الذكرى النبوية والاستعدادتُ اليمنية
رؤى الحمزي
استشعاراً للمسؤولية واحتفاءً بالذكرى النبوية تفوح اليمن برائحة الرياحين، وتتوهج بلونها الأخضر مُسرًّا للناظرين، تتغنى القلوب بسعادة الذكرى، وتطمئن الأفئدة لهذه المناسبة الخالدة.
نُحييها حُباً وإجلالاً وتكريمًا وتشريفًا لسيد المرسلين وخاتم النبيين، نعملُ جاهدين لُنظهر سرورنا بطريقة تليق بصاحبها، ولتظهر جليًّا أمام العالمين، وتطبيقاً لإحيَــاء شعائر الله.
نُقيم الذكرى ونحنُ نتلظى لمثل هذه المناسبة الشريفة: الذي كُلها سعادة وكلها استذكار لمقام الرسول وحمدًا لربه على منّته المباركة وَالرحمة للعالمين، ودليلًا للناس أجمعين، هادياً لصراط الله المستقيم، وداعين لِتوحيد الملك الجليل.
في مثل هذه الذكرى لم ولن تمر مرور وقتٍ فحسب، وليست طقوسًا تنقضي: إنما دربٌ نسير عليه، ونهجٌ ننهج به، ونور نستضيء به، وصراط نعبره.
تَقدَّمَنا شهيداً وَوارثه، قادةٌ وقُدوة -عليهما السلام- انتهلا من علمِ جدهما رسول الله، وجعلاه قُدوةً يحتذيان بها ويُحثاننا عليه، ترجما القرآن عملاً قبل القول وأمرانا بذلك، استرجعا أحكام كتابه وطبقاها ساعيان لرضا الله، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، ردا للأُمَّـة كيانها وعزته كما قال الله “أعزاء”، واستوصانا بالتواضع فيما بيننا كما قال الله: “رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”.
قُدوة وقادة خير من يُمثل دين الله فصدقا ما عاهدا الله عليه فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلًا، جعلوا القرآن هادياً ودليلاً حُكماً وتشريعاً، ناطقان به، عاملان عليه، وجعلا رسول الله حاضراً ووجداناً يعززان استذكاره في أنفسنا، مستعينَينِ بالذكرى “وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ”؛ فأثر جهدهما ظهر جليًّا أمام العالم وخالقه.
نُترجم حُبه متلهفين لذلك من تلقاءِ أنفسنا؛ لعظيم شأنه في أرواحنا بعد أن بذلا أعمارهما لكي نصل إلى ما وصلنا إليه، لتجديد ما انتهى وبرحيل ما رحل من زمن أجدادنا الذي كان عبارة عن حب لله ولرسوله قولاً وعملاً، مثلما كانوا يستقبلون ذكرى المولد في كُـلّ عام ويبتهجون ويفرحون به، بطقوس خَاصَّة بهم وببساطة عيشهم وتواضع نفوسهم، فها نحن نسترجع ذلك في كُـلّ عام حباً حقيقيًّا خالصاً لرسول الله على أيدي المُذِّكرين.
فاستقبالنا لهذه المناسبة ثمرة جهد قادتنا؛ ولهم أرواحنا فداء، مترجمين ذلك بتجاوبنا لهما، وحبنا لنبي الرحمة الذي جاء منّا، وطاعة لله، وإحيَــاءً لشعائره، ومجاهدين أنفسنا من الضلال، سائلين اللهَ البصيرةَ، طالبينهُ العونَ؛ لنسير سيرًا نبوياً مُحمّدياً، ونهجًا قرآنيًّا، وَولاءً لأئمة الهدى -عليهم السلام-.