تداعيات الحصار.. المعاناة مستمرة من الوديعة إلَـى بيشة ومن عُمان إلَـى القاهرة
صدى المسيرةـ رشيد الحداد
تسبّب الحصارُ البريُّ والجوي والبحري بمعاناة إنْسَـانية كبرى لا تزال تداعياتها على مختلف جوانب الحياة قائمة حتى اليوم ابتداءً بأزمة العالقين في مطارات العالم ومن ثم أزْمَـة العالقين في المنافذِ البرية الذين يتعرضون للابتزاز المالي في منفذ الوديعة البري، يضاف إلَـى معاناة المواطن الـيَـمَـني من جراء أزْمَـة المشتقات النفطية ومنع العدو تدفق امدادات الغذاء، مما نتج عن تردى الأَوْضَـاع الإنْسَـانية بالإضَـافَة إلَـى عدم السماح بوصول واردات الدواء، وهو ما عرّض حياة مئات الآلاف من حاملي الأَمْـرَاض المزمنة إلَـى الموت إلَـى التفاصيل:ـ
ارتفعت فاتورة العُـدْوَان والحصار الذي يفرضه التحالف بقيادة السعودية على الشَّـعْـب الـيَـمَـني منذ عام إنْسَـانياً إلَـى مستوى ما قبل الكارثة.
الفاتورة الإنْسَـانية في تصاعد
أوضحت الأَرْقَـام ارتفاعَ عدد السكان الذين كانوا قبل السادس والعشرين من مارس العام الماضي بحاجة للمساعدة الإنْسَـانية من 15.9 مليون نسمة إلَـى 21.2 مليون بنسبة 33 % بعد عامٍ من العُـدْوَان بما في ذلك 9.9 ملايين طفل، كما ارتفع إجْمَـالي النازحين من منازلهم في ذات الفترة من 584 ألف نسمة، وزاد العدد إلَـى مليونين وَ700 ألف نسمة بنسبة 330 % بينهم 800 ألف طفل، وفي ظل الحصار المفروض على الشَّـعْـب الـيَـمَـني ومنع التحالف تدفق امدادات الغذاء والدواء والوقود وانعدام العدالة في توزيع المساعدات الإنْسَـانية من قبل المنظمات الدولية العاملة في البلاد ارتفع عددُ من يعانون من الكفاف الحاد ولا يجدون ما يكفيهم من الغذاء من 10.6 ملايين إلَـى 14.4 مليون بما في ذلك 7.7 ملايين طفل بعد مارس الماضي، وارتفع عدد الأَطْفَـال الذين يعانون من سوء التغذية بعد العُـدْوَان إلَـى 1.3 مليون منهم 320 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد مقابل 850 ألف طفل يعانون من سوء التغذية قبل العُـدْوَان.
99 ملياراً خسائر الصحة
وزارةُ الصحة العامة في آخر تقريراً لها أَشَـارت إلَـى الآثار المرتبة على الحصار التي تمثلت بشُحة وانعدام أدوية أَمْـرَاض القلب والسرطان والفشل الكلوي والسكر والمحاليل ومستلزمات التشخيص وأغذية الأَطْفَـال والأدوية بشكل عام، وأَشَـارت إلَـى أن عددَ المصابين بسوء التغذية الحاد 320 ألفَ حالة وسوء التغذية الحاد الوخيم 537 ألف حالة، فيما بلغ عدد الحالات المصابة بسوء التغذية الحاد المعتدل مليون وَ293 ألفاً و500 حالة، فضلاً عن تسجيل 14 ألفاً وَ67 حالة مصابة بحالة نفسية جراء العُـدْوَان السعودي الأَمريكي على الـيَـمَـن.
وكشفت الوزارة عن دخول كميات كبيرة من الأدوية بصور متعددة، منها التهريب عبر الحدود السعودية، ودعت إلَـى عملية ضبط وتقنين دخول الأدوية إلَـى البلاد مع مراعاة المقاييس والمواصفات الصحية لتلك الأدوية حفاظاً على سلامة المواطن وعدم الاتجار بها بطرق غير شرعية واستغلال ضعاف النفوس للظروف التي تمر بها البلاد ووضع ضوابط تحُــدُّ من التلاعب بعملية الاستيراد، مؤكدا أَهَميَّة تشجيع الصناعات الدوائية الوطنية.
وأفادت الوزارةُ ارتفاع المنشآت الصحية المتأثرة من العُـدْوَان إلَـى 412 منشأةً، منها 180 مستشفى ومركَزاً صحياً وَ232وحدة صحية ومصْنعي اكسجين و61 سيارة إسعاف، مشيرةً إلَـى أن تكلفة الخسائر الأوليةِ في القطاع الصحي بلغ 99 ملياراً وَ207 ملايين وَ24 ألف ريال.
معاناة السفر
وفي ظل الحصار واستهداف عدد من المنافذ البرية والابقاء على منفذ الوديعة كممر دولي للنقل بمختلف أَنْـوَاعه، تفاقمت معاناة المسافرين في منفذ الوديعة الحدودي منذ منتصف ابريل الماضي وحتى الآن رغم مضي عام من العُـدْوَان والحصار لا تزال معاناة المسافرين الـيَـمَـنيين إلَـى المملكة في المنفذ مستمرة.
