تقرير:دروس الميدان تفشل محاولات كسب نقاط ما قبل الحل
دروس الميدان تفشل محاولات كسب نقاط ما قبل الحل
صدى المسيرة| إبراهيم السراجي
في الطريق إلى مفاوضات الحل السياسي المزمع عقدها في الثامن عشر من الشهر الجاري، تثبت قوات الجيش واللجان الشعبية أن سعي القوى الوطنية نحو الحل السياسي لم يكن اضطراراً فرضته ظروف المعارك فما تم تحقيقه في محافظة تعز على سبيل المثال بتأمين مديرية الوازعية بالكامل تؤكد أن عام من العدوان والقتال في مختلف الجبهات لم يتسبب في إنهاك القوات العسكرية.
ومن جهة أخرى يؤكد ما حدث في ميدي بمحافظة حجة أن قيادة الثورة لم ولن تتهاون مع تجاوزات العدو السعودي لتفاهمات التهدئة والتي أيضا لم تكن نابعة من ضعف وإنما من قوة أجبرت العدو على وضع وقف العدوان على الطاولة أما الانتصار الكبير في مواجهة محاولات الزحف على صحراء ميدي –باعتراف اعلام العدوان والمرتزقة-فهي أيضا تعزز من صدق القول إن السعي نحو السلام ليس نابعاً من ضعف بل امتداد لقناعة ثابتة لدى قيادة الثورة والقوى الوطنية أن ما حال دون الوصول للحل السياسي هو العدوان ذاته.
متابعة مواقف القوى الوطنية تجاه الدخول في مفاوضات الحل السياسي مشترطة وقف العدوان قبل الدخول فيها هو أولا يؤكد ثبات الرؤية لدى تلك القوى أن العدوان هو الذي عرقل الحل السياسي الذي كان في متناول اليد كما أكد المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر وثانياً يوضح أن القوى الوطنية لن تقع مرة أخرى في فخ الهدنة والمفاوضات كما حدث في جنيف1 و2 عندما استغلت دول العدوان اتفاقات الهدنة، التي أعلنت عنها الأمم المتحدة، وقامت بعمليات عسكرية واسعة كما حدث في الجوف تزامناً مع جنيف2.
- انتصار ميدي..السعي للحل لا اللهث وراءه
أعلنت الخطوة، التي اتخذها النظام السعودي بالانصياع للمفاوضات المباشرة بطريقة ما بات يعرف بـ”النزول من أعلى الشجرة، عن مرحلة جديدة من مراحل العدوان بدأت فيها مراكز الأبحاث والدراسات عبر كبريات وسائل الإعلام الغربية حديثها عن هزيمة العدوان والمفاجأة التي حققها الجيش واللجان الشعبية في مواجهة قوى العدوان.
التفاهمات المباشرة بين الجانبين اليمني والسعودي بقدر ما كانت هزيمة للثاني إلا أن الطرف اليمني كان حازماً في التعامل معها ويمكن استنتاج هذا الحزم من عدة جوانب تتعلق برد الفعل تجاه الاختراقات التي قام بها العدو السعودي خصوصا في ميدي.
حاول الجانب السعودي التنصل من مسؤوليته تجاه ما يحدث في ميدي قائلاً إنها جبهة داخلية لا ترتبط بتفاهمات التهدئة الحدودية بين الجانبين السعودي واليمني لكن قيادة الثورة لم تنطلي عليها هذه الذريعة مؤكدة أن الهجمات التي يشنها المرتزقة على صحراء ميدي كانت تنطلق من منطقة الموسم بجيزان وبمشاركة قوات الغزو وطيرانه.
وشنت مجاميع المرتزقة وقوات الغزو ثماني محاولات زحف خلال خمسة أيام تكبدت فيها واحدة من أكبر خسائرهم على الإطلاق حتى أن بعض الوسائل الإعلامية التابعة للعدوان عنونت أخباها بالقول إن “قوات هادي” تعرضت لمذبحة كبيرة في ميدي وهنا أثبتت قوات الجيش واللجان الشعبية أنها على جاهزية عالية وليست متأثرة بالتفاهمات او اقتراب المفاوضات السياسية ولكن الدرس الذي يجب ان يصل للعدو السعودي لم يكن قد وصل بعد.
على وقع محاولات الزحف المكثفة من قبل قوات الغزو والمرتزقة باتجاه صحراء ميدي قامت قوات الجيش واللجان الشعبية بعملية خاطفة وكبيرة في الربوعة بعسير كبدت فيها قوات العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد وهنا وصلت الرسالة بأن الجيش واللجان جاهزون في لحظة وليس هناك استعداد لتقديم تنازلات للتمسك بالتفاهمات مع الجانب السعودي وأمام هذه الضربة التي تعرض لها الجيش السعودي في الربوعة والمذبحة التي تعرض لها مرتزقته في صحراء ميدي هدأت الأخيرة بشكل يثبت ان العدو تفهم الدرس وان الطرف الاخر لن يقبل إلا بتعامل الند للند. وتجدر الإشارة لما أورده المغرد السعودي الشهير (مجتهد) والذي تحدث عن حدوث معركة في الربوعة مؤكد أن قوات الجيش واللجان الشعبية تمكنت من “أسر عدد من الأفراد والضباط السعوديين بينهم العقيد عبدالله فهد القحطاني”.
