خبراءُ سياسيون وعسكريون واقتصاديون لـ “المسيرة”: السيدُ القائد رَجُـلُ قول وفعل وعودةُ التصعيد ستكون كارثيةً على العدوان
المسيرة- خاص:
بلهجةٍ شديدةٍ، حذَّرَ السيدُ القائدُ، في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد -عليه السلام- قوى تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي من استمرار عدوانهم وحصارهم للشعب اليمني ونهب ثرواته؛ وهي تحذيراتٌ فهمها العدوُّ جيِّدًا وسارع لإرسال الوفد العماني، محاولاً تفاديَ ما سيحدث.
لقد كان السيد القائد واضحًا؛ فالشعبُ اليمني قد سئم من المماطلة، وَإذَا لم تحدث تطورات إيجابية فَــإنَّ موقف صنعاء سيكون حازماً وصارماً.
ويؤكّـد عددٌ من العسكريين والسياسيين أن “تحذيرات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، هذه المرة تختلف عن سابقاتها من حَيثُ القوة والمرحلة التي جاءت خلال فترة العدوان الأمريكي السعوديّ وما تخلله من مفاوضات وفرص كثيرة منحتها صنعاء للعدو لإحلال السلام في المنطقة، إلا أن هذه الوضع لن يستمر وغير مقبول، وخَاصَّة في ضوء التحَرّكات الأمريكية المكثّـفة على السواحل والجزر اليمنية واحتلال الأجنبي للأراضي اليمنية”، حَــدَّ وصفهم.
ويوضح الخبير العسكري العقيد مجيب شمسان، أنه “لا شك أن تحذير السيد القائد في خطابه الأخير في ذكرى استشهاد الإمام زيد إلى حَــدٍّ ما يختلف عن كُـلّ التحذيرات السابقة التي أطلقها في خطاباته الماضية، على اعتبار أن هذا التحذير قد جاء بعد مرحلة استنفدت فيها صنعاء كُـلّ الشروط والمبرّرات وأقامت الحجّـة على قوى تحالف العدوان”.
ويضيفُ في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أنه “على اعتبار أن فترة الهدنة وما تلاها من مماطلة من قبل العدوان وأدواته لم تبدِ أية مؤشرات إيجابية فيما يتعلق بوقف الحرب والعدوان على الشعب اليمني وفك الحصار ومعالجة أضرار هذه الحرب ومعالجة الملفات الإنسانية التي تم الاتّفاق عليها خلال كُـلّ المراحل السابقة ونقض السعوديّة والإمارات لكل الاتّفاقات”.
ويوضح أنه “في ضوء هذه المعطيات والتحَرّكات الأمريكية المكثّـفة سواءً فيما يتعلق بالسواحل والجزر اليمنية وفيما يتعلق بمناطق الثروة والطاقة، هنا كان تحذير السيد القائد تحذيراً مختلفاً، وما جاء في خطابه هو تحذير فعلي”.
ويؤكّـد أن “إطلاق السيد القائد هذا التحذير الجاد بأنه قد وصل إلى نقطة الصفر وقد تكون معادلة صنعاء حاضرة في كسر حالة الجمود وإعادة الأمور إلى نصابها، بما أن تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ لم يستوعب ولم يستغل كُـلّ الفرص التي أتاحتها صنعاء لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ لبناء جسور السلام ووقف العدوان وفك الحصار”.
ويزيد بالقول: “القيادة وضحت رسالتها بأنها لا يمكن أن تقبل باستمرار حالة العدوان والمماطلة وحالة الاستهتار بما وصلت إليه الأمور انطلاقاً من حرص صنعاء وإدراك العدوان لحرص صنعاء على حلحلة المِلفات الإنسانية ولذلك يماطل في محاولة لاستغلال الوقت لإعادة ترتيب صفوفه”.
ويؤكّـد أنه “من هذا المنطلق كانت تحذيرات السيد القائد واضحة، وقد يكون لها ما بعدها؛ لاختلافها هذه المرة فقد جاءت بعد الكثير من الفرص التي أتاحتها صنعاء لتحالف قوى العدوان”، مُشيراً إلى أن “القوات المسلحة اليمنية حاضرة كما عهدناها في كُـلّ التحذيرات السابقة التي أطلقها السيد القائد وبعد هذه المدة من المفاوضات وتمديد للهدنة ووُصُـولاً إلى ما وصلنا إليه من مراحل قبل التصعيد والتي لم تكن إلا مرحلة حاول فيها العدوّ أن يرتب أوراقه؛ فلم تتوقف خروقاته وعدوانه وحصاره على الشعب اليمني”.
