تغييرُ المناهج التعليمية السعوديّة.. قُربانُ ابن سلمان للصهاينة
المسيرة – أيمن قائد- منصور البكالي:
يتحَرَّكُ النظامُ السعوديُّ في مساراتٍ متعددةٍ؛ بُغيةَ الوصولِ إلى التطبيعِ مع الكيان الصهيوني، وإرضاء الإدارة الأمريكية، مستهدفاً كُـلَّ الثوابتِ والقِيَمِ التي اعتاد المجتمعُ السعوديّ عليها منذ سنوات عدة.
وأثار تغييرُ المناهج التعليمية في السعوديّة مؤخّراً سخطاً عارماً ضد المجرم انن سلمان “خادم الصهاينة”؛ بفعل الجرأة على حذف آيات تتعلق بالجهاد، وتصوير الكيان الصهيوني المحتلّ للأراضي الفلسطينية منذ 1984م، بالصديق الحميم، ومحاولة غرس مفاهيم للجيل السعوديّ بصوابية أعمال تتنافى مع الفطرة البشرية كدعم “المِثلية الجنسية”، والسحر، والشعوذة.
ويأتي هذا الانجرارُ السعوديّ نحو تغيير المناهج التعليمية، مع حملات مسبقةٍ استهدفت رجالَ الدين والعلماء بالمملكة، والزج بهم في غياهب السجون، وحملات أُخرى هدفت إلى نشر الفواحش علنياً، من خلال تأسيس المراقص، واستقطاب الملحدين، وَ”المِثْلِيين”، والشواذ إلى “جدةَ”، وإلى أماكنَ قريبة من مكة المكرمة.
ولم يتوقفِ الأمرُ عند هذا الحد، بل تحوّلت مملكةُ ابن سلمان، إلى ملجأٍ آمنٍ للصهاينة، وفيها يتم استقبالُ اليهود الإسرائيليين بكل رحابة صدر، وبحفاوة لم تحدث من قبل.
ويرى مديرُ عام المناهج بوزارة التربية والتعليم بصنعاء سابقًا، الدكتور ضيف الله الدريب، أن “المناهجَ الدراسيةَ تُعتبَرُ البوابةَ الرسمية للدخول إلى عقولِ الأجيال الصاعدة، وهي التربية الخصبة التي يراهن عليها العدوّ الصهيوني في زراعة الأفكار المغلوطة، وترسيخِها لدى الملايين من أبناء المسلمين، وبالتالي يصبحُ من السهل ابتلاعُهم، والسيطرةُ عليهم فكرياً وثقافيًّا ودينياً، وتوظيفُهم مستقبلاً من حَيثُ يشعرون أَو من حَيثُ لا يشعرون؛ لخدمة المشروعِ الصهيوأمريكي في العالم الإسلامي”.
ويتابعُ الدريب في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن “المناهج الدراسية لها أهميّةٌ في زرع القناعات وتحويلها، والانحراف بها عن المسار الذي يريده الله -سُبحانَه وتعالى-، والذي رسمه لنا في كتابه العزيز القرآن الكريم، وحاول هذا المنهج حراسة أبناء أمتنا سنوات متعاقبة، وفترات طويلة؛ ليأتي العدوّ الصهيوني بكل بساطة ليخترق ذلك المنهج الدراسي، عبر بوابة النظام السعوديّ الذي يتربص بأبناء الأُمَّــة الإسلامية الدوائر، ولا يهمه سوى إرضاء الصهاينة، والأمريكيين، حتى لو كان ذلك على حساب تغيير ومسخ الهُــوِيَّة الدينية لأبناء شعوب الأُمَّــة برمتها”.
ويؤكّـد الدريب أن “تحويلَ بُوصلةِ العِداءِ في أذهان الأجيال، يشكل خطورة بالغة وخطورته تتمثل في الكفر بما أنزل الله، الذي أنزل لنا في كتابه العزيز، ووضح لنا مَن هم الأعداء، وذلك في قوله تعالى: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا]”، لافتاً إلى أن “المناهج الدراسية في السعوديّة، حولت العداء في أذهان الأجيال الصاعدة إلى عدوّ وهمي يمكن التحالف معه، كمسلم لمواجهة العدوّ الصهيوني، وفي ذلك خطورة كبيرة”، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى يقول: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ].
