سياسيون يمنيون وعرب وأُورُوبيون يسلّطون الضوء على الإساءَات الغربية للإسلام ويحذّرون من تداعياتها على العالم
المسيرة: صنعاء:
سلّط عددٌ من الباحثين والمفكِّرين من اليمن ودول عربية وإسلامية وأُورُوبية، الضوء على مخاطر الاستهداف الغربي للمقدسات الإسلامية، محذرين من تمادي الإساءَات لما لها من آثار سلبية على العلاقات الدولية بين المسلمين من جهة، وباقي دول العالم من جهةٍ أُخرى.
وفي ندوةٍ موسَّعة نظمتها منظمة “إنسان” للحقوق والحريات، أمس الأول الخميس، تحت عنوان “الإساءة إلى المقدسات والمعتقدات الدينية والأنبياء.. الغايات والمآلات”، بمشاركة عدد من الخبراء والمفكرين الإقليميين والدوليين، أشار رئيس منظمة “إنسان”، الدكتور أمير الدين جحاف، إلى خطورة الإساءَات للمقدسات والمعتقدات الدينية والأنبياء وأثرها على أمن واستقرار الدول والمجتمعات والأفراد وانعكاساتها على حقوق الإنسان في العالم أجمع.
وأوضح أن الندوة تأتي ضمن المبادئ والقيم الأخلاقية والمسؤولية الدينية وفي إطار اهتمامات المنظمة تجاه قضايا الرأي العام العالمي.
فيما اعتبر المدير التنفيذي لمركَزِ دار الخبرة للدراسات والتطوير إبراهيم اللوزي، استهداف المقدسات والرموز الدينية وما ينتج عنها من ردود أفعال انتقامية على مستوى الحكومات من مقاطعة اقتصادية للمنتجات والسلع لعدد من الدول الأُورُوبية، عبئاً اقتصاديًّا جديدًا عليها.
ولفت إلى أن أُورُوبا في الوقت الذي تعاني فيه أصلاً من مشاكل اقتصادية حقيقية، يشكل الاعتداء على المقدسات والحرمات والقرآن الكريم تهديداً أمنيًّا كَبيراً.
بدوره أشار أُستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والقانون العام في لبنان الدكتور علي بيضون، إلى أن الدول الغربية تحاول إيجاد المبرّرات للإساءة المتكرّرة للقرآن الكريم تحت عناوينَ واهية.
واعتبر القرآن الكريم عنواناً أَسَاسياً للمسلمين في حياتهم اليومية وجوهرياً في أصل وجودهم على الأرض.
وقال: “علمنا مؤخّراً أن من حرق القرآن الكريم في السويد مدفوع من اللوبي الصهيوني لأهداف سياسية متطرفة تخدم مصالحه الوجودية”.
وَأَضَـافَ بيضون “لا بدَّ من وضع حدود سياسية وقانونية لهذه التصرفات والإساءَات بغض النظر عن الأعراف الدولية وميثاق الشرف ما بين الأديان”.
فيما قدّمت الصحفية العراقية قدس السامرائي، من الدنمارك شكوى ضد المتطرفين الذين اعتدوا عليها وعنفوها عندما أخذت القرآن منهم أثناء محاولتهم حرقه في مدينة كوبنهاغن.
من جانبه استعرض رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف الدكتور رياض الصيداوي، ما تم رصده من موجةٍ كبيرة لشيطنة ومعاداة الإسلام والمسلمين على مستوى العالم الغربي، منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م، مُشيراً إلى أن المجتمعات الغربية تعتمد سياسة الكيل بمكيالين.
ولفت إلى أن عدد المهاجرين المسلمين في الغرب كبير، ولكن إلى اليوم لم يتم تأسيس حركة فاعلة منظمة في المجتمع الغربي، مبينًا أن الدول العربية الغنية وصاحبة المليارات تسعى إلى شراء الأندية الرياضية بأرقام فلكية ولا تستخدم المال للدفاع عن الدين الحنيف عبر فرض قوانين معاداة الإسلام.
وأشَارَ إلى أن “المجتمعات الغربية تعتمد سياسة الكيل بمكيالين، فحين يتعلق الأمر المس بأي رمز من الرموز الدينية اليهودية تحال إلى قانون معاداة السامية”.
