من قلب عمران: الأولوياتُ الثلاثُ للسيد القائد.. بقلم/ حسام باشا
في يومٍ عظيم من أَيَّـام الكفاح والنضال وبقلب محافظة عمران ألقى الرئيس مهدي المشاط، كلمة ملحمية وجه فيها العديد من الرسائل لشعبنا الباسل في موقعة العزة والكرامة، ولقوى العدوان التي تحاول زعزعة استقرارنا وسيادتنا، ورسم فيها ملامح النجاة من هذه التحديات والتي تتمثل في الثبات والبسالة والتكاتف بين كُـلّ فئات الشعب، وأبرز فيها إنجازات القوات المسلحة، والتي تثبت قدرة شعبنا على الدفاع عن نفسه وأرضه، وكشف عن المؤامرات الشريرة التي تحاك ضد أمننا واستقلالنا من قبل أمريكا وبريطانيا، وحذر من التبعات الوخيمة للتدخلات الأجنبية في شؤون بلادنا، ومن ثمار الكلمة الملحمية، إشارة الرئيس المشاط إلى الأولويات الثلاث التي رسمها وأكّـد عليها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -ينصره الله- والتي تشكل في هذه المرحلة منهجًا حكيمًا على مسار التحرير والانتصار، وتتمثل هذه الأولويات في:
١- مواصلة الجهاد ومقاومة تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي.
٢- الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية والحرص على التلاحم ووحدة الصف الداخلي، والوقوف في وجه المخطّطات التي تهدف إلى هز استقرار المجتمع اليمني.
٣- والعمل على إصلاح وتطوير مؤسّسات الدولة وتحسينها بما يخدم مصلحة البلاد والشعب.
لا يخفى على أحد أن شعبنا اليمني يتصدى لأبشع عدوان في تاريخه، عدوان يقوده تحالف دولي متآمر على كرامتنا وحريتنا وثرواتنا، هذا التحالف الذي تقوده السعوديّة والإمارات بمساندة من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، لم يتوانَ عن إلقاء شعبنا في بئر الظلم والجور والإجرام، فقد حاصرنا بحديد ونار، وأمطر علينا قنابله الجوية المدمّـرة، وهدم بنيتنا التحتية ومؤسّساتنا الحيوية، وأشعل نار الفتنة والانقسام بين أبناء الشعب، كُـلّ هذه المؤامرات كانت تستهدف إطفاء شمعة الشعب المقاوم، وإذلاله لمشروع الهيمنة والاستكبار.
لكن شعبنا لم يستسلم ولم يكن مُجَـرّد ضحية لهذه المؤامرة، بل كان بطلاً لمقاومة تاريخية في وجه الظلم والطغيان، فقد انطلق من كُـلّ زوايا الوطن، وأبدى وحدة وتضامنا عجيبين بين كُـلّ أبنائه، فخضت يداه مع يد السلاح، وسانده قلبه مع قلب الإيمان، وقاتل في كُـلّ ربوع الأرض، من صعدة الشامخة إلى تعز الصامدة، ومن مأرب الكرامة إلى الجوف الباسلة، ومن صنعاء الأم إلى الحديدة الحرة، وحقّق إنجازات باهرة على قوى العدوان، التي تفوقه عددًا وتسليحًا.
كما تمكّن شعبنا من أن يصبح قوة رادعة تستخدم كُـلّ أشكال المقاومة، من المجاهدين الأشاوس إلى المصانع المحلية التي تولد صواريخ وطائرات مسيَّرة وغيرها من الأسلحة المتقدمة، ولذلك، فَــإنَّ مواجهة العدوان هي أولى أولويات شعبنا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه، فالعدوّ لا يزال مُستمرّاً في عدوانيته وغطرسته، ولا يزال يرفض السلام العادل والشامل، ولا يزال يحاول إفشال كُـلّ المبادرات والجهود الرامية إلى إنهاء العدوان والحصار.