ويشير إلى أن “المناهج السعوديّة، تُريدُ حَرْفِ بُوصلة العداء إلى الشيعة، وإلى المجاهدين الأحرار في سبيل الله في جميع بقاع الأرض، الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا”، منوِّهًا إلى أن “هذه المناهجَ ستُنشِئُ أجيالاً جديدة بقناعات جديدة؛ نتيجةً لتحريف بوصلة العداء في أذهان الأجيال الصاعدة، الذين هم ضحية للنظام السعوديّ، ومناهجه المتصهينة، التي أراد الصهاينة اختراقها، بافتعال هذه الانحرافات الخطيرة، والشطحات الكبيرة”.
ويبين الدريب أن “الإنسانَ منذ صغره ينشأُ على هذه الثقافة التي تحكَّمت بسلوكه وتفكيره في المناهج الدراسية، وحين يصبح مسؤولاً إدارياً، وذا مكانة في الحكم، سيكون خادماً ومطيعاً للأمريكيين، والصهاينة، الذين دجّنوه، ودرسوه هذه الأفكار عبر النظام السعوديّ”، مؤكّـداً أن “ما قام به النظام السعوديّ ليس بالمسألة السهلة، بل هو أمر شديد الخطورة، ويقصم ظهر الأُمَّــة، ويستهدف دينها، وسيكون لذلك امتدادٌ واقعيٌّ، والامتدادُ الواقعي تنتجُ عنه مواجهاتٌ عسكرية، كما يحصل اليوم في اليمن، وكما يحصل في العراق، وفي دول أُخرى، التي تقاتل المسلمين تحت مِظلة الصهاينة، وتقاتل الدين الذي صنعته أمريكا”.
ويواصل “وبذلك تهدر الأمور سواءً بالنسبة للسعوديّة التي تجنّد نفسها لأمريكا، أَو بالنسبة للمسلمين الذين ينتظرون من أجيالهم القادمة أن يكونوا فاتحين لما تبقى من الكرة الأرضية، فتحاً دينياً، وفتحاً ثقافيًّا، فتحًا يصل من خلاله هدى الله إلى أصقاع الأرض، وهذه الخطورة سيترتب عليها، معارك ميدانية خاسرة سيخوضها النظام السعوديّ، وسيخوضها المسلمون الحقيقيون في مواجهة المخطّطات الصهيونية، التي تأتي داخل المناهج السعوديّة”.
ويرى الدريب أن “تغيير المناهج في المملكة السعوديّة له العديد من الأبعاد والدلالات الخطيرة جِـدًّا فيما يتعلق بمستقبلنا الإقليمي، أَو الداخلي؛ لأَنَّ النظام السعوديّ عندما فشل في اليمن، وفي غيره في إدارة الكفة الثقافية في مناهجَ كانت تؤلف، وتُصمَّم، وتطوَّر على الكيفية السعوديّة، وعندما فشل في السيطرة على اليمن، وفشل ذلك النظام في السيطرة العسكرية في ميدان القتال، سواءً في اليمن، أَو سوريا والعراق، أَو غيرها من الدول العربية عاد إلى المناهجِ الدراسية لديه؛ ليغيِّرَ من مضامينها ومقاصدها ليخدمَ الصهاينة، ولو بشيء يسير”، مبينًا أن هذا “النظام مُستمرّ في خدمة الأجندة الصهيونية منذ نشأته، وفي هذه المرحلة أرادوا من خلال تغيير المناهج حسب المخطّط الصهيوني التوضيحَ بأنهم يكنُّون لليهود كاملَ التقدير والمودة والولاء”.
ويوضح الدريب أن “النظام السعوديّ اليوم لا يملك شيئاً، بعد أن خسر في حربه في اليمن، وسوريا وغيرها من الحروب التي كان يديرها، عبر أدواته التكفيرية “كتنظيم القاعدة وداعش وغيره”، وهو الآن يريد أن يتشبث بشيء من الولاء من خلال المناهج الدراسية التي كانت واجهته أمام الأُمَّــة، بأن النظام السعوديّ خادم الحرمين الشريفين، وهو من يطبع القرآن الكريم، ويوزعه في أصقاع العالم، والكثير من الدعايات”، لافتاً إلى أن “وصول النظام السعوديّ إلى مستوى الاستجابة لتوجيهات الصهاينة، وخدش الآيات القرآنية من المناهج التربوية، وحذف المصطلحات التي تؤذي مشاعر اليهود، مثل مصطلح “العدوّ الصهيوني” يعتبر انسجاماً كاملاً، ومطلقاً مع المخطّطات الصهيونية المستهدفة للأجيال”.