ما قدمه الجيش واللجان الشعبية في ميدي والربوعة يأتي متفقاً مع ما جاء في خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة مرور عام من الصمود في وجه العدوان عندما قال ان ما حدث من تفاهمات أن تأتي في سياق ” السعي إلى وقف العدوان” مؤكدا ان ما حدث من لغط حولها لا مبرر له قائلاً: “إن ذلك اللغط لا مبرر له ولا مزايدة علينا، نحن في طليعة شعبنا اليمني تضحيةً وثباتاً بتوفيق الله سبحانه وتعالى، ونحن بالنسبة لنا الوفاء لنا دين وهوية، ولكننا في نفس الوقت نأمل أن تنجح المساعي لوقف العدوان، فذلك لمصلحة الجميع وهو المطلب لشعبنا”.
بالمقابل أكد السيد في ذات الخطاب فحال لم تنجح مساعي وقف العدوان بقوله :” وإذا لم تنجح تلك المساعي فنحن نحن، نحن أولئك الثابتون بتوكلنا على الله، وباستعدادنا العالي بتوفيقه تعالى للتضحية، ومن المهم الانتباه والحذر من الغفلة، حتى في مثل هذا الجو الذي يدور فيه الكلام عن الحوار، نحن لا نأمن غدر أولئك الظالمين والغادرين والمعتدين، ويجب أن نكون على مستوى عال من الحذر واليقظة والانتباه، ويجب أن يتجه الجميع من مختلف المكونات في كل الجهات والجبهات إلى دراسة آليات للعمل المشترك والفعال، لمواجهة العدوان فيما إذا أستمر”.
- ميادين الانتصار اليمني ومنابر الإعلام تشّرح هزيمة العدوان
شهد العدو قبل الصديق أن قوات الجيش واللجان الشعبية حققت انتصاراً اسطورياً خارج التوقعات للمرة الثانية في صحراء ميدي بالتصدي لثماني محاولات زحف لقوات الغزو والمرتزقة المسنودين بطائرات الاباتشي والاف16 بل حولت تلك المحاولات إلى مناسبة لقي فيها المئات من المرتزقة مصارعهم بينهم قيادات في هزيمة لم تتمكن وسائل إعلام المرتزقة من انكارها او تجاهلها. ومثلت الطبيعة الصحراوية للمعركة مفاجأة في سيرها إذ كانت التوقعات تشير أن الظروف الجغرافية لن تكون في صالح الجيش واللجان الشعبية إضافة لوجود طيران يساند الطراف الآخر.
وفي محافظة تعز استكملت قوات الجيش واللجان الشعبية من تأمين مديرية الوازعية بالكامل وانتشرت في منطقة الشقراء التي تعد مركز المديرية في واقعة أثبتت أن الجيش واللجان الشعبية لديهم القدرة على خوض معركة طويلة بنفس أطول.
من جانب آخر تكتض وسائل الإعلام الغربية بالتقارير والتحليلات التي تؤكد فشل العدوان وهزيمة قوات الغزو حيث عنونة صحيفة “لوموند” الفرنسية الشهيرة أحد تقاريرها -نقلت صحيفة الأخبار أجزاء منه- بـ” الجيش السعودي محاصر في المستنقع اليمني” وأكدت فيه أن الحرب التي جعلها وزير الدفاع “المتهور” محمد بن سلمان، رمزاً لسياسته الخارجية العدائية، أضاءت على النقص في فعالية القوات الجوية للمملكة، مشيرةً إلى عجزها عن هزيمة الخصوم.
وتحدثت الصحيفة عن “سمعة الطيارين السعوديين الذين لا يُدرَّبون كفايةً”. ونقلت عن “دبلوماسي غربي” قوله إنها حرب عبثية تماماً، زادت فقر اليمن، حيث تتكاثر الجماعات الإرهابية”.
أما صحيفة (ذا ديلي ميل) البريطانية فتناولت فشل السعودية في تحقيق أهدافها وقالت أن من وصفتهم بالحوثيين ” أبدوا مقاومة فعالة أكثر من المتوقع، مقابل ضعف الحكومة المعترف بها دولياً”.
وفي السياق يقول الخبير (شارل شميتز) للصحيفة ذاتها إن “الحوثيين أثبتوا براعة في إمساك الميدان وسيطرة على أجهزة الدولة الرئيسية، مقابل تعثر التحالف النابع من النقص في خبرته الميدانية والتقنية”.
ويبقى التزام قوى العدوان بوقف عدوانهم في 10 ابريل الجاري قبل الحوار السياسي بأسبوع كما اعلن المبعوث الأممي هو المحك الذي سيكشف ملامح المرحلة القادمة لكن تحديد موعد وقف العدوان قبل مفاوضات الحل السياسي يكفي للقول بأن القوى الوطنية تمسكت بشروطها المتمثلة بعدم الانخراط في أي مفاوضات للحل السياسي قبل وقف العدوان.