بشاعةُ الحصار والمراوغة عن فتح المطار والميناء.. بقلم/ فضل فارس
ما قد ترك بصماتِه ظاهرةً وأصبح جرحًا غائرًا في جسم اليمني إلى اليوم، هو ليس المواجهة والقتل بنيران الحِقد الإجرامي لقوى العدوان، طيلةَ ما قد مضى من أعوام العدوان، وذلك ما نعتبر القيام والتصدي فيه مبادئَ وقِيَمًا إيمانية وإنسانية فرضها الواقع، الجبروت والتعالي من قبل خدام بني إسرائيل علينا كأبناء بلد مظلوم وَمتروك من قبل الجميع، وذلك ما كان -ومن رحمة الله لنا أَيْـضاً- فرصة حقيقية أن نظهر من خلاله -مع عظيم التضحيات في خضم المواجهة مع أعداء الله- تولينا لله ولرسوله وأهل بيته أعلام الحق وسفن النجاة لهذا الزمان، الذين من خلالهم وبعون الله والتسليم لهم عرفنا القيمةَ المُثلى لهذه المواجهة التي منها وَعبرها وفيما تمثله أَيْـضاً من محك وامتحان إلهي لأبناء هذا الشعب.
اليمن أصبحت قوةً مهابة وشيئاً فوق ذلك لا يعلم أثره إلا الأعداء؛ فهم من قد خبروه، ولكن الشيء المؤلم ومن كُـلّ ما تقدم والذي نحن عليه أَيْـضاً من الصابرين (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، وقد تجاوزنا كُـلّ ما كان من المستحيل، بعون الله وحكمة القيادة، مع صبر وتلاحم وَتعاضد وَتراحم أبناء شعبنا العظيم.
ذلك هو الموت البطيء بالقتل الشنيع القادم إلى أَسرَّة أبنائنا وبناتنا في مخادعهم، هو الحصارُ الخانقُ لكل الأجواء وإقفال شتى الأبواب والسبل التي كان من شأنها أن تخفِّفَ من وطأة المعاناة والآلام في قلوب وأجسام أبناء هذا الشعب الغريب وَالمتروك.
هي تلك المراوغاتُ والأكاذيبُ من قبل أنظمة العدوان وعلى مدى العامَينِ، منذ بدء خفض التصعيد وما كان قبلها أَيْـضاً، عن فتح الممرات والمنافذ وفيما يخصها من الأمن وحماية أرواح الناس أمام مرضى أبناء شعبنا المكلوم، أمام غائب حائر ليعودَ إلى أحضان أهله ومحبيه، أمام ضروريات يحتاجها المرضى والحياةُ والعُمران في هذه المعمورة المحاصَرة.
تسعة أعوام ومطار صنعاء، الشريان الوحيد لهذا الشعب مقفل ومحاصر ويفرض عليه الحظر والعقوبات الضاغطة والإجراءات التعسفية المجحفة، وبنفس المؤامرات المُستمرّة في الحصار الخانق على ميناء الحديدة، المنفذ البحري الوحيد لوصول الضروريات من القوت الغذائي ومادة النفط والغاز التي يحتاجها الإنسان في قوام حياته اليومية وما تتعرض له السفن الناقلة من إجراءات تعسفية ظالمة ومرهقة، كل ذلك يحصل بتواطؤ أممي عالمي وصمت دولي مهين.
وكلّ ذلك تجبُّرٌ واستكبارٌ من قبل العدوان، والذي كان آخره عبر محدودية الرحلات الجوية واشتراطات السفر، كذلك منع دخول أي طاقم أجنبي لتقديم أية مساعدات طبية إلى مطار صنعاء؛ ما قد أَدَّى في النهاية إلى مفاقمة مشكلة المرضى والمسافرين العالقين؛ وهذا ما تسعى إليه أنظمة العدوان.
مع أن رفعَ الحصار وَالعوائق عن موانئ الحديدة ومطار صنعاء كان من المقرَّر فيما يخص هذا الجانب، حسب التوافق خلال فترة الهدنة الأممية والتي انتهت مدتها في العام الماضي، لولا مراوغات وتحايل أنظمة العدوان.