد أكثر من أي وقتٍ سابق.
لذلك على السعوديّ مراجعة حساباته وأن يدرك أنه إن انجر بحماقته السخيفة وتوليه الأعمى للأمريكي والبريطاني ورغبتهم في عودة التصعيد حينها، وذلك ما عليه أن يخشى عواقبه، سيكون الضحية وعلى الباغي تدور الدوائر.
وليست إشارة قائد الثورة إلى “نيوم” والأمن والاستثمارات في السعوديّة، إلا تأكيد أن البداية ستكون من السعوديّة، وقد أعذر حينها من قد أنذر.