بجراحهم تصدَّروا العرضَ السبتمبري المهيب
دروب العزي
بمشهدٍ تقشعر له الأبدان وتتوقف له الأنفاس إجلالاً وإكباراً لهم، نعم لهم هم من تصدروا العرض وابتدأوه بعنفوان جراحهم وعزيمة وقوة أنفسهم شقوا طريق البداية بقوة الإرادَة التي مشوا بها بدلاً عن أقدامهم وصلابةً داسوا بها جبروت أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم، هم الجرحى العظماء من لهم فاضت القلوب إكباراً ووقاراً، والألسن دعاءً وتوقيراً.
تقدموا مشهد العرض ذا بقدم فقط وذاك بلا قدمين، وهذا بيدٍ فقط وآخر لا يدين، بدأوا الاستعراض بعزيمة لا تضاهيها عزيمة، تقودهم الملائكة قدماً قدماً، لا تعرجٌ ولا ميل، مستقيمةٌ خطاهم لا يثنيهم نزف جراحهم عن التقدم للأمام بقوةٍ فاقت قوة الكاملة أعضائهم، ممن ارتضوا القعود لأنفسهم والتغاضي عن كُـلّ ما يدور من حولهم، حتى ماتت ضمائرهم وأصبحوا في عداد الموتى بالذل والهوان.
ها هم جرحانا يتصدرون بجراحهم العرض السبتمبري المهيب ليوصلوا رسائل عِظيمة، أولاهن لرفاقهم الشهداء بأنهم ماضون على خطاهم وقد سبقتهم بعض أعضائهم إليهم، وإلى رفاقهم المرابطين بأن {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ولشعبهم يا شعبنا العزيز أرواحنا فداء لصمودكم وثباتكم فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون والنصر قاب قوسين أَو أدنى.
ورسالةٌ أقوى للقاعدين بعد تسع سنوات من العدوان والحصار ومن لم يسجلوا لأنفسهم موقف في وجه العدوان: أيا أيها المتثاقلون إلى الأرض لسنا نحن المعاقين بل أنتم المصابين بإعاقةٍ في البصيرة والقلوب ولديكم نقص في أعضاء الإحساس بالمسؤولية تجاه أبناء دينكم، وشللٌ بل موتٌ في الضمائر؛ لذا لم تحَرّكوا ساكناً ضد الظلم والعدوان الجائر، وقد بلغت التاسعة وما زلتم على سابق عهدكم متخاذلين.
ورسالةٌ أقوى لعدوانٍ جمع على شعبهم الشرق والغرب: أيها المتحالفون الأذناب لا طاقة لكم اليوم بنا، وربنا معنا، سنواجهكم بما تبقى من أجسادنا، ولو لم يتبقَ فيها إلا ذرة لواجهناكم حتى نصير إلى ما صار إليه رفاقنا من الخلود الأبدي، خلف أعضائنا التي سبقتنا إلى الله، راجين منه جل في عُلاه أن يتقبل منا ما قدمناه ويكتب لنا أجر ما عملناه ويأخذ ما تبقى فينا من حياةٍ في سبيله ولنيل رضاه، وقد بعنا من الله أنفسنا وأموالنا ودماءَنا ووهبناه أعضائنا بلا منّةٌ ولا تفضل عليه؛ لأَنَّنا لله ولأننا جميعاً إليه راجعون، وأنتم إلى زوال وخسران وخزي مبين وصائرون إلى عذابٍ أليم، فانتظروا فَــإنَّا منتظرون، والعاقبة للمتقين.