العيدُ الـ 9 لثورة 21 سبتمبر: محورُ المقاوَمة يُحلِّقُ بجناحٍ من الركن الجنوبي لشبه الجزيرة العربية
المسيرة| عبد الحميد الغرباني:
امتدَّ الرِّباطُ الجهاديُّ مكيناً بين اليمن ومحور الجهاد، والعينُ اليومَ على ما بعد استراتيجية وحدة الساحات في صنعاء، كما في بيروت وطهران ودمشق والقدس.
وفي ظل هذا النَفَسِ الواحد المقاوم، حمل عيدُ الثورة في سنته التاسعة رسائلَ جيوسياسية عدةً يوجزها قياسُ مقدار المسافة التي قطعتها الثورةُ باليمن إلى القدس ومحور الجهاد.. أَو بمعيارٍ آخرَ.. قياسُ ما ضاعفه نجاحُ الثورةِ من خسائرَ لـ “إسرائيل” وأمريكا وتحالفِ النفاقِ والتطبيع.
أنجز الشعبُ ثورتَه ثم حافظ عليها، متجاوزًا بقوة الله تحدياتٍ تكفي لمسح بلدان ومحو دول، وسرعانَ ما حوَّل الصعوباتِ والعوائقَ الماثلةَ أمامه إلى فُرَصٍ، تُقدِّمُ اليمن أخًا قويًّا عزيزًا وفيًّا لأشقائه في محور الجهاد والمقاومة، ونكالاً وهلاكاً لكل الطارئين على أرضه وبحره وقدسه، بتعبير سفر الصوفي، مدير مكتب قائد الثورة: “يحتل اليمن اليوم موقعه الرائد في العالمَينِ الإسلامي والعربي، وهو إضافة هامة لمحور الجهاد والمقاومة وإلى أحرار الأُمَّــة الإسلامية؛ بما أنجزته الثورة حتى اليوم”، ويوضح الصوفي في حديثٍ خاصٍّ لـ “المسيرة” “الأهمُّ من ذلك أن اليمنَ يعملُ على تعزيز حضوره، من خلال إحداثِ تغييرٍ كبير في واقعه وبناء يمن حضاري يلفتُ الأُمَّــة الإسلامية، كما يشير إلى ذلك السيد القائد -يحفظه الله- فيما يتعلق بالتغيير الجذري في واقع اليمن بإذن الله”.
الرؤيةُ تنطلقُ مما تخطط له القيادةُ اليومَ ومفاعيلُها التي لن تكون محدودةً على الصعيد الداخلي فحسب؛ إذ إن تحصينَ الداخل يعني المضيَّ قُدُمًا بآفاقٍ رحبة ومن أرضية صُلبة، وعضو المجلس السياسي الأعلى أحمد الرهوي، يقاربُ من زاوية أُخرى ما يمثله الاحتفاءُ بالعيد الوطني التاسع لثورة 21 سبتمبر بالنسبة لمحور المقاومة: “الثورة استطاعت أن تبنيَ جيشًا قويًّا له عقيدةٌ قتاليةٌ، ومن وراءه شعب جّبار؛ ولهذا نؤكّـدُ أن اليمنَ قيمةٌ كبرى مضافة لمحور المقاومة، ويلعب دورًا فيما يخُصُّ القضية الفلسطينية ودعمها ومؤازرتها”.
ويضيفُ الرهوي “كُلُّ تصريحات قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي وفخامة رئيس الجمهورية تؤكّـدُ بما لا يدعُ مجالًا للشك أن فلسطين قضيةٌ مركَزيةٌ بالنسبة للثورة، لا تنازل عن الثوابت والمبادئ تجاهها”.
إن عدوَّا ترعبُه سكينُ مقاوِمةٍ ورصاصة مجاهد لَهُوَ أولى بأن يُحصِيَ أنفاسَه الأخيرةَ، وذلك ليس من واقعِ التباهي بحديدٍ وبارودٍ ونارٍ استعرضه جيشُ اليمن وقوته الباسلة مؤخَّرًا في صنعاء، إنما من واقع الإيمان والتنظيم وَالعمل ليلَ نهارَ، لِجيشٍ يحملُ الإسلامَ هُــوِيَّةً وسلاحًا لا بطاقةً وانتسابًا، ويهتفُ بشعارٍ لا سقفَ له، لا يجسرُ على الهُتافِ به في العالم غيرُه، أَو هذا ما أشار إليه حديثُ الرهوي عن العقيدة القتالية التي تمسك بعقل ووجدان الجيش في الوقت الراهن.
الفريقُ الركن جلال الرويشان، نائبُ رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، يؤكّـد بدوره أن “اليمن في قلب محور المقاومة، محور الدفاع عن الأرض وعن الحرية والاستقلال، وعضوٌ فعّال وقوي ومشارك أَسَاسي يواجه سياسة زرع التطبيع في الوطن العربي والوسط الإسلامي المتبعة من قبل العدوّ التاريخي للأُمَّـة” وفي ما يأسفُ الرويشان من استجابةِ بعضِ الأنظمة المحسوبة على الإسلام هنا، وهناك يؤكّـد أن محور المقاومة للجميع بالمرصاد”.