إلى جانب مواجهة العدوان الذي يحاول أن يقضم من أرضنا وسمائنا، فَــإنَّ هناك جبهة أُخرى تحتاج إلى حفظها وتقويتها، وهي الجبهة الداخلية التي تشكل عمود قوتنا وحصن أماننا، فالعدوّ يدرك جيِّدًا أن الجبهة الداخلية هي قلب مقاومتنا وروح نضالنا، ولذلك يسعى بكل حيلة أن يضربها في عروقها ويفسدها في رئتيها، ويثير فيها الفتنة والشقاق، فهو يلجأ إلى كُـلّ أساليب التخريب والتآمر لزعزعة استقرارها ووحدتها، ويستغل كُـلّ فرصة لإشعال الصراعات والخلافات بين أبناء شعبنا المقاوم، تحت شعارات مغرضة ومزيفة؛ وهذا يشكل خطراً كَبيراً يحتم علينا مواجهته بكل قوة وحزم، وأن نبذل كُـلّ جهودنا لصده في كُـلّ المجالات ببصيرة ووعي وحكمة ومسؤولية، ولهذا يجب أن نكون كالحصن المنيع والسور المتين، وألا ندع لأحد أن يفتح بيننا ثغرة أَو يزرع بيننا شوكة، وألا نقع في شرك الدعوات التي تثير على التمزق والانشقاق، بل يجب علينا أن نحذر من كُـلّ الأيادي والألسنة التي تخدم مصلحة العدوّ أَو تطبق أوامر خارجية أَو تسعى إلى تحقيق غايات ضيقة على حساب المصلحة العامة، لا بُـدَّ أن نتحد كالجسد الواحد ونثبت للعالم كله أن شعبنا مثابر ومقاوم، وأن جبهتنا الداخلية متلاحمة ومتضامنة، فقط بهذه الطريقة نستطيع أن نواجه العدوان في كُـلّ الميادين، وأن نحافظ على هُــوِيَّتنا وكرامتنا، بفطنةٍ وإدراكٍ وإخلاص، فالجبهة الداخلية متى ما كانت قوية ومتحدة فَــإنَّها تعزز الجبهة العسكرية وتساند المجاهدين وتشارك في صياغة الانتصار.
وبمواجهة العدوان، وتماسك الجبهة الداخلية، لا بدَّ أن نضع في اعتبارنا أولوية ثالثة لا تقل أهميّة عن الأولويتين السابقتين، ولا تقبل التأجيل أَو التهوين، وهي إصلاح مؤسّسات الدولة وتحديثها وتطويرها، فهذه المؤسّسات هي الأذرع التي تمدّ الدولة بالقوة والقدرة على تحقيق رؤيتها وطموحاتها، وتضمن استقرارها وأمنها وتلبية حاجات شعبها، فبدون مؤسّسات قوية وفاعلة ونزيهة، لا يمكننا أن نحقّق الاستقرار والتنمية والتطور والنصر الذي نسعى إليه.
لذلك، يجب أن نجتهد في إصلاح مؤسّساتنا وتحسين جودتها وأدائها وخدماتها وشفافيتها ومساءلتها بما يتلاءم مع ضرورات الزمان والمكان، وبما يخدم المصالح الوطنية.
في الختام، لا بُـدَّ لنا أن ندرك أن هذه الأولويات الثلاث التي رسمها لنا السيد القائد كراية مضيئة وأكّـدها الرئيس المشاط ليست كالأصابع المنفرجة عن بعضها بل كالحبال المتشابكة والخواتم المتسلسلة، فلا يمكن تحقيق إحداها دون الأُخرى.
وعلينا نحن شعب اليمن أن نبذل كُـلّ قطرة عرق وشهادة لإنجاز هذه الأولويات بكل صدق وانتماء، فالتخاذل أَو التفريط ستكون له عواقبُ وخيمة في الدارَينِ.