السيدُ نصرالله: لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيوقفُ المقاومةَ وحركاتها
المسيرة | متابعات
أكّـد الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، في كلمة بمناسبة ذكرى التحرير الثاني والانتصار الكبير الآخر الذي حقّقه لبنان على الجماعات الإرهابية، قائلًا: “لن نسمحَ أن تُفتحَ ساحةَ لبنان للاغتيالات ولن نقبلَ على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك وردّنا سيكون قويًّا”.
وقال السيد نصر الله: إن “الجماعات المسلحة اعتمدت الأراضي اللبنانية قاعدة لإرسال السيارات المفخَّخة، كما فعلوا وللتوسع في الأراضي اللبنانية وتهديدات بالتوسع في البقاع والوصول إلى بيروت والمزيد من العدوان باتّجاه سوريا، مُضيفاً، أن “لبنان كان جزءًا من خريطة دولة الخلافة الداعشية وكان حضورُ داعش في البقاع قاعدة انطلاق للامتداد الواسع”.
وعزّى السيد نصر الله اللبنانيين جميعاً برحيلِ أحد الأعمدة الكبيرة في الصحافة اللبنانية والعربية الأُستاذ طلال سلمان، مُضيفاً، أن “الراحلَ كان بحق مقاومًا كَبيراً وعزيزًا بالفكر والبيان والقلم وكان من المقاومة في ساحاتها الفكرية والإعلامية وساندها في كُـلّ مراحلها في لبنان وفلسطين والمنطقة حتى آخر نفس في حياته”.
معاركُ حقّقت الإنجازَ بالنصر:
واعتبر السيد نصر الله أن مجموعةً كبيرةً من المعارك خيضت على مدى سنوات حتى تحقّقَ الإنجازُ بالنصر، قائلاً: “أشهد أن بعضَ القرى، وخُصُوصاً المسيحية، أخذت قرار المواجهة خلافًا لقرار وتوجّـهات أغلب أحزابها”.
ورأى أنه “يجبُ أن لا ننسى أُولئك الذين يمثلون قوى سياسية الذين ذهبوا إلى المسلحين إلى جرود عرسال وعقدوا عندهم مؤتمرات صحافية وعبروا عن تأييدهم وقدموا لهم أشكال الدعم المختلفة”، مُشيراً إلى أن “هؤلاء راهنوا على بقاء الجماعات المسلحة وعلى انتصارها وعلى انكسار أهل البقاع والجيش والمقاومة في مقابل هذه الجماعات”.
ولفت إلى أن “الأمريكان منعوا الحكومة اللبنانية من أن تأخذ قرارًا يسمح للجيش اللبناني بالقيام بعمل هجومي ضد الإرهابيين”، مُضيفاً أن “الحكومة لم تأذن للجيش بشن هجوم على المسلحين في الجرود؛ بسَببِ الضغط الأمريكي، وقد هدّدوا الجيشَ بإيقاف المعونات عنه إذَا شن هجومًا على المسلحين في الجرود”.
وأشَارَ إلى أنه تم استعادةُ شهداء الجيش اللبناني وشهداء قوى الأمن وتحرير الأسرى واستعادة أسرانا، وإنهاء الوجود الإرهابي في مناطقنا وهذا ما نسميه بـ”التحرير الثاني” والانتصار.
وقال السيد نصر الله: “إننا لا أنسى القرى والبلدات التي رغم معاناتها وظروفها كان تجمع مما لديها في بيوتها لإيصاله للمجاهدين؛ إذ كان الإقبالُ كبيرًا جِـدًّا؛ مِن أجل الدفاع عن لبنان وأرضه، فكانت أعداد المقاتلين كبيرةً جِـدًّا ولا تتناسب مع حجم المَهمة”.
هذه هي بدايةُ التحرير الثالث:
كما اعتبر السيد نصر الله أن “التحريرَ الأولَ هو عام 2000م، وانتصار تموز، والتحرير الثاني هو تحرير جرود البقاع، وأما التحريرُ الثالثُ الذي بدأ قبل أَيَّـام في موضوع التنقيب في البلوك رقم (9)، كُـلّ ذلك نتيجة معادلة جيش شعب مقاومة، مشدّدًا على أن المعادلة الاستراتيجية الوطنية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة حقّقت انتصاراتٍ عظيمة.
