جزيلُ سلامِنا مِنَّا علينا.. بقلم/ احترام عفيف المُشرّف
نتحدث قليلًا عن اليمن وعن أقيال اليمن، وإن كان ما نقوله ليس إلا رؤوس أقلام فتاريخ اليمن الممتد آلاف السنين لا يُحصى ببضع سطور وكلمات، إنه بلد الإيمان والإصرار بلد الأرق قلوباً والألين أفئدة، بلد أولي القوة والبأس الشديد، إنه اليمن السعيد لمن عاش في ربوعه وشرب ماءه، وهو مقبرة الغزاة لمن أراد احتلاله أَو النيل من كرامته واستقلاله، إنه أعجوبة الزمن في أرضه وسمائه ونسائه ورجاله، فهم من تحير كاتب التاريخ في وصفهم ووصف أرضهم، فهم الحكماء العلماء من نصروا رسول الله ودعا لهم ولأبنائهم وقال: “لو سلك الناس شِعباً وسلك الأنصار شِعباً لسلكت شِعب الأنصار” وكفى بهذا فخراً وعزاً.
وهم الأسود الضارية لمن اعتدى عليهم أَو حام حول أرضهم، وقد أعلنوّها صريحة وردّدوها في نشيدهم واضحة، لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.
لا يرضون ولا يقبلون الوصاية عليهم ولا على أرضهم كان من كان هذا الوصي، دولة عظمى أَو صغرى، لديها أسلحة أَو نفط،لديها نفوذ في العالم أَو مال، لا وصاية على اليمن ولا تحكم بشعب اليمن، وعلى هذا الأَسَاس يجب على العالم أن يبني تعامله مع من كان هذا نهجهم وتلك سجيتهم منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة.
أردتم الحرب وقد عرفتم من تحاربون وأن لا طاقة لكم بمن سيحاربونكم على كُـلّ شبر تحتلونه من أرضهم، فأرضهم مباركة ولا تقبلكم عليها أحياء، وتلفظكم من تحت ثراها قتلى، ودعوتم إلى الهدنة والحوار ولباكم أهل الحكمة والإيمان وحاوروكم حوار الشجعان المنتصرين في الميدان.
إذَاً فقد جرّبتم اليمن أرضاً وإنساناً حرباً وسلماً، فهل فهمتم الدرسَ واستوعبتم أن لا مكان لكم في اليمن؟!
ولا تظنوا أننا سوف نرضى بأن يستمر الحال على ما هو عليه من حالة اللا سلم واللا حرب، وخنق الشعب في قوته وقطع المرتبات، على دول العدوان أن تعلم أنه إذَا اشتدّ الخناق فسيكون التواء الحبل على أعناقهم ووقتها لن يجدي صلح أَو مهادنة، وستتخلى عنهم أمريكا كما تخلت عمن كان قبلهم وما هم عنهم ببعيد.
أما مرتزِقة الداخل فعليهم أن يفيقوا من سكرتهم ويعودوا عن غيهم ولا يكثروا الفساد في أرضهم فإن هذا الشعب حمّال؛ ولكنه لا ينسى وسوف يحاسبكم على كُـلّ قطرة دم كنتم سبباً في سفكها، عليكم أن تعلموا أنكم على باطل ومشروعكم باطل، وما بُنِيَ على باطل فهو باطلٌ، واعلموا جيِّدًا أن أمام أهل الباطل يوجد أهل الحق، الذين لن يتراجعوا عن طريق الحق التي سلكوها مهما كانت التحديات، فهم أَسَاساً ما سلكوها إلا وهم يعلمون أن هناك تحديات وصعوبات ستقف في طريقهم ومع ذلك تحَرّكوا بعزيمة وصبر ولديهم ثقة أن العاقبة للمتقين.
هذا هو اليمن الذي سيعلم العالم الأبجدية من جديد ويعيد الحروف إلى نصابها والكلمات إلى حقيقة معناها والدويلات إلى حجمها ويعيد تعريف موازين القوة، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
وبعد هذا المرور العابر والوصف الذي ما يزال قاصرًا عن اليمن الميمون، أفلا يستحق هذا الشعب وهذه الأرض أن نرفع لهما القبعة ونردّد قول الشاعر:
“جزيلُ سلامنا منّا علينا
حماة الدين حراس الديارِ”.