علاقةُ شعب اليمن بأهل بيت النبوة.. بقلم/ إلهام الأبيض
حُبُّ اليمنيين لأهل بيت النبوة ليس حُبًّا عابرًا ولم يكن حُبًّا لشيء ما، إنهُ حب للدين، حب إيماني صادق، حب مرتبـط بحب اللَّـه تعـالى، وسيبقـى حُبًّا سـرمديًّا أبـديًّا، ومع مرور الأيّام والأعوام ومدى الدهور لم يتغير هذا الحـب الذي مصـدرُهُ الولاءُ المُطلقُ للَّــه وأهـل بيت النبوة، الولاء الذي أمــر اللَّه عبـاده في محكم كتابه به: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) من هنا كانت ولايتهم، وآيات اللَّـه قاعدتهم الأَسَاسية في دين اللَّه، ومن آيات الله تعلموا الولاء المطلق والتسليم للَّه ورسوله وأهـل بيت النبوة -صلوات اللَّه عليـهم أجمعين-.
وفي هذه الأيّام لنا وقفة مع أهل بيت النبوة وأهل اليمن، في ذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليــمن، ومن قبله قدوم الإمام علي -عليه السلام- إلى اليمن في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وآله- الذي اختاره رسول الله ليكون مبعوثه إلى اليمن لدعوة أهل اليمن إلى الإسلام، ومن هنا يظهر لنا دور اليمن وأهلها دورًا عظيمًا في نصرة الإسلام، واستقبال الإمام علي -عليه السلام- استقبالًا يليق بمقامه العظيم ومقام الدين الإسلامي، ومنها بدأ يتجلى حب أهل اليمن لرسول الله والإمام علي وأهل البيت -صلوات الله عليهم أجمعيـن-.
نسترجع الذاكرة قليلًا لنعود إلى الإمام الهـادي في ذكرى قدومه اليـمن، الإمام الهـادي يحـيى بن الحسين -عليـهم السلام-إنـهُ شخصية جديرة بأن يكتب عنه كُـلّ من لديه القدرة على ذلك وخَاصَّة نحنُ اليمنيين؛ لما لهُ من أيادٍ بيضاءَ على شعبنا اليمني والتي منها إقامة الحـق، ونشر العدل في ربوع اليمن، وإصلاح فاسدهم، ورد شاردهم، وإصلاح ذات بينهم ورفع مّحـن البـلوى عنهم بعد أن كانوا قد أرهقتهم بلية الفُرقة وأنهكتهم محـنة الشحناء والشتات والتباغض والتنافر وبعد أن عصفت بهم فتنـة القرامـطة، الذين أحلـــوا الحرام وسفك الدماء وقطع الأرحام، والعباسيين الذين حولوا اليمن إلى أهـواء منتشرة وطوائف متشتتة، ومعتقدات فاسـدة فكان الإمامُ الهـادي -عليه السلام- لليـمن القـائدَ والقُدوة والمنقـذ، ولقـد عمل الوهَّـابيون الذين هم حَمَلَةِ الموروث الأمـوي الجاهلي على تشـويه وتصغير قدر هذه الشخصيـة العظيمـة الإمام الهـادي -عليه السلام-، وهذا عمل الوهَّـابية كما هي عاداتهم مع أهل بيت رسول اللَّه -صلَّى الله عليه وآله وسلم-.
وجب علينا العـودةُ إلى تـاريخ أهل البيت -عليهم السلام- وحـبهم ومودتـهم وإعلان الولاء المُطلق لـهم، وهــذا شيء أَسَاسي في هــويتنا الإيـمـانيـة، الإمام الهادي وحاجتنا إلى مدرسة أهل البيت -عليهم السلام- في مواجهةِ هذا الواقعِ السيء نحتاجُ إلى أن نعودَ من جديد إلى مدرسةِ الأنبياء إلى مدرسةِ العُظماء والهُداة من أهل بيتِ النُبوة إلى مدرسةِ أعلامِ الحق والحُرية، إلى مدرسةِ الإمامِ الهادي -عليه السلام- وإلى كُـلّ الأحرار والشُرفاء والمُصلحين الذينَ أحيّوا في الأُمَّــة روحَ المسؤولية، علّمونا أن نقف مهما كان حجمُ الظروف، أن نُقدم التضحيات مهما كانت، أن لا نقبلَ نهائيًّا بالاستسلام والإذعان، أن نتصدى للشرِ والمُنكر والطغيان والظُلم، والجوُّر والوقوفِ أمامَ الدولِ المُستكبرة.
اليومَ قوى الطُغيان مجتمعة في هذا الزمن، قوى الطُّغيان والشرِ والظُّلم والجوُّر من داخلِ أمتنا من المحسوبين على المُسلمين تحتَ الرايةِ الأمريكية والإسرائيلية عبيدًا وخدمًا وعُملاءَ ومرتزِقة ومنافقين يتحَرّكون مجتمعين لتدميرِ المنطقة واستعباد الشعوب وقهرها وإذلالها من خلالِ عودتنا لمدرسةِ أهل البيت -عليهم السلام-.
إنَّ الإمامِ الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- لهُ حضوره البارز والفاعل في التاريخ الإسلامي، وفي تاريخِ اليمن على وجهِ الخصوص في كُـلّ المجالات، فهو واحد من عُظماء أهل بيتِ النبوة الكاملين الذينَ أبرزوا عظمة الإسلام ومشروعه الحضاري، وقدَّموا الإسلام دينًا ودولة، لقد قدمَ الإمامُ الهادي-عليه السلام-الإسلام مشروع سمو مشروع أخلاق مشروع كرامة، مشروع عدالة وجسدَ مبادئه قولًا وعملًا وسلوكاً، وأرسى دعائم الحق والعدل والقسط في ربوعِ اليمن حتى قال عليه السلام كلمته المشهورة: ((والله لئن أطعتموني لما أفقدتم من رسول الله إلا شخصَهُ إن شاء الله))، ولقد كان كما قال.
نحنُ اليوم في حاجة إلى هذه المبادئ والقيم القرآنية، إلى هذهِ الروح وإلى هذهِ العزيمة والشموخ، إلى القيم العظيمة، إلى هذا الإيمان والوعي لنتحَرّك به في مواجهة هذه التحديات والأخطار، ومن أهم الأخطار لا شكَ الخطر الإسرائيلي والأمريكي وأدواتهم والأحداث التي يشهدها بلدُنا اليمن.