وَأَضَـافَ، أنه “دائماً كان يُقال أن الصهيوني يدرُسُ تجاربَه، لكن يبدو أن هذا الكلام لا ينطبق حَـاليًّا لا على كيان العدوّ ولا على جيشه، ومنذ 1982م، حتى اليوم بقي العدوُّ الإسرائيلي يصوّر أن الذين يقاتلون في لبنان يطبِّقون خطة إيرانية، لكن هو غافل أن الشعب اللبناني يقاتل بإرادَة لبنانية لتحرير أرضه”، مُشيراً إلى أن “الإسرائيليين غافلون عن أن المقاومة في الضفة الغربية هي إرادَة الشعب الفلسطيني وأن هذا الشعب يقاتلهم منذ 75 عاماً؛ أي قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران؛ إذ إنه أمام تصاعد المقاومة في الضفة الغربية والعجز الإسرائيلي هرب بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة العدو) إلى تصوير ما يجري في الضفة كخطة إيرانية”.
وأشَارَ السيد نصر الله أن أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيًّا أَو فلسطينيًّا أَو سوريًّا أَو إيرانيًّا أَو غيرهم بالتأكيد سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة.
التهديداتُ لا تجعلُ المقاومةَ تتراجعُ:
وشدّد السيد نصر الله على أن “هذه التهديدات لا تجعلُ المقاومةَ تتراجعُ لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيضعف المقاومة بل سيزيدها عنادًا وعزمًا”، وتساءل: “هل استطاعت الاغتيالات أن تهزّ من إرادَة المقاومة بل دفعت للمزيد من الحضور في الميدان والأمل بالانتصار وهذا ما حصل مع كُـلّ المقاومين في منطقتنا؟”.
وبيّن السيد نصر الله أنه يجبُ أن يعترفَ العدوُّ بأنه في مأزِقٍ تاريخي ووجودي واستراتيجي ولن يجد مخرجًا لذلك.
وفيما خص أسرى فلسطين والبحرين، شدّد السيد نصر الله على أنه يجب التضامن الحقيقي مع الأسرى في فلسطين ومع السجناء السياسيين في البحرين.
الأمريكي القائدُ الفعلي للحرب على سوريا منذ اليوم الأول:
وحول الشأن السوري، أكّـد السيد نصر الله أن القائدَ الفعلي للحرب على سوريا منذ اليوم الأول هو الأمريكي والسفير الأمريكي في دمشق اعترف بذلك، مُضيفاً، أن “ما يجري في سوريا اليوم هو استمرار لما بدأ في العام 2011م، وهو مشروع أمريكي استعانت فيه أمريكا بعدد من الدول الإقليمية التي ساندتها بالمال والإعلام والسلاح”.
ولفت إلى أنه بحجّـة داعش عادت القوات الأمريكية إلى العراق وبحُجَّـة داعش دخلت لتحتل شرق الفرات، إذ أنه ليست منطقة شرق الفرات مسألة داخلية بل مسألة أمريكية بامتيَاز؛ فالأمريكيون يسيطرون على حقول النفط في شرق الفرات وهم الذين يمنعون أن تعود هذه الحقول إلى الحكومة السورية، فاليوم الكثير من الشركات في العالم ومنها الشركات الصينية والروسية لا تستثمر في سوريا؛ بسَببِ العقوبات.
ورأى أن الدولة في سوريا بذلت جُهُودًا كبيرة ولكن كلنا يعرف أن الأبواب سُدّت، وأن الحصار أُحكم، وبمُجَـرّد أن بدا واضحًا أن الحربَ العسكرية فشلت وبدأت سوريا تتعافى كان قانون قيصر جاهزًا.
واعتبر السيد نصر الله أن الدولةَ السوريةَ وحلفاءها قادرون ببساطة على تحرير شرق الفرات كما فعلوا في البادية، لكن شرق الفرات منطقة محتلّة من قبل القوات الأمريكية فالصراع هناك صراع إقليمي ويمكن أن ينجر إلى صراع دولي، مُضيفاً، “أننا نشهد الضغط الأمريكي في شرق الفرات وتشديد العقوبات ومحاولة إحياء داعش من جديد، كما أن الأمريكيين يمنعون الحلَّ بين الأكراد والدولة في سوريا وتحرير شرق الفرات”.
المعركةُ الحقيقيةُ التي ستغيِّرُ كُـلَّ المعادلات:
وقال السيد نصر الله: إنه “إذا أراد الأمريكيين أن يقاتلوا بأنفسِهم أهلاً وسهلاً وهذه هي المعركة الحقيقية التي ستغير كُـلّ المعادلات”، لافتاً إلى أن “ما يُشاع أن الأمريكان يريدون إغلاقَ الحدود السورية العراقية فكل ذلك أوهام ولن يُسمح بذلك”.
وأوضح السيد نصر الله أنهم يريدون من قوات “اليونفيل” أن تعملَ عند الإسرائيلي وجواسيس له، وحيث لا تستطيع كاميرا التجسس أن تصل المطلوب تقوم بذلك كاميرات اليونيفيل، مُضيفاً أنه مشكورة الحكومة اللبنانية سعيها لتصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل للتحَرّك بدون تنسيق وإذن، ونشد على أيدي الحكومة اللبنانية ونأمل أن تُوفق لإجراء هذا التعديل.
