عضوُ المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد في حوارٍ خاص لـ “المسيرة”: اليمنُ اليومَ يرسُمُ معادلةً جديدةً لتوازن الردع والرعب ويحدِّدُ مساراتِ المرحلة المقبلة سِلمًا أو حربًا
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي:
أكّـد عضوُ المكتب السياسي لأنصار الله، عضو مجلس الشورى، حزام الأسد، أنَّ “اليمنَ اليومَ يرسُمُ معادلةً جديدةً لتوازن الردع والرعب، ويحدّد مساراتِ المرحلة المقبلة سِلمًا أَو حربًا، وأن التصعيد في البحر الأحمر ستكون له انعكاساتٌ عسكرية واقتصادية كبيرة على أمريكا”.
وقال في حوارٍ خاص مع صحيفة “المسيرة”: “إنَّ السعوديَّ هو الخاسرُ الأكبرُ عند أي تصعيد قادم أَو وصول المفاوضات إلى طريق مسدود”، مؤكّـداً أن “الشعب اليمني تجاوز الكثير من المنعطفات الخطيرة بعون الله وتوفيقه، وبقيادة حكيمة من السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي”.
وأوضح أن “أدوات الاحتلال في المناطق المحتلّة تعمل وفق الأجندة الأمريكية والبريطانية ومصير الخونة والعملاء هو التلاشي والضياع”، ناصحاً الإخوة في المناطق المحتلّة بسرعة التحَرّك الثوري الواعي المنظم لطرد الاحتلال وانتزاع سيادة البلد.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أُستاذ حزام.. هناك تحَرُّكٌ أمريكي ملحوظٌ في المياه الإقليمية يُنذِرُ بتصعيد خطير.. ألا ترى بأن هذا التصعيدَ يتجاوزُ اليمنَ إلى مواجهة مع القوى العالمية كالصين والروس، حيثُ إن تواجُدَ الأمريكيين لا ينحصرُ في المياه الإقليمية لليمن فحسب؟
التواجُدُ الأمريكيُّ في البحر الأحمر له أهدافُه الاستراتيجيةٌ، سواءً المتعلقة باليمن من خلال السيطرة على الجزر والمرافئ والسواحل والممرات المائية في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، أَو المتعلقة بالمنطقة من خلال بسط نفوذه وتحكمه بالدول العربية، ودعمه لتغول العدوّ الإسرائيلي.
أما على المستوى الدولي، فكما يمثّل باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر القصبةَ الهوائيةَ للعالم فَــإنَّ واشنطن تسعى لتوسعة حربها مع روسيا والصين والضغط عليهما من خلال بسط سيطرتها على الممراتِ المائية في المنطقة؛ وهذا ما يعكسُ الإرهابَ الأمريكي، وعدمَ المبالاة بالنتائج الكارثية التي قد لا تحسب لها حسابًا، لا سِـيَّـما وهي تمارسُ معظمَ حروبها في هذا العصر بالوكالةِ سواءً عن طريق أدواتها في المنطقة، أَو حلفائها الغربيين.
واشنطن تحاولُ نكش عُشَّ الدبابير في البحر الأحمر، من خلال إرسالها المزيد من الجنود والسفن والبوارج الحربية، لكن على نفسها ستجني براقش.
– في السنوات الأخيرة كان حضورُ الأمريكيين والبريطانيين لافتاً في حضرموت والمهرة وشبوة وهكذا.. ألا يُقْرَأُ هذا كنوع من التحضير الغربي لمشروع احتلال يستهدفُ اليمنَ الواحد؟
التواجُد العسكري البريطاني والأمريكي في حضرموت والمهرة وشبوة يأتي في سياق الاحتلال المباشر للسيطرة على منابع النفط ولتوفير الغطاء الأمني والعسكري لتمدد التنظيمات التكفيرية الإرهابية كالقاعدة وداعش، التي دائماً ما تتواجد وتتمدد بتواجد القوات الأمريكية والبريطانية؛ لتعطيَ المبرِّرَ لبقاءِ تلك القوات المحتلّة؛ لبسط سيطرتها واحتلالها وممارسة جرائمها بحق المدنيين، وتعكس صورةً للعالم أن اليمن يعد بؤرةً لما يسمى بالإرهاب، بحسب توصيفها.
– في سِياقِ قراءةِ الموقف ضمن محور المقاومة.. ألا يعني تهديدُ صنعاء لواشنطن باستهدافها في المياه الإقليمية أنه ينطلقُ ضمن محور كبير لا يقبل بانتهاك سيادته وأنه قادرٌ على إيقاف مشاريع المحتلّ في المنطقة والإقليم؟
في حال اقتربت واشنطن من المياهِ اليمنية الإقليمية فهو يأتي في سياق الحق المشروع للجمهورية اليمنية في الدفاع عن سيادتها واستقلالها ومواجهة أي عدوان تتعرض له، ويأتي ذلك مع تعاظُمِ قدرات الردع العسكرية لليمن، لا سِـيَّـما في مجال القوة البحرية والصاروخية والطيران المسيَّر، كما أن التحالفَ الأمريكي الغربي الإسرائيلي في البحر الأحمر قد يواجَهُ بتحالفٍ موازٍ ومتفوق، من حَيثُ الشعبيّة والأرضية التي ينطلق منها والقضية التي يتحَرّك ويواجه؛ مِن أجلِها؛ فموقف الأمريكي الذي غادر بلادَه وقطع آلاف الأميال ليصلَ إلى البحر الأحمر لاحتلاله والسيطرة على حركة الملاحة فيه يختلف عن موقف صاحب الأرض المستهدف والمعتدى عليه.
