تأكيدٌ أممي جديدٌ على الالتزام بموقف واشنطن العدائي تجاه اليمن
المسيرة | خاص:
تزامُناً مع تجَدُّدِ التأكيداتِ الأمريكيةِ على التمسُّكِ بخِيارِ مواصَلةِ العدوانِ والحِصارِ وحِرمانِ الشعبِ اليمني من حقوقه المشروعة، وعلى رأسها المرتبات، عن طريق ربطِها بإملاءات سياسية، جدَّدت الأممُ المتحدة تأكيدَ التزامها بالموقف الأمريكي الذي يعرقلُ سير جهود الحل المبذولة من قبل الوساطة العمانية، حَيثُ قلَّل الممثل الأممي في اليمنِ، هانز غروندبرغ، في تصريحات جديدة من الدور الذي يلعبه العُمانيون، معتبراً أن الأممَ المتحدة هي “الوسيط الرئيسي” وأن التفاوض يجب أن يدور بين صنعاء والمرتزِقة؛ الأمر الذي يعبِّرُ بشكل واضح عن استمرار المنظمة الدولية بممارسة دورها السلبي كواجهة لفرض رغبات وإملاءات دول تحالف العدوان ورعاتها وعرقلة أية جهود سلام فعلية.
وزعم غروندبرغ في تصريحات لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، الثلاثاء، أنَّ “هناك وحدة بين الجهات الدولية الفاعلة حول ضرورة حَـلِّ الصراع اليمني، وكذلك حول حقيقة أن الأمم المتحدة هي الوسيط الرئيسي”.
وَأَضَـافَ أن المحادثاتِ التي ترعاها سلطنة عمان بين صنعاء والرياض، “قد تدعمُ جهودَ الوساطة الأممية؛ لصياغة مقترح لوقف إطلاق النار وبدء محادثات سياسية بين الأطراف اليمنية”.
وتترجم هذه التصريحاتُ بوضوح التزاماً أممياً كاملاً بالموقف الأمريكي الذي يتعامل مع العدوان على اليمن كـ”صراع داخلي”؛ إذ يتطابق حديث غروندبرغ بشكل غير عشوائي مع تصريحات المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ المتكرّرة التي تزعم أن إجراء مفاوضات بين صنعاء والمرتزِقة هو “الطريق الوحيد” لتحقيق السلام ومعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن.
وكان ليندركينغ قد زعم في وقت سابق أن نجاح الوساطة العمانية في التوصل إلى أي اتّفاق بين صنعاء والرياض، لن يمثل خطوة سلام كافية؛ وهو ما ينسجم بوضوح مع محاولة غروندبرغ للتقليل من دور الوسيط العماني، من خلال التأكيد على ضرورة الالتزام بالوساطة الأممية كوساطة رئيسية بحسب تعبيره.
وتحمل تصريحات غروندبرغ نبرة ابتزاز واضحة بـ”الإجماع الدولي” وهو العنوان الذي استخدمته الولايات المتحدة كَثيراً في كُـلّ مواقفها الرافضة للسلام في اليمن؛ مِن أجل قطع الطريق أمام أية جهود تبذل خارج إطار المنظومة الخاضعة للنفوذ الأمريكي.
ويوضح حديث غروندبرغ المتطابق مع تصريحات المبعوث الأمريكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تسعى بوضوح لإعادة السيطرة على مسار جهود الحل، من خلال إفشال دور الوسطاء العمانيين والتقليل من قيمته، وبالمقابل، الدفع نحو فرض الأمم المتحدة كقناة رئيسية وحيدة لأية تفاهمات؛ وهو ما يعني إخضاع تلك التفاهمات للإملاءات والرغبات الأمريكية والبريطانية، وبالتالي قطع الطريق أمام أية فرص للوصول إلى اتّفاقات إيجابية حقيقية.
ونجحت الوساطة العُمانية خلال الفترة الماضية في كسر الكثير من الحواجز وإزالة العديد من التعقيدات التي كانت الأمم المتحدة تخلقُها على طاولات التفاوض طيلة السنوات الماضية، حَيثُ فتح الوسطاء العمانيون قناة تفاوض مباشرة بين صنعاء والرياض؛ وهو أمرٌ كانت الأمم المتحدةُ تتجنَّبُه وتحرصُ على أن تقدم المرتزِقة دائماً كطرف مقابل لصنعاء، وليس من قبيل المصادفة أن يتمحور التعنت الأمريكي الأممي اليوم حول هذه النقطة بالذات.