{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}
عبدالقوي علي علي أبو هاشم
عمل الأعداء بكل وسيلةٍ على فصل الناس عن الأنبياء وأعلام الهدى من ذرِّيَّة الأنبياء وورثتهم، وفصلوا الناس عن النماذج الذين اختارهم الله سبحانه وتعالى ليكونوا قدوات للبشر، وفصلوا الأُمَّــة عن النبي محمد -صلوات الله عليه وآله- بمختلف الوسائل والأساليب؛ فطمسوا آثارَ رسول الله -صلوات الله عليه وآله- وحتى آثار صحابته وأهل بيته في مكة المكرمة والمدينة المنورة بدعوى حماية الناس من الشرك والبدع، في الوقت الذي حافظوا فيه على آثار اليهود في خيبر وبني قريظة وغيرها ولم يروا في ذلك بأسًا ولا شركًا، واعتبروا تعظيم رسول الله شركًا بينما الله يقول: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وهل هناك أعظم شعيرة من رسول الله صلوات الله عليه وآله؟ وهل جاءت الشعائر إلا على يد رسول الله؟
وعملوا على فصل الأُمَّــة عنه بالثقافات المغلوطة والمشوهة والمخالفة للقرآن بدعوى نشر فضائله وأخلاقه، وفصلوا الأُمَّــة عنه بمنع الاحتفال به وتوقيره، بينما الله يقول: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}؛ واليوم وجدنا نتائج ذلك الفكر في كثير من شباب الأُمَّــة وشاباتها، الذين يبحثون عن القُدوة بفطرتهم التي فطرهم الله عليها، وحينما لم يجدوا في المناهج ووسائل التثقيف والتوعية قدوات إسلامية عظيمة، اتجهوا نحو الشرق والغرب؛ بحثًا عن قدوات، ووجدوا في الإعلام ترميزًا وتكَبيراً للمغنين والممثلين واللاعبين الرياضيين وغيرهم؛ فأصبحوا يقلدونهم ويقتدون بهم في الثقافة والتوجّـه وحتى في الملابس وقصات الشعر، ونرى أنّ أكثر من يقلدهم هو الشباب الخليجي والسعوديّ الذي تعرض أكثر من غيره للفكر الذي فصله عن رسول الله -صلى الله عليه وآله- وأعلام الهدى، حتى وصل الحال إلى أن يمسخوهم عن فطرتهم البشرية ويصورون لهم بأنّ الإلحاد: حرية والشذوذ: حضارة، وفي الأخير نراهم أولياء لليهود، ممسوخي الفطرة، فاقدي الغيرة والرجولة والعزة، وُصُـولاً بهم إلى ما يريده العدوّ من التولي الخالص لليهود.
نرى البعض عندما يرون مظاهر الفرحة والابتهاج برسول الله، ويشاهدون الزينة والإضاءة باللون الأخضر تغمر الأرض اليمنية؛ يثيرون الضجة ويقولون: “لو كانت تكاليف هذه الزينة للفقراء لكان أفضل”، ونحن نقول لهم: اليوم كُـلّ إنسان يحب رسول الله ينفق من خالص ماله ليظهر فرحته برسول الله، وكلّ الزينة التي ستشاهدونها، كثير منها هي من زينة الأعوام الماضية، ولا تساوي شيئاً مقارنة بالنفقات الكبيرة التي كانت تُنفق في السابق في احتفالات شخصية وَحزبية، ومعظم من يحتفل بمولد النبي هم الفقراء الذين نصروه في حياته، ونصروا رسالته بعد وفاته، وهم أنصار الأنبياء والحق عبر الأزمان، والاحتفال بمولد النبي لا يسبب الأزمات؛ بل نحن نحتفل بمولد النبي لكي نخرج من حالة الفقر والأزمات، ونوصل رسالة للعالمين أنّ هذا هو نبينا وقدوتنا.
وقد كتب أحد الكتاب البريطانيين في العام الماضي بعد المولد قائلًا: إنّ الاحتفالات المليونية في اليمن بعيد ميلاد نبيهم ستدفع فضول الرجل الأُورُوبي ليبحث عمن هو محمد، وَإذَا عرف من هو محمد فيمكن أن تسلم أُورُوبا كلها؛ فأعداء الإسلام من البريطانيين والأمريكيين والإسرائيليين يقلقون، وللأسف فهناك من هو مسلم ورغم ذلك يقلق معهم وينزعج ويتعلل بمبرّرات واهية.