ويحذّر الدريب النظام السعوديّ من تداعيات هذه التغييرات، داعياً الأُمَّــةَ والشعب السعوديّ للتحَرّك، والدفاعِ عن هُــوِيَّته، ودينه، و”سينتج عن هذا التحَرّك التعجيل بسقوط النظام العميل، والمخلص في عمالته وارتهانه لليهود والنصارى”، لافتاً إلى أن “علينا كأمة مسلمة، وكشعب يمني مسلم، أن نواجه الصهاينةَ ومن يتواطأ معهم ويسعى لتنفيذ أجندتهم ومخطّطاتهم، من منطلق الوعي والبصيرة والحرص على تحصين أجيالنا بالثقافة القرآنية”.
ويعتبر الدريب “تغييرَ المناهج السعوديّة خلال هذه المرحلة، محاولةً لتغيير الهُــوِيَّة الإسلامية للشعب السعوديّ والأمة، بل هو انتماء كامل للصهاينة، الذين كان انتماؤهم في ما سبق خفياً قائماً على تواصل خفي، وسري، وتطبيع خفي مع العدوّ الصهيوني؛ فأصبح اليوم كُـلّ شيء جليًّا، وواضحًا للأُمَّـة الإسلامية، بأن النظام السعوديّ قد تجرأ بتغيير مناهجه التعليمية بما يروق لأسياده من أعدائنا اليهود”.
120 ألف تعديل شملت 300 كتاب:
وفي هذا الصدد” يقول وكيل وزارة التربية والتعليم، محمد غلاب: “في وقت يسعى أبناء الشعب اليمني لتعزيز ارتباطهم بالله سبحانه وتعالى ورسوله وأعلام الهدى من أهل بيت نبيه، وَأَيْـضاً في بناء وحدة الأُمَّــة؛ تتجه قيادة السعوديّة إلى خيانة الله ورسوله والأمة والأجيال ضمن عمل ممنهج ومنظم لتهويد المناهج الدراسية السعوديّة في خطوة خطيرة لتجريف الهُــوِيَّة الإيمانية من خلال فكر الجيل الناشئ، والعاملين في الحقل التربوي السعوديّ والمجتمع في نجد والحجاز”، مبينًا أنه قد سبق ذلك حالة الانحطاط في المراقص والملاهي والخمر الحلال، والحفلات التنكرية الشيطانية، وشرعنة ذلك عبر هيئة تسمى هيئة الترفيه.
ويضيف غلاب في تصريح خاص لـ “المسيرة” أن “التعديلات التي أقدمت عليها السعوديّة في المناهج الدراسية، هو عملٌ مستفز لكل مسلم، وكذلك عمل مُخزٍ للقيادة السعوديّة وكلّ أتباعهم”، معتبرًا مسارعةَ السعوديّ في خَطِّ الخيانة والإجرام وبجرأة مؤشرًا خطيرًا جِـدًّا، يبيِّن مدى تغلغل العدوّ الأمريكي والإسرائيلي في انتهاك سيادة الإرادَة العربية وسلبها قرارها، ويعطينا في السياق ذاته أن خادمَ الصهاينة محمد بن سلمان، ليس إلا أدَاة قذرةٌ للعدو الأمريكي والصهيوني في تنفيذ سياساتهم وأجندتهم العدائية بحق المسلمين”.
ويوضح أن “العدوّ الصهيوني يعمل بصورة كبيرة مع المجرم السعوديّ لعدة أسباب:- أهمها وفي مقدمتها: وجود المقدسات الدينية، فيها مكة قبلة المسلمين، والمسجد النبوي، وقلقهم من التأريخ الإسلامي العظيم، الذي يوضح ويبين جهاد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في مواجهة خداع، ومكر، وكفر اليهود، وهزيمتهم، وطردهم”.