ويكمل قائلاً: “هذا الوضع بالنسبة لصنعاء والقيادة غير مقبول، وقد أقامت صنعاء الحجّـة أكثر من مرة وأتاحت كُـلّ الفرص، ومع ذلك لم تلقَ أية جدية من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ”، مُضيفاً “ومن هنا كان تحذير السيد القائد الذي كان في لهجته حاسماً وحازماً في خطابه الأخير، مختلفاً عن كُـلّ التحذيرات السابقة بأنه تحذير جاد”، مؤكّـداً أن “هذا التحذير الجاد له ما بعده على مستوى التنفيذ العملي لخيارات صنعاء الاستراتيجية”.
تحذير أخير:
من جانبه يقول المدير التنفيذي لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، عبدالعزيز أبو طالب: “إن تحذير السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي لدول العدوان في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي -عليه السلام- يأتي متماشياً مع المفاهيم الثورية لثورة الإمام زيد على طغاة عصره ورفضاً لظلمهم واستكبارهم وسحقهم للعباد واستئثارهم بمال الله وانتهاكهم لحرماته”.
ويشير في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” إلى أن “توقيتها ضمن فترة خفض التصعيد والفرصة المقدمة للوساطة لإحلال السلام في خطوة إبداء حُسن النية والرغبة في السلام الحقيقي المشرف الذي يضمن للشعب اليمني حقوقه ويرفع عنه العدوان والحصار وإعادة الإعمار وجبر الضرر”، مؤكّـداً أن “هذا هو السلام الذي ينشده الشعب اليمني وليس الأمر الواقع الذي يريد العدوان تثبيته وفرضه”.
ويؤكّـد أن “استمرار الحصار ونهب الثروات بينما يعاني الشعب من الخنق الاقتصادي وانقطاع المرتبات وبقاء قوات الاحتلال في أراضي وجزر ومياه اليمن لن يستمر”.
ويزيد بالقول: “وباعتقادنا أن هذا تحذيرٌ شديد اللهجة وجاد ودعوة أخيرة من السيد القائد، الذي يعرفون جيِّدًا معنى تحذيراته التي يعنيها وصدقه في الوفاء لشعبه وأمته”.
نيوم في قائمةِ الأهداف:
وعلى صعيدٍ متصل، يؤكّـد دكتور السياسة فتحي السقاف، أن “قائد الثورة -يحفظه الله- يعرف نوعية الرسائل التي ينبغي إرسالها لقوى العدوان كما أنه يعرف الأماكن الموجعة للعدوان السعوديّ كقصف منطقة نيوم والتي تعتبر مكمن الوجع الحقيقي لمحمد بن سلمان”.
ويوضح السقاف أن “محمد بن سلمان أعلن نيوم أكبرَ منطقة اقتصاد في العالم وتقع في تبوك أي في متناول صواريخ اليمن وبنادق اليمنيين وبدلاً عن الاكتتاب الاقتصادي سيكون من خلالها بالدمار الشامل إن شاء الله تعالى؛ نتيجة العدوان والحصار والتجويع”.
ويشدّد بالقول: “نعم السيد رجل قول وفعل أول ضربة لمدينة نيوم ستكون مدمّـرةً، وتوعد السيد بأنها ستكون أشبه بساحة حرب محروقة وبنك أهداف عسكرية بدلاً عن مدن اللعب والترفيه والاستثمار وبدلاً عن إعلان المعتوه أن السعوديّ تهدف بها إلى تنويع الاقتصاد وتكون السعوديّة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم نعم السيد لها بالمرصاد”، مردفاً القول: “ستتلقى أقوى ضربة تدميرية ومن كذب جرب وتذهب تريليونات الدولارات إلى الجحيم، لقد نفد صبر اليمنيين”.
وَأَضَـافَ السقاف، أن “تكلفة العدوان والحصار ستدفعه المملكة في المرحلة الحالية كضربة أولى غالٍ وفي باقي المراحل مكلف جِـدًّا، وأن الاستثمارات العامة والثروات وصندوق الثروة السيادية للمملكة سيدفع الثمن عاجلاً وليس آجلاً”.