وقال: “يجب أن تحدث ترسانة من القوانين تحت مسمى قوانين معاداة الإسلام، كما تعادي السامية اليهودية تذهب إلى المحاكمة”، مُضيفاً “عدد المهاجرين المسلمين في الغرب كبير جِـدًّا، ولكن إلى الآن لم يتم تأسيس حركة فاعلة منظمة في المجتمع الغربي”.
وفي ختام مشاركته أكّـد الصيداوي أن “الدول العربية الغنية جِـدًّا تدعى (البترو دولار) صاحبه المليارات تسعى إلى شراء الأندية الرياضية بأرقام فلكية ولا يستخدمون المال للدفاع عن ديننا الحنيف عبر فرض قوانين معاداة الإسلام”.
في حينٍ أوضح أُستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور حسن جوني، أن القانون الدولي العام يحذر من الإهانة للشعوب والدين.
وقال: “نحن لسنا فقط أمام قضية فلسفية حضارية ثقافية إنسانية، إنما أمام قضية قانونية”.
إلى ذلك أكّـد رئيس المكتب السياسي لائتلاف شباب ١٤ فبراير في البحرين، الدكتور إبراهيم العرادي، أن الحكومات العربية والإسلامية التي لم تقدم على أي موقف جاد، أفسحت المجال لهذه الحملات المنظمة وتكرار الإساءة للقرآن الكريم، مشدّدًا على الجميع الاضطلاع بمسؤولياتهم.
وقالَ: “نحن في ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في البحرين في كُـلّ بياناتنا ومواقفنا سنبقى داعمين لقرآننا ولديننا ومصحفنا”.
وَأَضَـافَ العرادي “يجب أن يكون الوعيُ والصد الأول لهذا التحريض ضد القرآن من المنزل، الأسرة عليها واجب شرعي، اليوم نحن لا نقول هذه مسؤولية علينا جميعاً، هذا تكليف يجب أن نقوم به”.
رئيسة منظمة لا سلام بدون عدالة تارا أوجرادي، من إيرلندا الشمالية حثت على احترام حرية تكوين المجتمعات وحرية المعتقد، في إطار احترام حقوق الإنسان وإعلان الأمم المتحدة المتعلق بذلك.
وقالت: “أفهم أنه في الوقت الحالي، وصلت الأمور إلى نقطة حساسة للغاية في التاريخ في جميع أنحاء الشرق الأوسط بشكل واضح، ولكن على وجه الخصوص في اليمن حَيثُ يوجد مشكلة في المحادثات”.
وفيما يتعلق بتعويضات الحرب، أضافت أوجرادي “نشعر أن هذا أمرًا ضروريًّا لإدراجه في المحادثات، حَيثُ نعلم أن مليون موظف في قطاع الخدمات في شمال اليمن لم يتقاضوا رواتبهم منذ بداية الحرب”.
وجددت مناشدتها بإعادة فتح مطار صنعاء كليًّا لوصول المساعدات الطبية ويكون هناك المزيد من التدفق الحر للخدمات المطلوبة، مؤكّـدة أنه وضع صعب للغاية ولسوء الحظ، ما يزال المدنيون يدفعون الثمن دماً.
وأشَارَت إلى أن المملكة السعوديّة تؤجج المشكلة من الخارج وليست وسيطة كما يعتقدون.
من جهته أوضح الصحفي والباحث من إنجلترا روبرت كارتر، أن هناك اعتداءاتٍ على المقدسات الأُخرى كمفهوم الحجاب الذي ترتديه المرأة في الدول الأجنبية.
ولفت إلى أن وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تلعب دورًا في دفع رواية الهجوم هذه ضد الإسلام وهي تزداد سوءًا، مبينًا أن استراتيجية تجريد المسلمين من إنسانيتهم للدفاع بشكل أَسَاسي عن هذه الدائرة من الحرب على العالم الإسلامي وإبقائها مُستمرّة.
وقال كارتر: “إذا عبر المسلمون عن غضبهم لمدة أسبوع أَو شهر واحد وعادوا إلى الحياة الطبيعية، فلن يكون هناك متغير تجاه هذه الإساءَات”.
ونوّه كارتر إلى أنه “لم يقتصر الأمر على أن الإسلام وفوبيا أصبحت مشكلة عميقة الجذور على مستوى المجتمع، تم تبنيها من قبل المشرعين في الحكومات المختلفة”.