والانعكاساتُ العسكرية والاقتصادية على أمريكا والمجتمع الغربي ستكون أكبرَ عند أي تصعيد عسكري أمريكي يستهدف شعبنا في البحر الأحمر؛ فلم يعد لدينا ما نخسره إلا كرامتنا بعد أن استهدفوا المنشآت العامة والخَاصَّة طيلة تسعة أعوام، وقصفوا البشر والحجر والشجر، وقتلوا، ونهبوا الثروات السيادية، وقطعوا المرتبات، واحتلوا أجزاء من البلاد، وما يزال عدوانهم وحصارهم مُستمرًّا إلى يومنا هذا، وشعبُنا متوكِّلٌ على الله، ويحملُ قضيةً عادلةً، وسينتصر بإذن الله.
– كعادة السعوديّ، فالمماطلة والالتفاف سمةٌ غالبةٌ في مفاوضاتِهِ مع صنعاء.. برأيكم إلى أين ستصل هذه المماطلة؟
السعوديّ للأسف فاقدُ القرار، وليست له أهلية أَو صلاحية لاتِّخاذ قرار السلم والإيفاء بما تم التفاهم عليه برعاية الوسيط العماني؛ لأَنَّه يمثل أدَاةً مطيِّعةً بيد الأمريكي، وفي الوقت نفسه فَــإنَّه المتضرر والخاسر الأكبر عند أي تصعيد قادم أَو في حال وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، فالمطالب اليمنية محقة ومشروعة؛ فمن حق الموظف اليمني مثلاً أن يحصل على راتبه من تاريخ توقفه ومن عائدات ثروات بلده التي نهبها المحتلّ السعوديّ طيلة ثماني سنوات، وأودع بعضها في البنك الأهلي السعوديّ.
– في الجنوب المحتلِّ تستخدمُ أمريكا والسعوديّة التنظيماتِ الإجرامية مثل ما يسمى “القاعدة” لضرب الخصوم، أَو لترويض الأتباع كما يحصل اليوم مع انتقالي الإمارات والمواجهات التي تتم بينه وبين “القاعدة” التي تمثل السعوديّة.. إلى أين تسير هذه القوى التابعة وهي تدرك أن الرياضَ ذات علاقات متجذرة مع “القاعدة”، حَيثُ يبدو عظمها طريًّا للمواجهة هناك مع واشنطن ووكيلتها الرياض؟
لم يعد بخافٍ على الجميع الدور الأمريكي والسعوديّ والإماراتي في تكون وتمدد ما يسمى بتنظيم “القاعدة” والعلاقة التخادمية بينهم، وقد لوحظ ذلك سابقًا في معسكرات كتاف وفي عمران وفي العاصمة وكذلك في قيفة برداع وفي مأرب وغيرها وأثبت ذلك في تقارير أمنية وإعلامية وعسكرية، ولعل التنسيقَ الذي حصل والصفقة التي أبرمت في مارس 2015م بين السعوديّة و”القاعدة” عند الإفراج عن القنصل السعوديّ الخالدي، وكذلك عند استلام “القاعدة” لمدينة المكلا والمنطقة العسكرية الثانية فيها، ثم تسليم المدينة ومحيطها من قبل نفس التنظيم للإمارات دون إطلاق طلقة واحدة، كُـلّ تلك الأدلة الواضحة على عمق العلاقة والتنسيق، بل والترابط والتخادم فيما بين دول العدوان وأدواتها من التنظيمات الوهَّـابية التكفيرية، التي دائماً ما يتحجج الأمريكي عند تدخله واحتلاله للبلدان بمحاربة “القاعدة”.
– بالنظر إلى خارطةِ الصراعات في المناطق المحتلّة.. ما مستقبلُ القوى الجنوبية الخاضعة والتابعة للاحتلال؟
القوى الجنوبيةُ التابعةُ للعدوان منقسمةٌ بين الإمارات والسعوديّة وجزءٌ بسيطٌ مرتبط بقطر، وكلُّ طرف يسعى لإرضاء وتمكين من يتبعه من القوى الإقليمية والتي هي في الأَسَاس تعمل وفق الأجندة الأمريكية البريطانية، وبالتأكيد فَــإنَّ مصير الخونة والعملاء هو التلاشي والضياع، لا سِـيَّـما وقد برزت وتجلت الكثير من الحقائق، وهنا لا نغفل دورَ الأحرار في المناطق الجنوبية ممن يتبنون توجّـه الاستقلال ورفض التبعية والوصاية وهم الأغلب والمستقبل هو لهم، إلى جانب كُـلّ أحرار وشرفاء البلد.
