يمنُ 21 سبتمبر
كوثر العزي
دولة تحملُ النظام الجمهوري، دستورها “وأمرهم شورى بينهم”، رئيسها يحمل جنسية يمنية، وشعبُها يعاني ويلات الجرع، والأزمات، ولكن حاكمها الأكبر يحمل الجنسية الأمريكية، يدير ويحرِّك الدولة كيف ما يشاء، ومتى ما أراد، سنين طويلة، رهنت فيه الأحلام، وهدم فيها الاقتصاد، ودمّـرت فيها الأيادي العاملة، وكثرت البطالة، حتى التعليم مجمد، لا طب كـبقية الدول، ولا أبسط الحقوق توفرت، أقوى الوزراء من يأكل حق الشعب، حتى السياسيون عكس التيار يمشون، لا ناشطون ولا إعلاميون يصدعون بالحق، كانت سنين أشبهَ بالحظيرة يعيشها الشعب في ظل حكم الطغاة، كان شعباً ذليلاً خانعًا، لا كلمة له ولا رأي، معدات عسكرية تدمّـر، وجيوش ترقد، وأمريكا تعبثُ بالسيادة اليمنية، والرئيس متشبث بكرسي الرئاسة ليفعل العالم بشعبه ما يريد، الأهم البقاء على عرش الرئاسة، والبقاء في أعالي الرتب، ست حروب أُصيبت محافظة صعدة، شرد فيها أهاليها، بأمر من الغرب وتنفيذ يمني، ظلمت معظم المحافظات وسلبت التطور، والحق في الازدهار، من قال كلمة الحق من المواطنين زج به في الحبْس ليتلقى أشد أنواع التعذيب، لا شبيه لنا بالماضي سوى السعوديّة في اليوم، اشتد حكم الطاغي، وبلغ الظلم وفاق، والدولة ما زالت تسقي الشعب المزيد من كأس العذاب، كبل وقيد الشعب بقيود من فولاذ، خوف من الأحكام، والقتل بغير ذنب إن تكلم عن حكم الأنذال، فأرسل الله فرجًا يعانق شعبًا يقبع في سجون الحياة، ثورة يحكمها الأبطال، بيد قائدٍ قرآنيِّ لا يخشى الحُكام، ثائرٍ كـأجداده من العظماء، ألا يبقى اليوم أي حكم لأحفاد بني أمية، هلموا يا شعب خيم عليه دُخان الهيمنات، أقيموها ثورةً لا تخمد إلا بزوال دولة أكثرت في الأرض الفساد.
مطالبنا حق ومشروعية، وجب تحقيقها بالسلم أَو بالحرب، ونحن كشعب لنا حرية الاختيار، وحرية التغيير، فعندما يثور الشعب على الدولة لا غرابة، فـالمواطن قد سئم عيشة الاحتياج، والحلم بعيشة كريمة في ظل سيادة يمنية وقرارات داخلية، فـثورة 21 سبتمبر ولادةُ وطن تخلَّص من ألم المُخاض، وفرحةُ شعب عانقت السحاب، ويومٌ يمانيٌّ فيه أعجوبة الزمان، ورسم الأنصارُ بريشة العنفوان، أن الغلبة لله ولجنده الأخيار، يومٌ تاريخيّ سجله الأحرار في ربوع يمن الأنصار، وأسقط الشعب دولة طغت على الأرض وعلى الشعب استكبرت وعلت، فأسقط الشعب كبرها بصرخة هزت عروش الاستكبار، فـثورة 21 سبتمبر كانت ثورة عظيمة مباركة، كانت تحمل في طياتها، سراً جباراً جعلت من شعبٍ صغيرٍ مستصغر في عيون العالم، شعب يحمل صيتًا ويضرب به الأمثال في فنون القتال، ويقدم دروساً في الصناعات العسكرية الثقيلة والخفيفة، فما كانت تلك الثورة سوى نقلة نوعية جبارة، فثورة سبتمبر ثورة لها أهداف مبنية على الدولة الجديدة والتي تحكمها كوادر لها الحق منذ زمن فـكما قال الشهيد الرئيس صالح علي الصماد.. “دولة للشعب، لا شعب للدولة” عندما تكون الدولة تسعى لـتحسين الوضع، ورفع الوضع الاقتصادي بأيادٍ عاملة، ووصلت الأسر لـذروة الاكتفاء الذاتي، ليكتفي المواطن بنفسه يأكل مما يزرع، ويلبس مما يخيط.
فما بعد الثورة وانتصار الشعب على الظلم، استنجدت في الأشد كفراً وحقداً على الشعب والأرض، فما كان منهم سوى إعداد جيشٍ، وصنع تحالف عدوان أرعن، وتحالف ينعق، وطموحات تحتضن القاع، أهداف هشة، وحقائق مزيفة، وانتصارات تصنع خلف الكواليس، أحزاب متشتتة، ومعدات عسكرية متفحمة، جند أوهن من بيوت العناكب، ثماني سنوات والتاسعة تطرق الباب، مراحل كثيرة، وانعطافات متعددة، هدنة طالت، وشعب تحت قيد الحصار، لكننا بالله أقوى، نحمل سلاح الإيمان، متحصنين من الرهبة من عداتهم وقواتهم، نملك ترسانة حربية متكاملة، فمن أرادها حرباً نحن لها، ومن أرادها سلماً نحن أهلها، فنحن يمن 21 سبتمبر، يمن الصمود التضحية والإباء والكرامة، نحن يد الله الضاربة وسيف القائد الذي سيبتر أي يدٍ تمتد أَو تتطاول على الثروات أَو التراث اليمني، فاليمن بنا حرة، ونحن بها أقوى وعن أرضها نذود، فنحن الألف في زمن الأصفار، ونحنُ الأحرار في زمن الخضوع، ونحن من رفضنا التطبيع وأبينا بيع المقدسات في وقتٍ بات التطبيع واجبًا، نحنُ العنفوان ومفاتيح القدس والأنصار.