وأكّـد أن “وسائل الإعلام الغربية الرئيسية تلعب دورًا في دفع رواية الهجوم هذه ضد الإسلام وهي تزداد سوءًا”، مُشيراً إلى أن “استراتيجية تجريد المسلمين من إنسانيتهم للدفاع بشكل أَسَاسي عن هذه الدائرة من الحرب على العالم الإسلامي وإبقائها مُستمرّة”.
من جانبه، دعا سفير روسيا الاتّحادية لدى اليمن ولبنان سابقًا “ألكسندر زاسبكين”، إلى التعاوُنِ المتبادل المبني على احترام حقوق جميع الشعوب والدول واحترام العادات والتقاليد والخصوصيات الدينية والثقافية.
وحثَّ الدولَ على توحيد الجهود ضد الهيمنة الأمريكية والقطب العالمي الواحد الذي يسعى لاضطهاد الشعوب ونهب ثرواتها.
وقال ألكسندر زاسبكين: “نشاهد حَـاليًّا أن الغرب اتجه نحو الانحلال الأخلاقي ويحاول أن يقضي على الفطرة البشرية واستبدالها بالمجتمع الاستهلاكي الذي تستخدم فيه شعارات الديمقراطية لمزيد من استمرار الظلم والقمع”.
وفي ختام الندوة أوصى المشاركون، بالعمل على تشريع وإصدار قانون دولي يحمي المعتقدات الدينية ويجرم ويحاسب أي أعمال تسيء للمقدسات الدينية بأي شكل من الأشكال.
وشدّدت توصيات الندوة على ضرورة قيام الأمم المتحدة بدورها الفعلي والجاد لمواجهة الظواهر الغريبة الاجتماعية والثقافية والتصرفات التي تهدّد التعايش السلمي وتضر بالاستقرار المجتمعي على مستوى العالم كمحصلة نهائية.
وأكّـدت أهميّة تضافر الجهود ورفع مستوى التنسيق بين جميع مؤسّسات المجتمع المدني والتركيز على الجانب التوعوي وخطورة التصرفات اللا مسؤولة على المجتمع والآثار المترتبة على ذلك.
كما شدّدت على دور المؤسّسات والكيانات الإسلامية في نشر الثقافة الإسلامية وسماحة الدين الإسلامي الحنيف الرافض للأفكار والمعتقدات الدينية المتطرفة، وبراءته من كُـلّ ما ينسب إليه من أفعال أَو تصرفات مسيئة للغير.
وثمنت الندوة موقف منظمة التعاون الإسلامي بتعليق صفة المبعوث السويدي لدى المنظمة، ورغم أهميّة هذه الخطوة لكنها لم تصل إلى مستوى الحدث والجرم المشهود في حق القرآن الكريم، مشيرة إلى أن استهداف المقدسات الدينية الإسلامية فرصة مهمة لتوحيد الصف الإسلامي ونبذ أساليب التفرقة بين مختلف الطوائف الإسلامية، ودعوة المؤسّسات الدينية الكبرى للاضطلاع بدورها في هذا الجانب والنظر للموضوع من الناحية الإيجابية.
كما أوصت الندوةُ القائمين على المؤسّسات الإعلامية العمل على إفراغ مساحة في وسائل الإعلام العربية والإسلامية المختلفة لمحاربة ظاهرة “الإسلام فوبيا” وتصحيح الأفكار المغلوطة المنسوبة للدين الإسلامي الحنيف وهو منها براء.
وحذرت الندوة من ردود الأفعال المتوقعة وخطورتها كنتيجة لتلك الأفعال المسيئة للرموز الدينية، وما قد ينتج عنها من استهداف للأفراد والمجتمعات وعلى الدول التي تقوم بذلك تحمل مسؤوليتها تجاه ذلك.
وقدَّم المشاركون في الندوة مقترحاً للتحديد والإعلان عن يوم عالمي للتضامن مع القرآن، والتذكير باحترام الحريات وقدسية جميع الشعائر الدينية لشعوب العالم، مؤكّـدين ضرورة عقد مثل هذه الندوات والمؤتمرات الدولية لمناقشة وتدارس هذه الظاهرة وتوحيد الرؤى والمواقف العالمية أمامها والتصدي لها ومعالجتها.