وُلد الهُدى
فاطمة محمد المهدي
ولد الهدى فالكائنات ضياءُ
وفمُ الزمان تبسُّمٌ وثناءُ
رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي حين نظم قصيدتَه في ذكرى مولد نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم-، مستهلا إياها بهذا البيت، كأنه استحضر حينها تلك اللحظة الكونية العظيمة، واختزلها في صورة تمثلت في هذا البيت، ولد محمد فتغير إيقاع كُـلّ شيء، الكون كله والزمان كله تغير إيقاعهما بمولده، فالكائنات أضاءت به عليه وآله الصلاة والسلام، وفم الزمان تبسم وثناء لهذا الذي ختم الله به رسالته وأنبيائه، واختاره نوراً وسراجاً وهدايةً ورحمةً للعالمين إنساً وجناً ومخلوقات، وليس للمسلمين فحسب.
وفي ذكرى مولده الشريف صلوات ربي وسلامه عليه وآله، تتجدد فرحتنا، وتتجدد مبايعتنا له، وتتجدد مشاعر الحب والولاء له، والارتباط به روحياً ونفسياً وإيمَـانياً وعمليًّا وتسقط المزيدُ من الأقنعة التي يتوارى خلفها المبغضين من كفار ومنافقين، الذين يسوؤهم ذكره وذكراه وكلّ شعائر الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة، وتفيض قلوبهم المريضة وأعينهم وألسنتهم بكل ما يفضح ما بداخلهم من حقد وبغضاء لنبينا ولديننا؛ لأَنَّ ذلك ضد أهوائهم ومخطّطاتهم وأهدافهم الشيطانية، التي من أكبرها القضاء على الإسلام كجوهر وكقيم إيمَـانية أخلاقية وسلوكية وعملية.
وليس العدوان على اليمن إلا تعبيراً عن حقيقة تلك المخطّطات والأهداف، التي فضحها صمود شعب الإيمَـان، وأجبرتهم الحرب على نزع أقنعتهم والظهور على حقيقتهم وحقيقة تبعيتهم وولائهم للشيطان وللطاغوت المتمثل بأمريكا وإسرائيل وبريطانيا، وما دول التحالف التي تسمى عربية وإسلامية إلا عبيد لقوى الشيطان والطاغوت، ينفذون أوامرها لا أكثر، ظهرت حقيقة تطبيعهم، وظهرت حقيقة نفاقهم، ولم تتعرَ وجوههم فحسب، بل وأجسادهم، في البارات والمراقص والشوارع، بفتاوى ومباركات فقهائهم وشيوخهم الدجالين.
كما تعرى أتباعهم وعبيدهم وأزلامهم من أراذل هذا الشعب المؤمن العزيز، وهم الذين يتعالى عوائهم ونباحهم ونهيقهم مع كُـلّ احتفال بذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتعلو أصواتهم منكرة ومستنكرة، وهي أنكر الأصوات عند الله، ولكن {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.
وسيحتفل الشعب المؤمن، وها هي كُـلّ بقعة في الوطن لا يطالها حكم أزلام الطاغوت، تخضر بالأعلام والزينة والقناديل الخضراء، عاكسة اخضرارَ قلوب المؤمنين الصادقين في ولائهم وحبهم لله ورسوله، الأذلة على المؤمنين الأعزة على الكافرين، الصامدين الصابرين المجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله حتى النصر، وإن نصر الله لقريب.