محورُ المقاومة يتصاعدُ ويتطوَّرُ في كُـلّ المجالات، ويركِّزُ على مواجهة التطبيع مع الصهاينة والتخلي عن القدس والقضية الفلسطينية، اليمن فاعل بهُــوِيَّته الإيمانية وبقدرات جيشه وثورية شعبه على الإنجاز.. بشهادة ثماني سنوات من المواجهة والصمود، محور الجهاد وَالمقاومة يحلق بجناح من الركن الجنوبي الغربي لشبه جزيرة العرب، برأي الشيخ حسين حازب، عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام: “الشعب اليمني بثورته المجيدة هو أحد عناصر القوة الرئيسة لمحور المقاومة، وهو يمثل الجناح الجنوبي للمقاومة، بينما تمثل سوريا الجناح الشمالي، وبالتالي الجزيرة العربية تحلّق بجناحَينِ كمقاومة للعدوان، للاستعمار، للأمريكان، لكل ما يستهدفُ الأُمَّــة”.
ويستطرد حازب في حديثه لـ “المسيرة” “أكثر من مِئة عام وأمريكا وبريطانيا تتعربدان في الوطن العربي وتمنع تقدمه في شتى المجالات في الصناعة والعيش الكريم، ولكن بإذن الله أن نجاح المقاومة في صنعاء وبيروت ودمشق وطهران، ستستطيع أن توقف الاستعمار والهمجية الأمريكية على مستوى العالم”.
ومن منظور ما أحدثته ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر من تغييرٍ في التركيبة السياسية اليمنية ومن إعلائها للإرادَة الشعبيّة، يذهب مستشارُ وزارة الإعلام، أحمد الحماطي، في حديثه لـ “المسيرة” إلى أن “اليمن حجز موقعه المفترَضَ أن يتبوأه في المنطقة، واليمن بثورته رقم صعب في المنطقة وهذا الشعب العظيم لا يمكن أن يكسر أَو يتراجع إلى الخلف وسيمضي للأمام”.
وَيتابع الحماطي “ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر أعادت للشعب اليمني مكانته بين شعوب العالم واستطاع اليمن أن يتوحد تحت رايتها وقائدها الجسور”.
ويأمل الحماطي “أن يؤسس التغييرُ في اليمن لحراكٍ في الوسط العربي والإسلامي؛ بما يخدُمُ الشعوبَ وقضايا الأُمَّــة المركَزية، وليس غريبًا أن يكون اليمن مؤثِّراً كَبيراً في هذه المسارات؛ فنحن أصلُ العروبة وأصل الإسلام”.
وهذه الإشارات المختلفة تعني في ما تعني أن التوجُّـهَ الثوري التحرّري لليمن يُسقِطُ استراتيجيةَ تطويق الطوق الصهيونية التي نفّذها الكيانُ منذ نشأته وما يزال، لكن الفارقَ أنه في الراهن يواجهُ بحقٍّ استراتيجيةً مصممةً على القضاء عليه بما تشكِّلُه اليمنُ على نحوٍ خاص في الوقت الراهن، بحسب أمين عام سر المجلس السياسي الأعلى، ياسر الحوري: “الجمهورية اليمنية تمثل إضافةً نوعيةً لمحور الممانَعة والمقاومة الإسلامي والعربي، اليمن اليوم هو الجدار العالي المدافع عن كُـلّ محور المقاومة العربية وَالإسلامية الذي يواجه الإمبريالية الغربية والعدوان الأمريكي الصهيوني على المنطقة”.
ويتابع الحوري “اليمن بسلاحه المتطوّر وجيشه العظيم يعد مصدر قوة لمحور المقاومة، ومتوقَّعُ جِـدًّا أن يكون لليمن الدور الأبرز في أية معركة قادمة مع العدوّ الصهيوني”.
إنه يمن الواحد والعشرين من سبتمبر يصوغُ نفسَه كَبيراً؛ حتى لا يتهدَّدَه الخطرُ على المصير، وليس مرادُه بترسانة الأسلحة والبأس إثارةَ إعجاب المشاهدين بالفخامة والألوان والكُلفة الضخمة، بل المراد أن يكسرَ أنوفَ المستكبِرين ويقطعَ دابرَ المعتدين ويدحرَ الغُزاةَ والمحتلّين، وكفى بكل ذلك ضخامةً وفخامةً وكرامةً، وليتذكَّرْ ويَعِ مَن أراد أن جيشًا نجحَ نجاحًا إلهيًّا في الحرب لَهو أقدرُ على التفوُّقِ والتميُّزِ في السلام.