ويتابع غلاب بالقول: “في إطار الحراك المشؤوم الذي تقوده السعوديّة في المنطقة للتطبيع مع الكيان اللقيط، وكذلك استجابة لقرار مجلس الأمن القومي الأمريكي المنشور في تقريره في أواخر عام 2017م، والذي ينص على “فرض تغيير مناهج التعليم في الدول الإسلامية ومنع وصول المتدينين إلى المناصب العليا في وزارات التربية والتعليم”، والذي أعقبه زيارة للرئيس الأمريكي الأسبق ترامب إلى السعوديّة عام 2018م، وعقب الزيارة صرح أحمد العيسي وزير التعليم في السعوديّ، إن الوزارة تعمل على محاربة الفكر المتطرف بإعادة صياغة المناهج الدراسية السعوديّة بالاستعانة بـالرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال والصغار”.
ويعتبر غلاب أن “الهدف ليس كما يدّعي وزير تعليم السعوديّة محاربة التطرف، بل هو استبدال معاداة الصهيونية والاحتلال، بالتعايش والسلام، كما صرّح بذلك تقرير مجلس الأمن القومي الأمريكي، وَتقرير اللجنة الأمريكية للحريات الدينية والذي طالبت فيه بالضغط على السعوديّة، بسرعة تعديل المناهج الدراسية وحذف كُـلّ ما يحرض على العنف والعداء تجاه الصهيونية”.
ويقول: “عند تحليل واقع التعديلات التي تمت في المناهج الدراسية السعوديّة، نجد أنها تمت في مواد ومقرّرات الشريعة الإسلامية، والتأريخ، واللغة العربية؛ بمعنى أنها شملت قضايا رئيسيةً وسيادية: (القضية العقائدية، القضية التاريخية الإسلامية، قضية الهُــوِيَّة الدينية)، وعلى سبيل المثال لا الحصر تنوعت قضايا الحذف بين (الولاء والبراء، الاختلاط بين الذكور والإناث، آيات الجهاد)، ما يشير إلى العداء لليهود الصهاينة، وَما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وغيرها من القضايا.
ويواصل قائلاً: “إن في تعديلات الإضافة تم على سبيل المثال (تعميم ثقافة السلام بين المسلمين واليهود الصهاينة، وَالاعتراف بالكيان الإسرائيلي، كدولة مباركة، وأن وجودها هو تحقيق لوعد الله لإبراهيم -عليه السلام- وَتعميم المساواة بين الجنسين، وتعميم جريمة “المثلية”، وإعلانات الأمم المتحدة، وكذلك توجيه العداء نحو الداخل الإسلامي رفضاً وتكفيراً وتحقيراً، والتقليل من قداسة القرآن الكريم والرسول محمد -صلوات الله عليه وآله- ومكة المكرمة، والمسجد النبوي، وبيت المقدس، والتعبئة الخاطئة ضد أبناء الإسلام، وغيرها من القضايا والتفاصيل).
ويؤكّـد غلاب أن “التعديلات في المناهج الدراسية السعوديّة شملت 300 كتاب دراسي أُدخل فيها أكثر من 120 ألف تعديل، وبالمقابل لم يتم التعديل أَو التطرق إلى مناهج المواد العلمية كالرياضيات، والعلوم، والفيزياء، والكيماء، والأحياء، والتكنولوجيا، والتقنية وغيرها؛ ولذلك فالواقعُ يقول إن السعوديّة تتجهُ من الوهَّـابية إلى الصهيونية وإلى تغريب ما تبقى من الهُــوِيَّة الدينية”.
ويرى وكيل وزارة التربية والتعليم أن “هذا العمل العدائي والإجرامي من قبل الأمريكي والإسرائيلي يأتي في إطار الصراع مع العدوّ الصهيوني، حَيثُ يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأعدائكُمْ، وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا)، موضحًا أن العدوّ واضح، وحركاته مكشوفة، وأطماعه لا تحتاج إلى أدلة، ولكن السعوديّة تسعى للعمل وفقاً لسياسة الاسترضاء للأمريكي والإسرائيلي؛ مما يجعلهم يسارعون فيهم في عمل نفاقي يثبت أن في قلوبهم مرضًا”، مخاطباً السعوديّ الأرعن بقوله: “إن سياسة الاسترضاء غير مُجدية مع الصهاينة وكلّ أعداء الأُمَّــة، ومهما عملت وقدمت وتنازلت، وغيرت وطبعت سياسيًّا وثقافيًّا وفكرياً فلن يرضوا عنهم”، مستدلاً بقوله تعالى: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).
