فرنسا وإعادةُ الشرعية في النيجر
كوثر محمد
سلسلة مُستمرّة من الحروب والاعتداءات العسكرية بحق حرية الشعوب وتقرير مصيرها، فكلما كانت هذه الدول ذات ثروات كبيرة كان الطلب عليها أكبر وَالوصاية عليها بأي طريقة مهم جِـدًّا لمصالح تلك الدول، وعند يقظة تلك الشعوب تجد تحَرّكات عالمية لإيقاف تلك الصحوة المفاجئة وغير المعهودة، محاولين إعادة الشعب إلى السبات وتسيير مخطّطاتهم وهيمنتهم، كُـلّ هذا؛ بسَببِ نهب ثروات كبيرة لسنوات طويلة من دول كبرى تقتات على خيرات دول جعلتها فقيرة لتستمر هي في ثرائها.
وعندما تندلع شرارة الحرب الأهلية من المهم أن ترقب في أي طرف ستقف الدول الغربية فقد بات معروفًا بسلسلة الأحداث التي تبدأ بإخراج الشعب إلى الشارع كربيع للتغيير، ولكن لا يدرك الشعب خطورة ما حدث إلا بعد أن يرى الدبابات والمصفحات في الشوارع وَيرى الجرائم والمجازر بكل مكان دون أن يعلم بأنه مسيَّر فقط وليس مخيَّرًا فيما يحدث، فإما أن يأخذ المال ويقاتل ضد وطنه أَو يظل جائعاً وينتهي إما ميتاً من الجوع أَو مقتولاً في هذه الأحداث، لكن هل سيموت وهو قد حدّد موقفه في إنهاء هذا الاحتلال أم سيبقى محايداً فقط!!
يستعين الغرب الثري بكل الوسائل ومنها العملاء والمرتزِقة وتجار الحروب، فتنفيذ العملاء لكل ما يطلب منهم من جرائم بكل الأنواع والأشكال، لا يدرك الشعب ذلك، والدول الغربية تفرض سفرائها كمنصبين على الدولة والشعب ويقفون بجانب طرفهم العميل، بكل وقاحة وبكل جرأة على أمن وسلامة شعب بأكمله، كمَـا هو الحال في النيجر وَسفير فرنسا المنصب كوصي على النيجر وكلّ ما فيها، فاليورانيوم الذي يتم أخذه من النيجر مهم جِـدًّا لفرنسا وَلمستقبلها ويستحق من فرنسا المجازفة من خلف البحار إلى النيجر وغيرها من دول أفريقيا.
ولكن عندما يقف الأحرار في مواجهة كُـلّ ذلك وتقوم النيجر عبر المجلس العسكري بانقلاب على السلطة الحاكمة وَيطالب بطرد سفراء الغرب خلال فترة زمنية تم تحديدها من قبل المجلس العسكري؛ بسَببِ تدخلهم في شؤون الدولة، ولكن السيادة تلك لا أهميّة لها أمام قوى الغرب التي تقوم بتغذية العملاء بالأسلحة والأموال لمواجهة السلطة وَإن استدعى الأمر ستقوم بإرسال قواتها وأساطيلها البحرية والجوية لتقتل كُـلّ من يبحث عن الحرية وسط بلاده.
هكذا هم الغرب المتعجرفون بقوتهم، الباحثون عن الحياة والعظمة في فقر وضعف الدول، تلك الدول التي لطالما كانت غنية ولكنهم عملوا على جعلها فقيرة متخلفة في خطةٍ ممنهجة لأخذ ثرواتها طوال الوقت، وَأما عن أهلها فهم مُجَـرّد عبيد يعملون بأقل الأسعار أَو عملاء يحركونهم في أي وقت أرادوا.
وبسبب تلك الحروب يهرب الشعب من ويلات الحروب إلى الدول المجاورة لهم للبحث عن الأمان أمام مسلسل القتل وَالإجرام الذي يتكرّر يوميًّا، ولكن قد يموتوا في رحلة الهروب الخطرة تلك أَو قد يصلون إلى دول أُخرى هي أَيْـضاً تعاني من ويلات الحروب وانعدام الأمن فيها، فقد أصبح الاستعمار إخطبوطًا كبيرًا يضع أذرعه على مختلف الدول بصورة مباشرة أَو غير مباشرة.
وهكذا هي مسرحية إعادة الشرعية الكاذبة التي يردّدها العدوان الفرنسي في كُـلّ يوم يضع يده على منطقة، وَتقوم فيها الحروب ليوهم العالم بصدقه وَأحقية دوره في تلك الدول، وهو إنما يقوم بالتظليل الإعلامي عن ما يجري في تلك الدول، فيمثل دور المضحي والباحث عن السلام وهو الجلاد الحقيقي لتلك الشعوب.
والآن وبعد أعوام نهض النيجر في ثورةٍ عارمة، يبحثون عن أرضهم وثرواتهم ويتوعدون من سلبهم ذلك بالجحيم القادم من بؤسهم ومعاناتهم، أمام تعنت فرنسي في الخروج من أرضهم، من هنا تقدم النيجر نموذجاً مشرفاً لبقية الدول الأفريقية التي ما زالت تعيش تحت مظلة الاستعمار، في رفع شعار الثورة وَإعادة السيادة ونيل الاستقلال وَرفض الهيمنة والوصاية الخارجية، وَالأيّام القادمة كفيلة بكشف المزيد من الأحداث والمخطّطات في مناطق أُخرى.