“هم المفلحون”
طلال محمد الغادر
هذه الكلمات هي بشارة من رب العالمين لعباده الصالحين، ليست من منظِّرٍ أَو كاتبٍ أَو محللٍ أَو غيره، كذَلك ليست مقتصرةً على التعبد! لا إنما لها ما بعدها.
ولنعد إلى قوله عز وجل: “المفلحون”، لماذا هم مفلحون؟ وبماذا أفلحوا؟ وما النتائج المترتبة على ذلك؟
سياق الآية يدلل على علاقة المؤمنين بالنبي -صلوات الله عليه وآله وسلم- ليس الإقرار فحسب كما يدَّعي الكثير.
إذاً لا بُـدَّ من الإيمان به والذي يشمل التصديق، إيمانٌ عملي، إيمان واعٍ، هذا الإيمان هو الذي يجعلك بشكل تنقطع إلى النبي -صلوات الله عليه وآله- انقطاع أمام ما يعرض أمامك من رموز للضلال ومن مضلين خارجين.
إيمَـانٌ يدفعُك نحو علاقةٍ هامة جِـدًّا، وعلاقة متينة بين الاستجابة والإيمان به، الاستجابة متوقفة على الإيمان.
وهنا لا بُـدَّ من معرفته المعرفة الكاملة الصحيحة في كُـلّ الجوانب العملية لتتأسى به وتقتدي به، ولا بُـدَّ من تعظيمنا له -صلوات الله عليه وآله- من خلال التفاعل مع المناسبة ومن خلال قداسة النبي في قلوبنا، فهو ليس إنساناً عادياً ومن خلال كُـلّ ما نقوم به في هذه المناسبة.
((التعظيم الذي هو الغاية التي تُرَاد مِن خلال ترسيخ مبدأ كمال هذا الرجل -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- أن نُجِلَّه، أن نحترمَه، أن نعظِّمَه، أن نقدّره، أن نذوبَ في ولائنا له)) وكذَلك كيف أن الله دمج طاعة النبي من طاعته سبحانه وتعالى.
ونصروه، ((نصروه بحمل راية الحق، والوقوف في وجه الطاغوت والاستكبار، نصروه في مواجهة من يعادونه، ويعادون رسالته ودعوته، ويحاربونها بكل الوسائل والأساليب، نصروه وكان لهم موقفٌ واضح من المسيئين إليه، المعادين له، نصروه وهو أعظم مجاهدٍ في سبيل الله تعالى، وناصرٍ للحق والمستضعفين، وأعظم من صبر وضحى وثبت في أصعب الظروف، وفي مواجهة أكبر التحديات)).
ومن خلال هذه المواقف، تجلى لنا بما يكون الفلاح، ولنتأمل ما هي النتائج للفلاح، (ففي الدنيا: يحظون برعايةٍ عظيمةٍ من الله تعالى في أنفسهم، وفي حياتهم ومواقفهم، فالله يحبهم، ويعزهم، ويعينهم، ويوفِّقهم، ويهديهم، ويؤيِّدهم بنصره، ويمنحهم النجاح.. إلى غير ذلك من رعايته الواسعة، والحياة الطيِّبة).
ليست المعايير بالماديات ولا بالحصار من عدمه أَو توفر الراتب من عدمه ولا بتوفر الخدمات، وفتح المطارات وإن كانت ضروريات وحاجات أَسَاسية منعنا منها أعداء الله ورسوله، وهذا يقرب إلى أذهاننا ما عاناه الرسول -صلوات الله عليه وآله- والقلة القليلة من الصادقين الأوائل حينما فرض عليهم الحصار من الجاهلية الأولى، حينها لم يكن المعيار هو الماديات؛ لأَنَّ الله تعالى يقول لنبيه -صلوات الله عليه وآله-: “وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا”.
إذن من يحمل الهم الذي حمله النبي -صلوات الله عليه وآله- وينصر قضيته هو المفلح في الدنيا مهما كانت المعاناة.
وفي الآخرة: يأمنون يوم الفزع الأكبر، ويفوزون بالجنة ورضوان الله تعالى، ويصلون إلى السعادة الأبدية، ويحظون بالنجاة من عذاب الله، وهذا هو الفوز العظيم.
أمَّا غيرهم فخاسر، وما حصل عليه زائل، وعاقبته الخسران الأبدي، والخلود في نار جهنم والعياذ بالله تعالى.