– مع إخفاقِ وكلاء الاحتلال -أقصد السعوديّة والإمارات- تبقى الخلافات فيما بينهما نقطةً فاصلة، لكن واشنطن سرعان ما تتدخل للتهدئة بينهما؟
الرياضُ فشلت في إدارة الأدوات التابعة لها تماماً كما فشلت عسكريًّا وإعلامياً، بل واقتصادياً في معركتها مع الشعب اليمني، ومع أنها تعلم أن الإمارات لها أجندات ومطامع في حربها على اليمن لا تتقاطع مع مشاريع وأطماع النظام السعوديّ؛ ولهذا فَــإنَّ هذا الخلاف دائماً ما يضبط الأمريكي والبريطاني إيقاعه حتى لا يخرج عن سيطرتهم، لا سِـيَّـما وواشنطن تعتبر نفسها صاحبة المشروع الأكبر في العدوان على اليمن، وعلى امتداد تسع سنوات من المؤامرات والعدوان والحصار والتكالب الدولي والإقليمي على اليمن فَــإنَّ الشعب اليمني استطاع بعون الله وتوفيقه وبقيادةٍ حكيمة من السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وبصبر وصمود وتضحيات أبناء الشعب اليمني أن يتجاوز الكثير من المنعطفات الخطيرة؛ وهَـا هو اليمن يرسم معادلة جديدة لتوازن الردع والرعب ويحدّد مسارات المرحلة المقبلة سِلمًا أَو حربًا بقوة واقتدار وبخطط استراتيجية تبني الداخل اليمني وتواجه العدوان بقدرات وإمْكَانيات متطورة؛ وهو ما يجعل العدوّ اليوم يقفُ حائراً بين الاستمرار في العدوان والحصار وما سينتج عن ذلك من ضربات منكِّلة وموجِعة به، وبين أن يتجاوز الضغط الأمريكي ويجنح للسلم ويرفع يده وينسحب من اليمن ويوقف عدوانه وحصاره ويعالج أضرار ما تسبب به على الشعب اليمني، والخيار الأخير هو الأجدى له والأنفع.
– بالنظر إلى واقعِ الاحتلال، الوكلاء، الأتباع، حجم الفساد والصراع، يبدو أنَّ المخطَّطَ يذهبُ إلى فوضى ستكون نهايتها الفشل الذريع للمحتلّ فالعالم اليوم مفتوح، والشارع لم يعد قادراً على تحمُّلِ المزيد من الإذلال.
كم حذّرنا قبلُ من مغبة إقدام دول تحالف العدوان والمرتزِقة على طباعة العُملة المزيَّفة في المناطق المحتلّة ومع ذلك أصروا وطبعوا الأطنان من تلك الأوراق؛ مِن أجلِ التغطية على فسادهم وعلى نهبهم لعائدات الثروات النفطية السيادية، التي صدّروها للخارج خلال أعوام عديدة وباعوا منها لصالح أرصدتهم بمليارات الدولارات، والآن يتجرع المواطن الغلبان في تلك المناطق الألم والجوع والحرمان نتيجة الاحتلال وفساد المرتزِقة، الذي تسبب بانهيار كبير في سعر الصرف.
اليوم المحتَّمُ على إخواننا المواطنين في المناطق المحتلّة أن يخرجوا، أن يثوروا، أن يتحَرّكوا لطرد الغزاة المحتلّين وأذنابهم المرتزِقة، لو لم يكن إلّا؛ مِن أجلِ أنفسهم وأطفالهم وكرامتهم.
اليوم أكثر من ثلاثة أضعاف هو سعرُ الصرف للريال اليمني في المناطق الحرة “مناطق حكم المجلس السياسي الأعلى” مقابل الريال المزيَّف في المناطق المحتلّة، والسبب هو السفير الأمريكي الذي هدّد الوفد الوطني المفاوض في 2016م بأنه سيستهدف الاقتصاد الوطني إن لم يستجيبوا لإملاءاته الاستسلامية حتى تصل قيمة الريال اليمني لا تساوي ثمنَ الحبر الذي طبع عليه كما قال، لقد كان السبب هو من نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء، وصادر ثروات الشعب السيادية ونهب عائداتها النفطية المقدرة بعشرات المليارات من الدولارات طيلة تسع سنوات إلى أرصدة خَاصَّة.
والسبب كما أشرت هو من طبع عشرات الأطنان من الأوراق النقدية المزيفة استخفافاً بالمواطن في المناطق المحتلّة وبمرتزِقته لتغطية فساده ونهبه لعائدات النفط المباعة بالدولار وتسديد التزاماته الداخلية بأوراق مزيفة.
السبب هو من يعتدي على البلد ويحاصرُه براً وبحراً وجواً.
ونصيحتي للإخوة في المناطق المحتلّة بسرعةِ التحَرُّكِ الثوري الواعي، سواءً المنظَّم أَو الفردي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة للتخلص من الاحتلال وأدواته واستعادة كرامة المواطن اليمني وانتزاع سيادة واستقلال البلد.