من تقوى القلوب
يوسف المقدم
إن من أعظم وأقدس الأعمال -التي تزيد القلوب تقوى والأنفس تزكيةً وَرقياً- التعظيم لمن يستحق ذلك من العظمة وَالتجليل.
يقول الله أعزّ قائل: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
أُولئك أصحاب القلوب التقية هم من يحملون هذا التعظيم لشعائر الله ومعالم دينه وأعلام عبادته واحترامها وإجلالها، وكلّ ذلك التعظيم يعود إلى تقوى القلوب وَطهارتها.
إنَّا والله قادمون على شعيرة من شعائر الله العظيمة ألا وهي ذكرى مولد خير البرية ورسول الله في أرضه ومنقذ الأُمَّــة من بر الهلاك إلى بر النجاة بإذن ربه.
ويا لها من عظمة من أن نجل مثل هذه الشعيرة المباركة وخُصُوصاً بمثل هذا العصر الذي لطالما فقدت الأُمَّــة الإسلامية هذه العظمة، وتمادى الأعداء لفصل الأُمَّــة عن هذه الشعيرة المباركة وبقية الشعائر الإلهية، وتوجّـه أقسى الإساءَات لنبي هذه الأُمَّــة وكتابها وقد تطاول من تطاول من خنازير البشر لحرق القرآن الكريم والإساءة لمنذر الأُمَّــة محمد -صلى الله عليه وآله وسلّم-.
وكان ذَلك على مرأى ومسمع وصمت مخز من كُـلّ شعوب الأُمَّــة الإسلامية رغم كُـلّ تلك الإساءَات المتكرّرة ضدها، وفوق ذلك لم نر من يحرك ساكناً من أبناء هذه الأُمَّــة أَو يدين ويستنكر أعمالهم المسيئة لِشعائر الدين الإلهي عدا قلة قليلة من مجاهديها الشرفاء هم من حملوا السخط للأعداء والتعظيم لشعائر لله.
لو كُـلّ واحد منا وجه لنفسه هذا السؤال، لماذا فقدت الأُمَّــة عزتها وعظمتها وتقواها وزكائها؟
عندما تتهرب الأُمَّــة الإسلامية من الجهاد في سبيل الله تضرب بالذل والخنوع والانبطاح، يقول الإمام علي -كرم الله وجهه-: “ما كره قوم حر السيف إلا ذلوا”.
عندما حملت الأُمَّــة العظمة شعائر المطربين والمطبعين وأكلت السحت وَأنفقت الكثير من الأموال الباهظة لشراء مطربة أَو مغنية أَو لاعب كرة قدم.
وجعلت من شعائر الدين الإلهي تبدعاً وتخلفاً، وترى الإنفاق في سبيل ذلك وتعليق زينة خضراء في سطح منزل أَو شارع؛ استهلالًا وفرحاً وتعظيماً لشعيرة من شعائر الله بذخاً وإسرافاً وتسخر كُـلّ أدواتها في الداخل والخارج وَالشبكة العنكبوتية للتصدي لمن يُمجدون تلكم الشعيرة الإلهية بحجج مفندة، لو أنفقت هذه الأموال (يقصد بذلك تكاليف الشعارات الخضراء والزينة الذي تعبر عن الفرح والإجلال) للفقراء، بينما هم ينفقون أموالاً باهظة للراقصات المطربات ناشرات السوء، ثم لا ينظرون بذلك حقاً للفقراء، ها هم من تسمونهم بالفقراء هم من يستهلون فرحاً وابتهاجاً وَإجلالاً لشعيرة من شعائر الله (مولد الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله).
كيف لا نستهل فرحاً ونزداد شوقاً ونضيء زينة وقد أشرق الكون نوراً؟!
كيف لا نفرح والأرض بقدومهِ تطيبت عوداً وعطراً؟!
كيف لا نرفع شعارات اسمه عزاً وفخراً؟!
كيف لا نفرح وقد أورث لنا نورَه إيمَـاناً وعلماً؟!
كيف لا نمرح وولاؤنا له أثمر لنا توفيقاً ونصراً؟!
كيف لا نفرح وأعداؤنا كادوا لنا كيداً؟!
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).