سيولُ العرم اليمانية في حضرة رسول الله
الاعتزاز خالد الحاشدي
نحن شعبٌ على حب الرسول وآله تعاهدنا، نحن الأوس والخزرج من لمحمد ناصرنا، نحن من احتضنه بفرح ولاستقباله تسابقنا، وهتفنا طلع البدر والسعادة تغمرنا، فاستبشر بشعب اليمن وقال هنا الإيمَـان في يمننا، وبشّر مسلمي الأرض بأن إذَا ثارت الفتن عليكم بأهل اليمن هم الأمن والحصن، وهم من إذَا ظهر قرن الشيطان سيكسرون القرنَ، نحن من جاهد مع رسول الله واستشهدنا، ومضينا على دربه ولنهجه اتبعنا، فالكون شاهد على بطولاتنا وهيبتنا، والعالم يشهد ماضينا وحاضرنا، نحن من أيد طه سابقًا والله الآن بنصره يؤيدنا، فلبيك رسول الله هتفنا وصرخنا.
من كشعب اليمن فخراً، هو لوحده في كفة التاريخ والعالم بأكمله في كفة أُخرى، في عهد رسول الله ومن قبل ومن بعد وإلى اليوم يمن الإيمَـان يمتاز بالترتيب الأول من جميع النواحي ويحافظ على مركزه من ناحية الدين، الحمية، الغيرة، الشجاعة، الصبر، القتال، الشهامة، الوفاء، الكرامة، النخوة، الأُخوَّة، التضحية، المواقف، الرجولة، لا يضاهيه أحد ولم تستطع شعوب العالم أن تكون مثله، فجميع إخوته العرب فقدوا كُـلّ هذه الخصال التي كان يجب أن تكون في كُـلّ عربي أَو في كُـلّ مسلم، لكنهم لم يستطيعوا الحفاظ حتى على خصلة واحدة من هذه الخصال التي هي الآن معروفة لدى كُـلّ يمني إلا من غضب الله عليه وَحرمه تلك الصفات.
إذن لماذا اختارنا الله لتكون سورة سبأ وأحداث نبيه سليمان فينا؟!
لماذا اختارنا رسول الله ليقول “إني لأجد نفس الرحمن من اليمن”؟!
لماذا اختارنا رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- ليكون الإيمَـان والحكمة فينا؟!
لماذا لم يختَر الله ورسوله مثلاً بلاد الشام وأهلها أَو العراق وأهلها أَو حتى مكة المكرمة؟!
فعلاً أسئلة محيرة تثير الجدل ولكن الجواب من وجهة نظري ومن خلال قياسي للواقع والأحداث هو ثقة رسول الله الشديدة فينا، فما رآه من مناصرة وتأييد من أهل اليمن له وتلبيتهم دعوته في الدخول للإسلام بدون أية حرب؛ عزز ثقته بنا ورأى بأننا الأجدر لنيل وسام الشرف في الدفاع عن الإسلام، وحمايته، ومناصرة دينه، وأهل بيته -عليهم السلام-، ونشر الإسلام، وقيادة جيش الإسلام ولم يخِب ظنه في شعب اليمن، نعم أثبتنا بأننا أهل لنيل ثقته بجدارة، فقد وجد فينا كُـلّ الصفات التي ذكرتها آنفاً، التي لم توجد في أي شعبٍ عربي.
أفلا يحق لنا أن نحتفل ونبتهج بمولده! بل يحق لنا نحن الشعب اليمني أكثر من غيرنا أن نحتفي بذكرى ولادته عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، تذكروا واقرأوا كُـلّ ما قاله عنا وانظروا هل يجب أن نحتفل بذكرى مولده أم لا.
ومن يقول بأن الاحتفال بمولدك يا رسولنا العظيم بدعة نقول له خسئت والله، وخسرت شرف الحب لرسول الله والاحتفال بذكراه، وأنت يا من صرحت بأنه بدعة تذكر بأنه عندما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من مكة إلى المدينة استقبله الأنصار فرحين به وهم يردّدون (طلع البدر علينا) حتى الحجارة استقبلته وهي تبكي من شدة الفرح ولم ينهَهم الرسول عن الاحتفال والإنشاد أَو حتى أوقفهم أَو قال لهم كفوا عن ذلك هذه بدعة، فبأي حق أنتم اليوم تصرحون أن الاحتفال بمولده بدعة!.
إذن حاول من سكن المرض قلوبهم أن يوقفوا سيول العرم اليمانية التي خرجت لتعظم شعيرة من شعائر الله وتفرح بيوم ميلاد نبيها الكريم، والحشود التي خرجت لإحيَـاء هذه النعمة والرحمة التي أرسلها الله لنا، خرجت من منطلق قول الله سبحانه وتعالى “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”، وصدق الله القائل: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).