يمنٌ أكثرُ ازدهاراً وخالٍ من النفوذ الأجنبي.. بقلم/ رحـاب الـقـحـم
“يمنٌ أكثر ازدهاراً وخالٍ من النفوذ الأجنبي”، والكلام للمبعوث الأمريكي، وما أكذب الأمريكان، وقد جعلوا أنفسهم أوصياء على الشعوب، يشبعونهم كلاماً ويقتلونهم حرباً وحصاراً، وتلك عدن الغارقة في الظلام الدامس واحدة من شواهد الحال على كذب المقال، ولا يخجل الأمريكي أَو السعوديّ أَو الإماراتي أن تبقى المناطقُ الواقعة تحت احتلالهم تعاني سوءَ العذاب من انعدام الأمن وغياب الخدمات.
يستمر المحتلّون في صرف الكلام عاماً بعد عام، ومَـا هو مطلوب هو وقف الكلام وصرف المرتبات، وذلك حق مستحق إن تم بالحسنى، أَو جاءهم اليقين، وهو حتماً آت عاجلاً أَو آجلاً، وحينها سيرى الأمريكي أن ما يدّعيه حول يمن أكثر ازدهاراً وخالٍ من النفوذ الأجنبي سوف يتحقّق إن شاء الله، لا بكلامه ولكن بسواعد رجال الله، والله مع رجاله المخلصين المقاتلين.
توطين ما أمكن من الصناعات توجّـه تنموي وسيادي لا تنهض أية دولة تتطلع للاستقلال إلا بمثل هكذا توجّـه، ومعركة الاستقلال لا تقتصر على جانب دون جانب، بل لا بُـدَّ أن تتكامل الجهود في كُـلّ المجالات، وما أبدعه اليمنيون في معركتهم العسكرية في مواجهة تحالف العدوان يشجعهم على نقل التجربة إلى المجالات المدنية.
صراع السيادة والاستقلال مع التبعية والوصاية لا يتوقف على بلد دون بلد، وأي بلد نهض شعبه لتحمل المسؤولية الوطنية فعليه أن يثق في قدراته الذاتية وأن يصمد على خياره الاستقلالي ليجد نفسه وإن واجه تحديات لكنه قادر على تخطيها والتصدي لها، وتضحيات الصمود مهما بلغت تظل أهون من فداحة الخنوع والخضوع، فالذلة السياسية لا تبني بلداً، ولا تحيي شعباً بل تجعله نهباً للمستعمرين والمحتلّين والطامعين.
تمادي تحالف العدوان دون استجابة لمطالب الشعب اليمني توصد أبواب الحل السلمي وتنفتح أبواب جولة أُخرى من التصعيد يبدو أنه لا بُـدَّ منها، وما بات معلوماً أن تحالف العدوان غير جاهز لأي حَـلّ وأنه يعمد لسياسة تقطيع الوقت وتمييع الحقائق عسى أن تصحو الرياض وأبو ظبي يوماً على أحلام يرونها في منامهم ويسعون لأن تتحقّق على أرض الواقع، من ذلك محاولات حثيثة لتصويرِ الحربِ يمنيةً -يمنية، بينما هي حربٌ عدوانيةٌ شنتها السعوديّةُ مدفوعةً بأحلام السيطرة على اليمن والحصول على مزيدٍ من الحُظوةِ لدى أمريكا، فلا سيطرت على اليمن، ولا نالت تلك الخطوة المزعومة، وأصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تُفنى كليًّا لتتفرغ لمشاكلها الداخلية وما أكثرها أَو تخرج إلى حرب عدوانية أُخرى تعلم يقيناً أنها لن تكون كسابقتها.
الحرب مستعرة ولم تهدأ بعد، فالحصار قائم وجائر، وحتى لا يستمر المحتلّون ومرتزِقتهم في نهب الثروة اليمنية ثمة إجراءات عملية جريئة وقوية تنفذها القوات المسلحة ويدها الضاربة المتمثلة بالقوة الصاروخية والبحرية كشف عن جانبها رئيس الجمهورية في خطابه أمام أبناء محافظة عمران، من ذلك إجراء تجربة صاروخية متقدمة في البحر الأحمر مؤخرًا، وأنه تم إرجاع سفينتين بعد إجرائهما محاولات عدة خلال أربعة أَيَّـام الأسبوع الماضي، كانت تحاول الوصول إلى ميناء عدن لنهب الغاز اليمني، وتم تهديدهما بقصفهما إن أصرتا على تنفيذ جرائم النهب، ومخاطباً أبناء المحافظات الجنوبية أكّـد الرئيس المشاط أن صنعاء سمحت بنقل غاز مأرب إلى عدن لتشغيل كهرباء عدن لأهل عدن لتتحول إلى مادة ينهبها المرتزِقة والمحتلّون، ولفت الرئيس إلى الراتب ومسؤولية صنعاء لانتزاع هذا الحق وغيره ولو بالحرب، وكشف الرئيس أن السفارة الأمريكية في الرياض تعمل مع حمقى في الداخل وفق خطة مكشوفة لزعزعة الداخل اليمني وسرق الأنظار عن أولويات الشعب في مواجهة العدوان والحصار.
الجبهة الداخلية محصَّنة ومحاولة استهدافها مردودةٌ على العدوّ، والخطة البديلة عن الفشل العسكري لن تصنع له الانتصار، ولن تحقّق له الحد الأدنى منه، ومن أسقط رهانات الاجتثاث لليمن الثائر سيسقطْ ما سواها، والخطابُ للسعوديّة أن تسارع لتصحيح قراءتها؛ فالدفع الغربي والأحقاد المتراكمة لن تقودَها إلا نحو مزيد من السقوط.
تهرُّبُ واشنطن والرياض من واقع الاحتلال في المحافظات المحتلّة إلى استهداف صنعاء للتغطية على واقع الانهيار والفوضى هناك أولاً، ثم لحماية التحَرّك الأمريكي المعلن، وقد ظهرت مؤخّراً قوات من المارينز في سيئون، وتجولت في مناطق ومدارس للبنين والبنات، دون حضور أي ممثل عن سلطة المرتزِقة، وليس غريباً ألا يتم إبلاغُهم عن الزيارة، فهم بنظرهم مُجَـرّد أدوات لأدواتهم الإقليمية، وفي هذا السياق تعلن رابطة علماء اليمن رفضها لهذا التواجد، وتدعو إلى وجوب مواجهته، وتؤكّـد أن المسؤولية الإيمانية والوطنية على أبناء المحافظات المحتلّة أوجب، ومصير المحتلّين إلى زوال.