قلبي يحنُّ إلى محمد
احترام عفيف المُشرّف
في ذكرى مولدك يا سيدى –يا رسول الله- تهدأ قلوبنا المكلومة، وتسمو أرواحنا التي انغمست بطينتنا وخَفتَ سموها، وتتزكى أنفسنا التي تتلاعب الدنيا بها، بمولدك يا سيدي –يا رسولَ الله- نعودُ من الشتات الذي قد حَـلّ بنا، وتتضمدُ جراحاتنا الملتهبة، بمولدك يا سيدي –يا رسول الله- تنهمر مآقينا؛ شوقًا إليك، وتحمل في شوقها شكوى لا تُبَثُّ إلا إليك.
يمرُ علينا عامٌ فيه الكثير من المناسبات التي نُقِيمُ لها ما يوافقُها من الاحتفالات، وتتولى الأجساد الفانية الإعدادات والتنظيمات، حتى تحُلَّ علينا ذكرى مولدك المبارك فتذوبُ الأجساد وتقوم الأرواح وتخفتُ الأصوات بكلامها الدنيوي، وتترنم القلوبُ بحبِّها المحمديّ.
وفي كُـلّ عامٍ لنا موعد زمانه الثاني عشر من شهر ربيع الأول، نستوقف فيه الزمان، ويستوقفنا، تسري قلوبنا ومشاعرنا عبر الأزمنة؛ لتستقر في أعظم ذكرى لأعظم مخلوق عرفته الدنيا؛ لتعرج أرواحنا وترقى إلى سدرة الجلال والجمال، إلى روح الوجود الذى لولاه ما خلقت شمسٌ ولا قمرٌ، ولا نجومٌ وَلا لوحٌ وَلا قلم.
ويتجلى الإيمان في سماء قلوبنا وتنبعُ الحكمةُ من ثنايا كلماتِنا ومشاعرنا؛ لنحتفيَ ونُحيي ذكرى ميلاد من تحيا القلوبُ بذكره.
ذكرى مولد الحبيب محمد- صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المنتجبين- هي ذكرى السعادة التي دحرت الشقاء ولا يتكدر بسماعها إلا الأشقياء، هي ذكرى الحق التي أزهقت الباطل ولا ينكر إحياءَها إلا أهل الباطل، هي ذكرى النور الذى بدد الظلام ولا يعبس فيها إلَّا من هو غارق في الظلمات، هي ذكرى نستنشق منها الشذى العَطِر الذى يعمُ أريجه الوجود ولا يُحْرَم من راحتِهِ إلا ذوي الأفكار والعقائد العفنة.
وها نحن نرى أن من يستنكرون ويهاجمون المحتفلين بذكرى مولد الحبيب هم الذين تكون تصرفاتهم ومواقفهم سلبية تجاه كُـلّ المواقف الإيجابية؛ ليعكسوا بسلبيتهم قبح ما تحوي صدورهم وتقيح به أفكارهم، يُعرفون بعملهم ويُعرف عملهم بهم، فما هم إلا تلك البذرة الشيطانية التي زُرعت في نجد وبثت سمومها في جسد الأُمَّــة.
بذرة أُولئك ما زالت لا تألو جُهدًا في تحريم الفضائل والنهي عن المكارم، وتبيح قتل النفس التي حرمها الله وتحرم الابتهاج بذكرى مولد حبيب الله، لكن مهما حاول أهل الباطل أن يثنونا عن حب حبيبنا فلن يستطيعوا وليس بمقدورهم أبداً، فنحن أهل العشق المحمدي الذائبون فيه حتى الثمالة، نحن الذين كنا وما زلنا نقيم الموالد النبوية في ربيع الشهور، وفي كُـلّ المناسبات التي تكون معنا فلا نختم ما يكون معنا إلا بقراءة المولد وتشنيف الأسماع وتطهير القلوب وتحلية الألسن بالصلاة والسلام على بدر التمام وسيد الأنام.
صلوات ربي وسلامه عليك يا سيدي –يا رسول الله-.