عضوُ الهيئة العليا لحزب الرشاد السلفي، الدكتور محمد طاهر أنعم، في حوار خاص لـ “المسيرة”: الاحتفاءُ بذكرى المولد النبوي الشريف يحدّدُ المسارَ الصحيحَ للهُــوِيَّة الجامعة للأجيال القادمة
أكّـد السياسي المعروف الدكتور محمد طاهر أنعم، مستشار المجلس السياسي الأعلى، وعضو رابطة علماء اليمن، أنَّ الاحتفاء بمناسبة المولد النبوي الشريف، له أبعاد ودلالات، أبرزها إرسال رسالة واضحة لأُولئك الذين يحاولون النيل من شخصية الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، وربط الأجيال القادمة بشخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قائدًا وقُدوة لأبناء الأُمَّــة، الارتباط الوثيق القائم على الهُــوِيَّة الإسلامية الجامعة للأُمَّـة، كما أمر الله بها، ورسم معادلة جديدة تحدّد مسار الشعب اليمني، ورسالة واضحة للأعداء.
المسيرة: حاورهُ – غالب المقدم:
– بدايةً سعادة المستشار تشاهدون تصاعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الذي يزداد زخمًا عاماً بعد آخر، كيف تقرؤون ذلك؟
الاحتفال بذكرى مناسبة المولد النبوي الشريف، أمرٌ طبيعي وامتداد لتاريخ طويل من الاحتفالات بالمناسبة منذ القرن الثالث الهجري، كما وجد كثير من المسلمين أنها سُنَّةٌ حسَنة فأخذوا بها واستمروا عليها حتى باتت الاحتفالات في معظم بلدان العالم الإسلامي والعربي من الفلكلور الثقافي الإسلامي، حتى أصبحت من الأمور المشهورة والمعروفة، وفي بلادنا اليمن الاحتفال بذكرى المولد النبوي له جذوره التاريخية العريقة الممتدة لقرون من الزمن.
حصل بعض التأخر والتراجع في العقود السابقة نتاج غلو بعض المتشدّدين المناهضين لفكرة الاحتفاء بالمناسبة، ولكنها لم تغب أَو يتم إلغاؤها؛ بل عادت بوهجها وإشراقها الجميل، وبزخم أكبر مما كانت عليه في السابق، كما نشاهده اليوم ونحن نمشي في شوارع صنعاء وحواريها، فالتفاعل الشعبي مع هذه المناسبة مطلوب وشيء جميل نشجِّعُه، ونأمل أن تصبحَ المناسبةُ عنوانًا بارزًا لجمع كلمة الشعب اليمني ولَــمِّ شمله بمختلف مكوناته وفئاته وأطيافه.
-هل يكون الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف من الدين؟ أَو هو بدعة ولا يجوز الاحتفال به كما يقولون؟ وما تعليقكم؟
يوجد العديد من الفقهاء الذين لديهم وجهات نظر تبدّع الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، بحجّـة أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتفل بمولده بحياته، ولا أهل بيته ولا الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وكان من هؤلاء الفقهاء فقهاء الحنبلية، كما أنَّ الوهَّـابية أخذت برأي الحنبلية، و”الإخوان المسلمون” كذلك، وحتى في السلفية هنالك من يرون أنَّ الاحتفال بدعة وغير وارد في الشريعة، والسبب يرجع إلى ارتباطهم بالجامعات السعوديّة ومراكز العِلم والهيئات والمؤسّسات وتأثرهم بها، المتبنِّية لذلك، لكنه يعد رأي الأقلية، ويخالف رأيَ الجمهور من الفقهاء والعلماء والمشايخ والدعاة والمحدثين من أهل السنة الذين يرون أنَّ الاحتفال أمرٌ محمود وسُنةٌ حسَنة، والعمل على إحيائها.
– مرت مرحلة من أعمارنا، وكانت تأتي مناسبة سيد البشرية كأنها لم تكن، إلا في ما ندر، برأيكم ما هي الأسباب التي أسقطت هذه المناسبة من واقعنا ومناسباتنا؟
الأسباب كثيرة، وكما أشرنا سابقًا يرجع بعضها للتوجّـهات السياسية، ولكن أغلبها تأتي ضمن الإطارات الدينية الضيقة الأكثر تشدّدا وتعصبًا لنفسها، وتحارب المخالف لها، ومع ذلك لم تسقط أبدًا حتى في أوج مراحل التشويه والمحاربة لها من قبل المتشدّدين، فشلت كُـلّ محاولاتهم ولم يفلحوا بذلك، صحيح أنها خفتت، ولكنها ظلت واستمرت، وخُصُوصاً في بلادنا اليمن، حَيثُ كانت المناطق الوسطى، وفي مقدمتها تعز، محافظة على الاحتفاء بذكرى المولد النبوي كما يليق بها، فهي لم تتوقف أبدًا، فالشعب اليمني محب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بطبعه وبفطرته الإنسانية السليمة.
– برأيك شيخنا الكريم، ما هي فوائد وفضائل الاحتفال بذكرى المولد؟ وماذا يجب أن تكون ثماره في واقع الأُمَّــة؟
الاحتفال بذكرى المولد النبوي تعبير حقيقي عن محبة الشعب اليمني لله ورسوله وكتابه، وارتباط فعلي لربط الأجيال الجديدة بالرسول صلوات الله عليه وآله، التي يُراد لها أن ترتبط بقدوات أُخرى غير شخصية الرسول، بمحاولة خلق قدوات من لاعبي كرة القدم والممثلين والفنانين وغيرهم من الشخصيات الممولة إعلاميًا عبر كافة الوسائل الممكنة والمتاحة، من قبل أعداء الأُمَّــة، فالاحتفال للمناسبة وتعظيمها وسيلة فعالة لربط الأُمَّــة كافة بشخصية الرسول كقائد عظيم للأُمَّـة الإسلامية وللبشرية جمعاء، من خلال إقامة الندوات والمحاضرات والخطب الدورية المُستمرّة حتى تترسخ بوجدان الشعوب، والشعب اليمني على وجه الخصوص.
– لاحظنا في الآونة الأخيرة نبرات وأصوات معارضة للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، وممن يحتفلون بها، تفسيركم، وما رأيكم شيخنا هل تعد المناسبة العظيمة محطة هامة توضح آثار الماضي، وفرصة حقيقية لاستنهاض الأُمَّــة في سبيل إرساء قواعد المنهج الصحيح للأُمَّـة؟
ارتفاع الصوت المعارض للاحتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف، له أبعاد كثيرة، منها السياسية والمذهبية، وما لوحظ في السنوات الثلاث الأخيرة أن هنالك توظيفًا للأصوات المناهضة للاحتفاء بالمناسبة سياسيًّا، أكثر من أي وقتٍ مضى، للهجوم على حكومة صنعاء من خلال قنوات التواصل أَو عبر الوسائل الأُخرى؛ بسَببِ العداء السياسي لحكومة صنعاء، ولهذا نجدهم يزدرون تعظيم الاحتفاء بالمناسبة.
– رسالةٌ تودون قولَها في هذه المناسبة العظيمة؟
رسالتنا: ندعو كافة أبناء الشعب اليمني للاحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، الاحتفال اللائق بها وبصاحبها قائدنا ونبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، وإحياءَها بقراءة سيرة رسولنا الكريم، كما أننا نأمل من الجميع نشر الدروس والمحاضرات في المساجد أَو في الأماكن الجامعة للناس، ليعرف العامة من الناس عظمة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وجهاده وأفعاله وحياته، وكلّ ما يختص به، حتى لا تضل الأُمَّــة طريقها الصحيح.