ويدعو غلاب علماء الأُمَّــة بأن يخرجوا عن صمتهم، ويستنكروا ويدينوا هذه الخيانة والعمل الإجرامي وتوضيح خطورة ما يقوم به صبيان آل سعود قبل أن يصيبهم عذاب الله كما قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- (لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ، فَلَيَسُومُنَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، ثُمَّ يَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ)، متبعاً أن “على الدول الإسلامية استنكار ذلك وعليها أَيْـضاً أن يكون لها دور كبير في الحفاظ على الجيل في المناهج الدراسية وربطهم بالله تعالى ورسوله وأعلام الهدى من أهل بيت رسوله”.
مؤشرٌ كارثي على مستقبل الأجيال:
وفي السياق يقول الباحث، والمفكر يوسف الحاضري: “إن ما يحصل من تحَرّك فكري وثقافي على أرض الحرمين الشريفين بما يخدم التوجّـه الصهيوني اليهودي ينذر بكارثة على مستوى الحاضر والمستقبل، خَاصَّة في أجيالنا القادمة”، مُشيراً إلى أن “الصهاينة خططوا برؤية طويلة المدى خَاصَّة وأن هناك لجنةً مشكَّلةً من قبل أمريكيين وصهاينة وبريطانيين خبراء في كُـلّ جوانب التأثير على النفسية للأطفال والشباب، وكيف يتلاعبون بعقولهم ويضللونهم ويشوهون فطرتهم وثقافتهم، بما ينعكس لصالحهم ومخطّطاتهم لاحتلال البشر من خلال السيطرة على عقولهم كخطوة متقدمة لتجهيزهم ليكونوا أسلحة، وأدوات ضد الإسلام، ورموز الإسلام، وضد العرب والعروبة”.
ويضيف الحاضري لـ “المسيرة” أنه “فيما يتعلق بالمخطّط الصهيوني إذَا تمت السيطرة على الشباب وعقولهم وعلى النشء وأفكارهم يعني أنهم يسيطرون على الأرض، والثروات والدين ومعالم الدين”، موضحًا أن “خطورة استهداف أبناء السعوديّة تكمن في أنهم يديرون الحرمين الشريفين التي هي مراكز النور، والاجتماع، والتوجّـه للمسلمين في أصقاع الأرض، وَهنا مكمن الخطر الحقيقي لتدمير الإسلام والمسلمين عبر تغيير مناهج وأفكار حتى لو وصل الأمر لتحريف معاني القرآن الكريم، وتغيير مساره، وحذف بعض آياته، كما يحصل الآن في مملكة آل سعود”.
ويؤكّـد أنه “يجبُ على المسلمين قاطبةً في أصقاع الأرض التصدي لهؤلاء المجرمين، وأهدافهم، ومخطّطاتهم؛ فالسكوت يعني سكوتًا على انتهاك أهم مقدساتنا الإسلامية، وليست خَاصَّة بآل سعود”.
من جانبه، يرى د. محمد عبدالله الشرعبي، أن “ما يحدث من تغييرات في المناهج السعوديّة هو أمرٌ ليس جديدًا على بلد كانت مناهجه السابقة، أَيْـضاً مناهج تحرف الحقيقة، وتلبسها ثوباً من العقائد الدينية الباطلة التي ليس فقط سايرت العصر السابق، بل صاغت أفكار وعقول المستهدَفين به بالطريقة التي مكَّنت الأسرةَ المالكةَ من تدجين عقولِ الشعب هناك خارجاً عما يقتضيه الدينُ الحقُّ وعما تحدثه العقيدة الإسلامية الصحيحة من استنهاض لعقول المسلمين ومن تثوير للشباب ضد الغطرسة الصهيونية والطاغوتية التي اغتصبت فلسطين وحاربت أحرارَ العرب ودمّـرتهم وقضت عليهم في كُـلّ بلاد بعد أن قتلتهم عقَدياً واستهدفتهم بشكل مباشر وبأيدٍ عربية وصهيونية ووهَّـابية”، لافتاً إلى أن “أهمها ذلك الذي تم بفعل تأثير المناهج السعوديّة السابقة والمشوِّهة للدين والمغيِّبة للقرآن ومعانيه الصحيحة والتقدمية وجعلتها تلبس ثيابَ الرجعية البالية التي لا علاقة لها بجوهر القرآن ودين الإسلام، وأن تلك المناهج باسم القيم الدينية المشوهة قد أَدَّت غرضها في المرحلة السابقة منذ نشأت تلك الدولة والمملكة الشيطانية الإفسادية”.