ووفق مصادر حقوقية فَإن السلطات القنصلية والأمنية السعودية تتعمد إذلال المغتربين الـيَـمَـنيين المسافرين عبر المعبر الوحيد المفتوح في ظل الحصار والعُـدْوَان المغروض على بلادنا منذ عام، من خلال إيقاف المئات من الأسر وإعاقة دخولها إلَـى المملكة رغم امتلاكها وثائقَ سفر رسمية وصحيحة، وتعمد تلك السلطات إبقاء الأَطْفَـال والنساء والشيوخ في العراء لعدة أَيَّـام دون أية مبررات.
ووفق المصادر معاناة العالقين التي لا تزال حاضرةً بقوة في منفذ الوديعة الحدودي؛ بسبب ممارسات السلطات السعودية غير القانونية المتمثلة بعدم السماح بالمسافرين وخُصُـوْصاً النساء والأَطْفَـال حاملي تأشيرات الزيارة بالدخول وتركهم خارج السياج الحديدة للمنفذ الذي يفتقد لأبسط مقومات الحياة، مما يضطر العالقين إلَـى النوم في العراء.
وأكدت المصادر أن عمليات ابتزاز مالي واسع يقوم بها الجانبان الـيَـمَـني والسعودي للمسافرين الـيَـمَـنيين عبر المنفذ تحت مختلف المسميات ومنها تسهيل الدخول والتي تصل إلَـى ألف ريال على كُلّ أسرة في حال سلامة وثائق السفر.
مأساة العالقين
وبالتزامُن مع حظر دخوْل السفن التجارية إلَـى الموانئ البحرية أعلن العدو وحلفاؤه حظراً جوياً على مطارات الـيَـمَـن، وهو ما تسبب بمعاناة إنْسَـانية لآلاف من الـيَـمَـنيين المتواجدين في الخارج لغرض تلقي العلاج في مصر والأُرْدُن والهند وفي مختلف دول العالم أَوْ لأغراض تجارية وغيرها.
ولذات السبب اندلعت أزْمَـة الـيَـمَـنيين العالقين في مطارات العالم وتفاقمت معاناة أَكْثَر من 9 آلاف مواطن، منهم 5 آلاف كانوا في مصر و2000 عالق كانوا في الأُرْدُن لتلقي العلاج، وعلى الرغم من أن دولتَي الأُرْدُن ومصر لم يكن السفر إليهما يتطلب تأشيرات دخول، إلَّا أن العالقين في عمان والقاهرة تعرضوا لمضايقات غير إنْسَـانية ومعاملة قاسية من قبل السلطات الأمنية في الدولتين.
فإلى جانب نفاد السيولة المالية على معظم العالقين في ظل توقف التحويلات المالية؛ بسبب القيود التي فرضها تحالف العُـدْوَان على التحويلات المالية بين الـيَـمَـن ودول العالم، رفضت عددٌ من سلطات الدول العربية تمديد بقاء الآلاف من العالقين، وحاولت ترحيلهم بصورة قسرية إلَـى السعودية أَوْ إلَـى دول أُخْــرَى، كما استخدمت السلطات المصرية القوة ضد العالقين ومنعتهم من البقاء في الحدائق العامة لأيام، كما لم تقم بتوفير السكن والطعام للمئات من المرضي.
مع تصاعد النداءات والاستغاثات من قبل العالقين حاولت اللجنة الثورية العليا حل المشكلة أَوَاخِـر إبريل والتوجيه لوزارة المالية باستئجار طائرات لإعَادَة الـيَـمَـنيين العالقين في الخارج، والمقدرُ عددهم بأَكْثَر من 9 آلاف شخص، إلَّا أن الحكومة المستقيلة رفضت ذلك وطالبت بإعَادَة العالقين عبر أَرْبَعة منافذ برية الطوال في جيزان والوديعة في نجران ومنفذ شحن مع سلطنة عمان والمنفذ البحري مع جيبوتي، وهو ما قوبل برفض العالقين الذين طالبوا بإيصالهم جواً إلَـى المطارات الـيَـمَـنية ومنها مطار صنعاء الذي كان تحت القصف.
في الـ 26/06/2015 عاد إلَـى مطار صنعاء الدولي بعد انقطاع لشهرَين 188 من العالقين الـيَـمَـنيين في جمهورية السودان والأُرْدُن لتبدأ تدريجياً حلحلة مشكلة العالقين والتي انتهت في أغسطس الماضي.
وفي حين تمارس قوات العدو القرصنة البحرية على السفن التجارية وناقلات النفط تمارس أَيْـضاً القرصنةَ الجوية على رحلات الطيران الـيَـمَـنية في مطار “بيشة” السعودي وتنتهك خصوصيات المسافرين من خلال قيامها بالتفتيش الدقيق وإيقاف الرحلات لساعات دون مراعاة لظروف المرضى، وهو ما أثار موجةَ استياء شعبي.
دول الطوق
بإيعازٍ من تحالف العُـدْوَان أعلنت السلطات المصرية والأُرْدُنية مؤخراً اجراءات ضد سفر الـيَـمَـنيين إلَـى الدولتين دون أية مبررات، على الرغم من أن الآلاف من المرضى الـيَـمَـنيين يقصدون مستشفيات عُمان والقاهرة لتلقي العلاج ويتفقون ملايين الدولارات.
ووفق الاحصائيات فَإن إنفاق الـيَـمَـنيين الذين يقصدون مصر للعلاج بلغ 900 مليون دولار نهاية العام 2013م، وتوزعت تلك المبالغ على قطاع النقل والقطاع الفندقي والعلاجي في مصر، فقبل عدة أَيَّـام أقدم ضابطٌ أُرْدُني في مطار الملكة علياء على إهانة طالب يمني وتمزيق جواز سفره.