الساحاتُ اليمانيةُ المحمدية تجيبُ عن التساؤلات
رشاد الفقيه
قد يستغربُ الناسُ إذَا ما سمعوا أَو قرأوا هذا الحديثَ الصحيح، وكَثيراً ما يتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: لماذا أهلُ اليمن دونَ غيرهم هم من يشربون من حوض الجنة أولاً؟ ومن الذي يذود الناس عن الحوض ليكون أهلُ اليمن أولَ من يشربون؟ إنه محمد رسول الله -صلوات الله عليه وآله وسلم-، إنه أعدل الناس وأكثر الناس إنصافاً وعدلاً ورحمةً وكرماً، (وإني لأذود الأمم عن الحوض) ومن هم الأمم؟ وهل هم أي ناس أرادوا أن يشربوا من الحوض لشدة عطشهم فوجدوا الحوض هناك فتقدموا؟ لا، إنهم الأمم الذين آمنوا بالرسالة الإلهية، أنهم من تحدّد مصيرهم بأنهم من أهل الجنة، فلذا توافدوا ليشربوا من حوض الجنة، والسؤال هنا؛ لماذا أهل اليمن هم من يذاد عنهم ليشربوا أولاً دون غيرهم؟
ولو تأمل كُـلّ من يتبادر إليهم هذا السؤال، لوجدوا الإجَابَة واستخلصوها من مشهد اليوم المحمدي، الذي يعطي الإجَابَة الشافية الكافية، مشهد يعبر عن جدارة هذا الشعب بأن يحظى بتكريم أكرم الخلق لهم، كيف لا والساحات تعج بملايين العشاق للنبي الخاتم -صلوات الله وسلامه عليه وآله- كأمواجٍ متلاطمة؟!
سيول هادرة من المحبين، يأتون من كُـلّ حدبٍ وصوب؛ لتحويَهم ساحاتٌ أعدت لضيافة زوار وعشاق محمد -عليه وآله أزكى الصلوات- ليست أماكن ترفيهية وليست منتزهات للترويح عن أنفسهم، إنها ساحات ليس فيها إلا الحصى فراشاً والسماء سقفاً وغطاءً، يحتشدون والظروف قاسية وهم أحوج ما يكون إلى قليلٍ من الوقت ليعملوا عملاً فيكتسبون من خلاله لقمة عيشهم، لكنهم سخروا كَثيراً من أوقاتهم؛ مِن أجل نصرة الله وكتابه ورسوله.
ما يقارب شهراً كاملاً واليمانيون يتفرغون لاستقبال هذه المناسبة العظيمة ولم تثنهم عنها المشاغل والظروف المعيشية القاسية والتي تسبب العدوان في خلقها، فها هم يهتفون بهتافٍ واحد ويلهجون بالتسابيح وَبالصلوات المحمدية، كأنهم الملائكة لا يفترون.
وعندما يقول الرسول عليه وآله أزكى الصلوات وأتم التسليم: (أذود الأمم ليشرب أهل اليمن)، فهنا أطلق الرسول لفظ العموم ويقصد بها الخصوص، كقول الله على لسان نوح عليه السلام: (جعلوا أصابعهم في آذانهم)، ويقصد أطراف أصابعهم أَو جزء منها، وهكذا كقوله: (واستغشوا ثيابهم)، فليس المقصود بأهل اليمن كُـلّ من لديه بطاقة شخصية مكتوب فيها أنه يمني، بل المقصود هنا بأهل اليمن من يصدق عليهم قوله صلى الله عليه وآله: “أتاكم أهل اليمن”، ثم قال عنهم: “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وقوله بأنهم نفس الرحمن، وهكذا استحق أهل اليمن المؤمنون أوسمة من سيدنا محمد صلوات الله عليه وآله، ثم استحقوا هذا التتويج بأن يكونوا هم أول من يشربون من ذلك الحوض.
وفقنا الله وإياكم بأن نكون ممن يحظون بهذا التكريم العظيم.