ويقول الشرعبي لـ “المسيرة”: “اليوم يستمر المشروع نفسه باستراتيجية جديدة اقتضتها مصالح بني صهيون بحيث تأخذ منحنى آخر في خدمة مشروعهم التوسعي التدميري لما بقي من قيم الأُمَّــة العربية والإسلامية الصحيحة بشكل عام بما فيها حتى تلك القيم الدينية المشوهة التي دعمتها المناهج السابقة والتي لم تعد فاعلة في خدمة المرحلة الجديدة؛ لذلك اقتضت المصلحة الصهيونية أن تتجه مملكتُهم العربيةُ اسماً، والصهيونية حقيقةً وفعلاً إلى اتّجاه مرحلي جديد، يبدو في الظاهر أنه اتّجاه تطويري وجديد؛ لتخليصِ الناس من الفكر السابق الذي لم تعد له حاجة إلى آفاق فكرهم التشويهي الجديدِ للعقيدة الإسلامية الصحيحة بطريقة تتناسَبُ مع توجُّـهِهم السياسي الجديد، والأكثِر خبثاً في هذه المرحلة، والذي سيعملُ على خدمته بأُسلُـوب متطور هو في الواقع أشدُّ فتكاً وأكثرُ خُبثاً”.
ويضيف أنه “كما صدروا مناهجَهم التعليمية والدينية الشيطانية السابقة في المرحلة السابقة خارج حدود مملكتهم فَــإنَّهم يسعون اليوم بكل السبل إن استطاعوا لتصدير فكرهم المسخ والجديد للخارج حتى يمهد ذلك المنهج، ويشكل الأرضية الفكرية المرغوبة لخلق عقلية عربية وإسلامية مشوهة تقبل بالتطبيع وبالخضوع لمخطّطات مشروع بني صهيون الشيطانية الجديدة القديمة التي تقتضي توسيع احتلالها لأكبر مساحة في الوطن العربي، وتحول دون انبثاق وعي عربي وإسلامي مقاوم لمشروعهم الخطير”.
بدوره يقولُ الناشط الثقافي نبيل المهدي: “إن ما وصلت إليه السعوديّة من انحراف عن منهج الإسلام وتعاليمه، وحتى تلك السطحية التي كانت تتمسك بها الطبقة المتدينة فيها، أصبح يبعث رسالة مفادها أن الفكر الوهَّـابي هو أخطر فكر على الأُمَّــة، فقد استطاع أن يعمل في اتّجاهين، بحيث خلق في مرحلة معينة متشدّدين ليس لهم هم إلا التكفير، وَالتفسيق على قشور الدين، وبذلك عكسوا نظرةً سلبيةً عن الدين وجعلوا حتى المجتمع السعوديّ نفسه يكره الدين ويصل به الحال إلى الإلحاد والشذوذ والخروج من الدين”، موضحًا أن “من نراهم يعلنون جهاراً نهاراً في مقاطع الفيديو أنهم قد تركوا الإسلام، ومن نراهم يحرقون القرآن هم سعوديّون، ومن نراهم يعلنون شذوذهم وخروجهم عن فطرة الحيوانات كُـلّ أُولئك صنعهم فكر الوهَّـابية، ومن رأيناهم في السابق يفجرون أنفسهم في العرضي في صنعاء وفي العراق ورأيناهم يذبحون الناس في سوريا وغيرها كُـلّ أُولئك صنعهم الفكر الوهَّـابي”.
من جهته يقول عبدالله غالب المؤيد: “إن التغييرات في المناهج السعوديّة خطوة أولى، لتسريع عملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كما عملوا مع النظام الإماراتي قبل ذلك”.
ويؤكّـد المؤيد أن “هذه الخطوات تدفع القيادة السعوديّة لإعلان وإبراز المولاة لليهود، واستهداف جيل كامل بثقافة يهودية في بلاد وأرض الحرمين الشريفين”، متسائلاً: “أين ذهب علماء البلاط؟! لِمَ لَمْ يستنكروا أَو يعترضوا؟! أم أنهم من المسارعين للتطبيع ومن الداعين له وهذا واضحٌ جِـدًّا من كلامهم وتصريحاتهم؟!