وفيما يقول الناشط السياسي سامي عطاء: “باتت سلطة صنعاء أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تفي دول تحالف العدوان بحلحلة الملف الإنساني في اليمن؛ لأَنَّ بقاء الوضع معلقاً دون حَـلّ ليس في مصلحة سلطة صنعاء، ويبدو أن المماطلة تهدف إلى تثوير الناس عليها وما لم يستطيعوا تحقيقه بالوسيلة الخشنة “العدوان” يظنون بأنهم سيحقّقونه بالوسيلة الناعمة، المماطلة والمخاتلة والتسويف”.
ويضيف بالقول: “ولذا فَــإنَّ سلطة صنعاء أمام ضغط الداخل مطالبة بأن تنتزع حقوق الناس بأية وسيلة يفهمها العدوان، ومنها استهداف مصالحه الحيوية ولو بإرسال رسائلَ محدودة حتى يفهم العدوّ أن سلطة صنعاء لن تفرط بحقوق الناس، وتوظف ضغط ومطالبات الناس الداخلية في تبرير أي إجراء تتخذه؛ باعتبارها سلطة لا تمثل نفسها وإنما تمثل مطالب شعبها ومصالحه”.
وفي السياق ذاته يؤكّـد عميد كلية التجارة والاقتصاد، مشعل الريفي، أن “استمرار الحصار على الشعب اليمني هو استمرار للعدوان والحرب عليه، وحينها لا معنى ولا مشروعية لأية هُدنة وسلام”.
ويبّين أن “الحصار يفاقم من الأوضاع المعيشية المتدهورة للمواطنين وَيزيد الوضع الاقتصادي تأزماً وَيودي بملايين من عامة الشعب إلى دائرة الفقر والحرمان رغم استعدادهم للعمل وَالإنتاج”.
ويعتبر الريفي الحصار تجويعًا لكافة اليمنيين وإفقارهم والحكم عليهم بالمعاناة والبؤس والمرض وتهديدًا لحياة الناس وأمنهم الغذائي والصحي، كما أنه يحرم فئات كبيرة من حقهم في التعليم والتأهيل، ويبدد الفرص المستقبلية للأجيال القادمة ويضيق الخناق على الجميع.
ويقول الدكتور مشعل: “إزاء ذلك كله فلا خيار أمام الشعب اليمني سوى الدفاع المشروع عن النفس، وصَدِّ هذا العدوان الجائر وغير الإنساني بكل ما لديه من أدوات القوة والردع وسيقف اليمنيون يداً بيد وكتفاً بكتفٍ وزنداً بزند وأيديهم على الزناد جميعاً؛ لانتزاع حقهم في العيش الكريم من أيدي الغزاة والمتكبرين أينما كانوا”.
ويضيف بالقول: “ستصل أيادي المظلومين بقوة الله ومشيئته وتأييده إلى أبعد مما يتصورون وإلى حيثما يؤلمهم أشد إيلاماً وما أكثرها قائمة الأهداف التي هي في متناول قواتنا المسلحة وطيرانها المسيَّر وصواريخها المقاومة للعدوان”.
وعلى الصعيد ذاته يقول المحلل الاقتصادي رشيد الحداد: “إن رسالة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في خطاب ذكرى استشهاد الإمام زيد “عليه السلام” كانت واضحة، ويمكن للجانب السعوديّ تفسيرها بالشكل الذي يريد، ولكن تبقى الاستثمارات السعوديّة والإماراتية في مختلف القطاعات بما فيها الخدمية مهدّدة بأي استهداف قادم ومرتبطة بمدى التجاوب السعوديّ مع تحذيرات صنعاء ووفائها بما تم الاتّفاق عليه عبر الوساطة العمانية”.
ويضيف الحداد في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أنه “وَلأول مرة يتحدث قائد الثورة عن مشروع “نيوم” الذي يكلف السعوديّة 500 مليون دولار، وهو أحد أكبر المشاريع العملاقة بعد شركة أرامكو، الذي يصل رأس مالها 2 ترليون دولار، وهذا يعطي رسالة واضحة مفادها أن أمن اليمن من أمن السعوديّة، ولا يمكن للسعوديّة في يوم من الأيّام أن تبني وطنها وأن تهيئ بيئةَ الاستثمار في القطاعات النفطية أَو غيرها في ظل استمرار حصار اليمن”.