وَأَضَـافَ، أنه “على خلفية إجراء هذا التعديل لها علاقة بالكرامة والا هذا سيبقى حبرًا على ورق والناس في الجنوب لن يسمحوا بأن يُطبق قرار بالرغم من رفض الحكومة اللبنانية”.
لسنا ضعفاءَ بل أصحابُ قرارِنا:
وحول الشأن الداخلي اللبناني، أشار السيد نصر الله إلى أنه “في المِلف الرئاسي قيل، أمس من قبل جهة أَسَاسية أنهم يرفضون الحوار، متسائلاً: فهل نأتي بهم إلى الحوار بالقوة؟”، مُضيفاً، “أننا نحن لسنا ضعفاء بل نحن أصحاب قرارنا فلا نخاف من الحوار وجاهزون له طبعًا لا نتسول الحوار من أحد”.
وتساءل أَيْـضاً، “الآن يستقوون على الفرنسيين ولكن لو كان المبعوث أمريكيًّا هل كانوا سيتجرأون على ذلك؟”.
وَأَضَـافَ السيد نصر الله أنهم يقولون: “نحن نريد رئيسًا لبناء دولة تواجه حزب الله”، فهم لا يريدون بناءَ دولة لحل مشاكل الناس وهذا يبيّن أنهم في خدمة أي مشروع!، قائلاً: “أنتم تخدمون هدفَ “إسرائيل” المعلَن التي لا تريد استقلالاً لهذا البلد والأمريكي والإسرائيلي يطالبان بنزع سلاح حزب الله؛ فأقوالهم تدل على عقلية لا يمكن أن تُخرج لبنان من الصعاب التي يعيشها بل عقلية تذهب بلبنان إلى حرب أهلية”.
وقال: “إنني لا أمارس حربًا نفسيةً على اللبنانيين ولا أهوِّلُ عليهم وإنما أقول لهم الحقائقَ التي يعمل عليها البعض”، معتبرًا أن “الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر هو بالنيابة عن حزب الله وليس بالنيابة عن حلفائنا، إذ إننا نعرض نتيجة الحوار على حلفائنا ونناقش ونأخذ القرار سويًا، فنحن أمام نقاش جدي مع التيار الوطني الحر وعميق ويحتاج إلى بعض الوقت”، معتبرًا أنه “عُرض علينا موضوع اللامركزية الإدارية والمالية وَإذَا اتفقنا على مسودة ما فَــإنَّنا معنيون بمناقشتها مع الأفرقاء، فنحن أمام اقتراح قانون فيه عدد كبير من المواد وهو يحتاج إلى أغلبية لإقراره في المجلس النيابي”.
وبمناسبة الذكرى 45 لتغييب الإمام موسى الصدر، قال السيد نصر الله: “إن قضية الإمام الصدر ستبقى حيّةً حتى يعود مع رفيقَيه إلى ساحة جهاده ونضاله، وإنْ كان قد كبر به السن، وسنواصل درب الإمام الصدر في المقاومة واحتضان المقاومة الفلسطينية وفي التطلع إلى القدس وفي الإصرار على العيش الواحد في لبنان وفي الإيمَـان بلبنان وطنًا نهائيًّا لجميع أبنائه ويأبى التقسيم والتفرقة”، مُضيفاً “نضم صوتنا إلى صوت اخواننا في قيادة وجمهور حركة أمل ونعتبر أنفسنا جميعاً أبناء هذا الأمام الكبير والجليل وتلامذته”.
وفي ذكرى أربعين الإمام الحسن (عليه السلام)، بيّن السيد نصر الله أن “الملايين شهدوا الذين يذهبون مشيًا على الاقدام إلى كربلاء؛ ما يدفع إلى الكثير من الأسئلة الروحية والعاطفية والإنسانية والإيمَـانية خُصُوصاً في زمن القحط الفكري والانحطاط الأخلاقي والشذوذ الجنسي”.
كما اعتبر السيد نصر الله أن “هذا المشهد المليوني يعبّر عن نقاط القوة لدى الأُمَّــة كما في موسم الحج” نتمنى أن تكون هذه المواسم مواسم البراءة من الظالمين والطغاة؛ إذ إننا نشهد اليوم وجود فلسطين والقدس في مسيرة أربعين الإمام الحسين (ع)، وذلك في المؤتمر وزيارة الحسين وطريق المسير”.
وأخيرًا بارك سماحة الأمين لحزب الله عيد التحرير الثاني، وخُصُوصاً لأهلنا في البقاع وفي بعلبك الهرمل.