أهميّةُ الجمعيات التعاونية ودورها التنموي.. بقلم/ هلال محمد الجشاري
تشكل الزراعة قطاعاً اقتصاديًّا واجتماعياً في اليمن وتعتبر المصدرَ الرئيسَ للأمن الغذائي والنشاط الاقتصادي لأغلب السكان، وموطن استقرارهم، ممثلاً بالمزارعين وعوائلهم فهم الأَسَاس في تطوير هذا القطاع، الذي أصبح ضرورة حياتية واقتصادية واجتماعية، ويعد هذا القطاع بشقيه النباتي والحيواني المحرك الرئيس لمعظم القطاعات الاقتصادية، ويمتاز بديمومته مع وجود حاجة فعلية لمخرجاته، فهو يسهم بشكل فاعل في تنمية الناتج الإجمالي للدخل القومي وتحقيق الأمن الغذائي وسلامة الغذاء؛ كونه القاعدة المتينة والراسخة التي تنطلق منها معظم القطاعات الأُخرى، كما أن القطاع الزراعي مساهم أَسَاسي بالأمن الوطني القومي عن طريق إيجاد فرص عمل لامتصاص البطالة وتقليص حجم الاستيراد وخلق استقرار اجتماعي، ومساهم بصورة مباشرة وغير مباشرة في خلق بيئة وحياة مناسبة وكريمة، فالتعاونيات تظل هي الوسيلة الوحيدة الأكثر فاعلية والطريق الأقصر التي يستطيع المزارعون وسكان الريف خُصُوصاً من خلالها تحسين ظروفهم المعيشية والاقتصادية وللمجتمع والأمة بشكل عام.
مما يحتم تلبية حاجات المزارعين ودعمهم وتوجيههم التوجيه الصحيح وهذه مسؤولية الجميع (أفرادًا وحكوماتٍ ومؤسّساتٍ)، لا سِـيَّـما الجمعيات التعاونية الزراعية التي تشكل عنصراً رئيساً في التنمية المستدامة لتميزها بقدرتها العالية على تنظيم المزارعين في مجاميع، والذي قد تأخذ أحياناً شكلاً مؤسّسياً يتمثل بمشاركتهم وعن طريق تنظيماتهم في تخطيط المشاريع التنموية بواسطة حشد أبناء المجتمع من المزارعين والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية لتحقيق موارد اقتصادية.
كما إن تنظيم المزارعين في مجموعات يساعد على زيادة كفاءة وفعالية توريد الخدمات الإرشادية والاستشارية للمزارعين، وتسهيل إدارة التقانات الزراعية عن طريق نقل النظم الزراعية بين الأسر الزراعية المختلفة وتشجيع المزارعين على استخدام الممارسات الزراعية البيئية البسيطة، فضلًا عن زيادة الإيرادات وتحسين المستوى المعيشي لأبناء الريف، خُصُوصاً صغار المزارعين عن طريق تقديم القروض والمشاريع الصغيرة والكبيرة بالمساهمة.
فالجمعيات التعاونية أثمن أدوات التنمية الشاملة والأدَاة الفعالة لمواجهة الفقر والبطالة، ونهج انتهجته كثير من دول العالم محقّقة هدفين رئيسيين هما (تلبية حاجات أعضائها والسعي إلى تحقيق الربح والاستدامة)، بالإضافة إلى أنها تعد مشروعاً اجتماعياً تساهم بشكل كبير في التغلب على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعترضهم، من حَيثُ توفير مستلزمات الإنتاج وخفض التكاليف وتسويق المنتجات الزراعية وفقاً للمبادئ التعاونية، وهناك تجارب عالمية في مجال التنظيمات المجتمعية أثبتت أن لا نهضة زراعية بدون التعاونيات الزراعية، ومن هنا فَــإنَّ الاستفادة من تجارب الآخرين قد أصبح مُلزماً لنعرف كيف ارتقت وتطورت مجتمعاتهم بفضل جمعياتهم والقائمة كبيرة على مستوى العالم.
لذا فقد أصبح العمل على إحياء وتفعيل بعض الجمعيات التعاونية نهجاً وممارسة أمراً مُلحاً ومُلزماً؛ خدمة لتحقيق أهداف التنمية المحلية المستدامة، وقبل أن ندخل في بعض الإرشادات والنصائح الهادفة لإحياء وتفعيل الجمعيات التعاونية يجب أن نتذكر أن البلد لا يمكن أن يخرج من أزماته إلا بتحريك العمل التعاوني الجاد الذي يعتبر أصلاً من أصول التنمية، كما أن العمل التعاوني يهدف إلى توحيد القدرات والإمْكَانات البشرية والمادية المجتمعية لتنمية وبناء المجتمع، وأنه ليس امتداداً لأي طرف سياسي أَو حزبي، وأن العمل التعاوني يقف على مسافة واحدة من الجميع بحيث ما لا يقدر عليه الفرد وحيداً، تقدر عليه المجموعة، ففي التعاونيات يتعامل المزارعون مع مشكلاتهم بشكل جماعي، ويبحثون لها الحلول عن طريق منظمات ينشؤونها ويمتلكونها، ويهيمنون عليها، ويقومون بتشغيلها بالأصالة عن أنفسهم، وهذا هو المعنى الحقيقي للتعاون وجوهر الروح الاقتصادية في كُـلّ بلدان العالم.