ويتابع “من الواضح في خطاب قائد الثورة أن السعوديّة لا تزال مُستمرّة في العدوان على الشعب اليمن وحصاره، وهنا قال السيد القائد: “لا نتصور أن الشعب اليمني سوف يسكت عن هذا الموضوع، وكان حديثه عن الجانب الاستثماري بشكل واضح، كما كان هناك تهديدات سابقة عبر المتحدث الرسمي باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع، للشركات الأجنبية بأن عليها نقل استثماراتها من الإمارات والسعوديّة كونهما دولتَينِ غيرَ آمنتَين للاستثمار ومعرَّضتَين للاستهداف الجوي من قبل الجيش اليمني، في أي وقت، وأن عليهم الابتعاد عن الأماكن الحساسة، وأخيراً السيد القائد يجدد التأكيد والتهديد في السياق ذاته، لكل المستثمرين الأجانب والعرب وأصحاب رؤوس الأموال، وهذا تأكيد حتمي بأن مستقبل السعوديّة والإمارات غير آمن عدا في حالة واحدة، حال ما تم إحلال السلام في اليمن وإعادة الإعمار ورفع الحصار عن اليمن ومطاراته، ورفع الوصاية السياسية بشكل كلي وعلى كامل الأراضي اليمنية”.
ويؤكّـد الحداد على ثبات المعادلة الاقتصادية التي نصها أن “أمن السعوديّة والإمارات من أمن اليمن، وكذا العكس”، على الصعيد الاقتصادي والأمني قبل أن تكون معادلة عسكرية بالدرجة الأولى، لافتاً إلى أن تهرب السعوديّة من تنفيذ استحقاقات السلام والاستمرار في حصار الشعب اليمني والعدوان عليه، وخنقه اقتصاديًّا ونهب مقدراته وتوريدها إلى البنك الأهلي السعوديّ، هي محاولة للاستفادة من الهدنة، وجلب رؤوس الأموال والمستثمرين فيها، وتنفيذ مشاريع استراتيجية، بينما اليمن لا يزال في ظل عدوان وحصار وبنية تحتية تم تدميرها، بشكل كبير جِـدًّا”، مُشيراً إلى أن “الفاتورة الأولية لتكلفة العدوان وأضراره المباشرة وغير المباشرة على الشعب اليمني تجاوزت أكثر من 210 مليارات دولار؛ بسَببِ هذا العدوان الذي وقف البرنامج الاستثماري ونشاط مئات المدارس والمستشفيات والطرقات والمشاريع الخدمية في مختلف المجالات، وأصبح الشعب اليمني يدفع ثمن هذا العدوان والحصار والتعنت المُستمرّ”.
ويلفت الحداد إلى أنه “إذَا أرادت السعوديّة أن تكون بيئةً حاضنة للاستثمارات الدولية فعليها أولاً: رفع حصارها وتوقف عدوانها على اليمن، ودفع فاتورة التعويضات الكاملة على مستوى المؤسّسات والجماعات وُصُـولاً إلى مستوى المواطنين المتضررين، كما يجب عليها التعامل مع الجمهورية اليمنية كدولة مستقلة ذات سيادة وألا تتدخل في شؤونها الداخلية، موضحًا أن هذه الرسالة تشمل كُـلّ الأطراف في العدوان على اليمن”.
وذكر الحداد أن “تحذير وتهديد قائد الثورة لن يأتي من فراغ بل هو مبني على قدرات وإمْكَانيات تؤسس لردة فعل كبيرة جِـدًّا، ولا يمكن للعدو استيعابها، وهي تحمل في طياتها رد الاعتبار لكافة أبناء الشعب اليمني”.
وعن ارتهان دول العدوان لرأي الشر والطغيان أمريكا يقول الحداد: “التهرب المفضوح للطرف السعوديّ من الوفاء بالتزاماتهِ تجاه صنعاء مستمرٌّ، خَاصَّة في مِلَفَّي المرتبات والأسرى”.
وعن تقييم الاستجابة السعوديّة لتحذيرات صنعاء وتهديداتها يقول الحداد: “أمريكا لا تريد خيرًا للمنطقة وللعرب بشكل عامٍّ؛ وهي تعملُ باتّجاه واحد فقط يوصلها لتحقيق المخطّط الصهيوني وتربية وتقوية ربيبتها “إسرائيل”، ولا يوجد لدى الأمريكي أي اهتمام بأمن واستقرار السعوديّة والإمارات، وليست قادرة لتقديم أية ضمانات في هذا الصدد”.
وينصح الخبير الاقتصادي رشيد الحداد الطرف السعوديّ بالابتعاد عن الإملاءات الأمريكية، والتعاطي مع تحذيرات وتهديدات قائد الثورة والقيادة السياسية والعسكرية في صنعاء بشكل إيجابي، وأن تعجلَ بتنفيذ الالتزامات المتفَقِ عليها حتى لا تكون حسرة عليها.