مَن الـمسؤولُ عن قطع الـرواتب؟! بقلم/ أم الحسن الوشلي
إن كنت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم..
إن كنت ستبقى في قوقعة الضجيج وطوقِ السجع المنظوم، وتبوق هنا وتبقبق هناك وأنت لا تعترفُ بالحقيقة ولا تريد الاطلاع عليها؛ حتى وإن كانت في موضع وضوح الشمس، وتريد أن تثرثر كما تؤمر وكما يتيح لك المجال، فَــإنَّك مصيبة وعيشُك عالة عليك وعلى المجتمع من حولك.
إن كنت لا تعلم مَا الذي يجول في بلدك، وكيف تسير أمورك، وأين يذهب نفطك وغازك، وكيف تنهب رواتب شعبك، إن كنت لا ترى مدى التضحية والصبر والصمود وَالكفاح الذي تقاومه حكومة صنعاء أثناء الوضع الكارثي المأساوي في حاضرك.. فَــإنَّك مصابٌ بالعمى في بصيرتك.
وإن كنت تعلم وتفضّل الهروب من قمة الحقائق إلى بقاع الكذبة المؤسّسة على الخُدعة الفقاعية الظاهرة كُـلّ يوم بشكل جديد، فَــإنَّ المصيبة أعظم.
نرى اليوم الكثير من المبقبقين على أبواق المواقع الإلكترونية، يقومون بالتحريض والضجيج على حكومة صنعاء باسم الرواتب وكأنهم نسوا أنه كان من إيرادات النفط والغاز، واليوم أصبحت تلك الإيرادات مصدرة ومحتلّة وتسيطر عليها قوى العدوان والعمالة والارتزاق للمناطق المحتلّة في الجنوب.
فكيف لصنعاء أن تصرف للمواطن راتبًا وهي مُجَـرّدة من العائدات الممكنة أن تسند المجتمع اقتصاديًّا، وكأن أُولئك المرجفون قد نسوا أن صنعاء قد عاشت أصعب الظروف وأشدها، وعايشت المجتمع معها ببذل أقصى جهودها؛ لكي يحيا المواطن بعز وكرامة قبل كُـلّ شيء، ومن ثم لم يمت جوعًا، إن المواطن اليوم في صنعاء وغيرها من المناطق المحرّرة بفضل الله، من ثم فضل حكومة صنعاء وجهود أنصار الله يعيش في أمن وأمان، يأكل ويشرب، وينام مطمئن البال، وقد دفعت صنعاء المرتبات والنفقات التشغيلية والعلاوات للجميع حتى تم استهداف السيولة النقدية وتجميد الاحتياط البنكي من العملة الصعبة، فقد كافحت صنعاء للحفاظ على المؤسّسات، وتشغيل الكوادر وتوفير الخدمات الممكنة؛ لتصبح حكومة جديرة في الحفاظ على شعبها ووطنها من الانهيار.
بينما الوضع مختلفٌ تماماً في الجنوب والمناطق المحتلّة التي تسيطر عليها حكومة الخونة والعملاء، الذين صرحوا وتعهدوا عند نهب ثروة النفط والغاز ونقل البنك إلى عدن بأنهم سيقومون بدفعها ويحوّلون اليمن إلى جنة خضراءَ، وبعد ذلك كان التطبيق أن المواطن هناك يعاني من مجاعة وخوف غير طبيعي، وتدهور في العُملة؛ فأصبح المواطن يحتاج لسلة كبيرة مليئة بالأموال، ليشتريَ كيس قمح ويأكل رغيف خبز، ولكن العُملة الواحدة ليست موجودةً لديه.. فمن يملأ له السلة؟!
نرى أن الحال في الجنوب المحتلّ أصبح فظيعًا من كُـلّ النواحي، والفوضى هناك عارمة فلا أمان، ولا حكومة، ولا راتب ولا عملة ذات قيمة، ولا الثروات المنهوبة محافظ عليها، ولا الكادر والمؤسّسات تعمل هناك ولم يتم شيء غير الانهيار فيها.
فكيف للعاقل ألا يعلم ما الذي يحصل؛ وكلّ هذا على مرأى العالم أجمع، والجميع يعلم أن الشعب كله، سواءٌ أكان مواطنًا أَو فرداً من أفراد الحكومة في صنعاء، مدنيين وعسكريين، الجميع يطالبون بإيرادات وثروات هذا البلد لكي يتمكّن الجميع من راتبه وحقوقه، ونفقاته، ولا منة لأحد في هذا العالم به؛ لأَنَّه حق من حقوق الوطن، لكنه منهوب ومسروق ولا يستفيد به أحد من هذا الشعب اليمني كافة، سواءٌ أكان شماليًّا أَو جنوبيًّا..
وليس هذا بغريب بعد أن هدّد السفير الأمريكي في مفاوضات الكويت بضرب العملة الوطنية، فهذا هو مبتغاهم، وهَـا هو اليوم يعبر عن رأيه بأن صنعاء تعجزهم عند ما تقوم بمطالبة المرتبات في كُـلّ جولات التفاوض بتسميته لها شروطاً تعجيزيه؛ إذَا كانت المعجزة أن نطالب بالمرتبات؛ فما بالُك بالسلام والعيش بحرية حقيقية والمطالبة بالحقوق المنهوبة والمسفوكة دماؤها هنا وهناك؟!
لماذا لم تكن المعجزة عندما صرح عبدربه منصور هادي بأن البنك مفلس قبل ثوره 21 سبتمبر؟
كيف لوطن مملوء بالثروات أن يفلس؟ أين ذهبت فجأةً عائداتُ هذا الوطن؟
هم يعلمون حقيقةً بأن العملية نجحت فقد تم نهبه، وقد ذكرت التقارير للأمم المتحدة أن ما يسمى بحكومة الوفاق مشرفًا على الانهيار الاقتصادي..
فبعد أن تم التعطيل تم الإعلان أن الحكومة لن تستطيع أن تدفع مرتبات موظفي الدولة، واليوم أصبحت الرواتب والمطالَبة بها شروطاً تعجيزيةً.
ألم نقرأ في كتاب (مبادئ علم الاقتصاد) أن من أهم وظائف البنك في الدولة إصدار النقود اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي؟!
إذ أن صنعاء والمناطق المحرّرة كافة -حكومةً وشعباً- تطالب بالاستقرار الاقتصادي، ولن يتم هذا إلَّا إذَا عاد البنك وإيرادات الوطن لصنعاء.